الحج لبيت الله الحرام.. ومشاهد من العمل الجماعي

  • 135

- ما أعظمه من مشهد.. يبين سبيل الوحدة الإسلامية.. حيث يتهيأ في هذه الأيام الملايين من المسلمين يخرجون بشكل جماعي منظم، في مشارق الأرض وفي مغاربها لشد الرحال إلى البيت العتيق، ويستعدون لتلبية نداء الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام، {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم:37]. إنه الشوق والحنين إلى بيت الله الحرام، ذلك البيت المبارك الذي نؤمه كل يوم وليلة خمس مرات، وتتصل قلوبنا به عند كل صلاة، وتحن إليه أفئدتنا، وتهفوا إليه مشاعرنا وأحاسيسنا.

حري بكل مصلح يرى هذه المشاهد، ويحمل هم هذا الدين، وهم هذه الأمة، أن يسعي لاستنقاذ هذه الملايين، بل لاستنقاذ هذه الأمة بأسرها ..
- يجتمع الناس، ويقومون بأداء أول مناسك الحج "الإحرام" ولكل واحد ميقات على حسب موطنه، حيث قال صلى الله وسلم لمّا وقت هذه المواقيت "هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج أو العمرة".

- سبحان الله العظيم.. عمل جماعي منظم، فيلتزم جميع الحجيج بهذه المواقيت المكانية التي حددها النبي صلى الله عليه وسلم، أمير هذه الأمة .

- بل ومن أعظم هذه المشاهد الجماعية أيضا،، رفع الناس أصواتهم بالتلبية. والتلبية هي شعار الحجيج منذ نادى إبراهيم في الناس بالحج ممتثلاً قول الله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27].
فقد كان العرب في الجاهلية يحجون ويلبون، ولكنهم يلبسون حجهم وتلبيتهم بما كانوا عليه من الشرك بالله فيقولون: "ليبك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك".

وجاء النبي الخاتم ليعلن التوحيد وليقيمه في ربوع الأرض، فربى أصحابه رضي الله عنهم على روح الفريق الواحد، والتعاون على البر والتقوى، ففتح الله بهم البلاد، وارتفعت راية التوحيد في ربوع الأرض، وهدم أركان الشرك، ولبى بالتوحيد: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".

أسأل الله أن يجمعنا والمسلمين على كلمة التوحيد، وأن يؤلف بين قلوب الموحدين، وأن يرزقنا وإياهم تجاوز الشقاق بتحقيق التوحيد وتكميله، كما أشار ربنا جل شأنه في قوله: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92]. فعقَّب بذكر التوحيد لما ذكر وحدة الأمة، ونحوه قوله سبحانه: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: 52].