دعوات تأجيل وإلغاء الانتخابات البرلمانية تقابل رفضًا واسعًا في الأوساط السياسية

  • 110
صورة أرشيفية

«النور»: إجراء الانتخابات في موعدها يُثبت المصداقية ويكمل خارطة الطريق.. و«موسى» يؤكد: التأجيل يهدد المسيرة التي توافق عليها الشعب بالتفكك

حالة من التخبط السياسي والانقسام تشهدها الساحة السياسية المصرية بعد فشل التحالفات التي ظهرت على الساحة مؤخرًا في ترتيب صفوفها وتكوين تكتلات قوية لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، والاستحواذ على نصيبٍ كبيرٍ من مقاعد البرلمان، ذلك التخبط جعل البعض يطالب بتأجيل الانتخابات لمدة عام؛ بحجة عدم جاهزية الأحزاب السياسية في الوقت الراهن لخوض غمار الانتخابات، وذهب البعض الآخر أبعد من ذلك بالمطالبة بإلغاء البرلمان تمامًا؛ معتبرًا إياه ديكورًا يعجب الخارج ويضر الداخل.

ويعد أبرز السياسيين المطالبين بالتأجيل، جمال زهران، المتحدث باسم ائتلاف تحالف «العدالة الاجتماعية» الانتخابي، الذي طالب بتأجيل الانتخابات لمدة عام؛ بحجة تجهيز البيئة السياسية، وتجهيز النواب المناسبين؛ خوفًا من أن يأتِ برلمان متعجل يقضي على أحلام الثورة. ووافقه الرأي طلال الجمل، منسق عام حملة «مصر بتناديك»، مطالبًا بالتأجيل لمدة عام؛ بدعوى عدم إرهاق ميزانية الدولة في صرف المليارات على العملية الانتخابية؛ والتخوف من حصول بعض أعضاء جماعة «الإخوان» والجماعات الإسلامية على مقاعد في البرلمان.

إلا أن تلك الدعوات لم تجد صدى عند الأحزاب والقوى السياسية التي طالبت بإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها، رافضةً التأجيل والإلغاء؛ حيث أكد الدكتور محمد إبراهيم منصور، الأمين العام المساعد لحزب النور وعضو المجلس الرئاسي للحزب، أن الحزب يرى أن تتم الانتخابات في موعدها؛ لأن إجراء الانتخابات في موعدها يثبت المصداقية ويكمل خارطة الطريق ويأذن باستكمال مؤسسات الدولة، ونخرج بذلك من المرحلة الانتقالية التي طالت، والتي لا ينبغي أن تطول بهذه الطريقة ولا أكثر من ذلك، نخرج منها إلى مرحلة بناء الدولة البناء الحقيقي المتكامل.

وأضاف «منصور» - في تصريحات خاصة لـ «الفتح» - أما المطالبات بالتأجيل بحجج كثيرة أمر لا ينبغي الاستماع أو الالتفات إليه؛ لأن هذه الحجج بعد سنة أو اثنين أو ثلاثة أو عشرة ستظل باقية ولن تزول، فالموجود اليوم هو الموجود غدًا وبعد غد، فالتأجيل بهذا معناه الإلغاء لأن الحجج لن تزول إلا أن تكون هناك محاولة للدخول في أعمال وأمور مخالفة للدستور.
واستنكر عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين لتعديل الدستور، الدعوات المطالبة بتأجيل الانتخابات خلال الفترة الأخيرة، وذهاب البعض إلى المطالبة بصرف النظر عنها كليةً؛ بحجة أن الأمر لا يعدو أن يكون ديكورًا يعجب الخارج ولكنه يخرب الداخل، مشيرًا إلى أن هذا الكلام يعني طعن الحركة السياسية التي بدأت مع 30 يونيو وتبلورت في 3 يوليو تأييدًا للمشير عبد الفتاح السيسي - عندما كان وزيرًا للدفاع - ويعني أيضًا المطالبة بإعادة النظر في المسيرة التي توافق عليها الشعب كلها، بل وتهديدها بالتفكك، وهو أمر خطير؛ فالعهد الجديد نتاج ثورة وفكر وخطة تقوم على الديمقراطية والخطوات المحددة في خارطة الطريق، مؤكدًا أن الكلام في تأجيل أو إلغاء الانتخابات يتعارض مع ذلك.

وطالب «موسى» المنادين بتأجيل الانتخابات بعدم الخشية من الديمقراطية، قائلًا: "مهما كانت التحفظات أو التوقعات الخاصة بالبرلمان القادم، فإنها مسيرة سوف تصقل المجتمع السياسي المصري، وبدونها سوف تعود مصر أدراجها بعيدًا عن المسار الجديد وعن ثورة 25 يناير و30 يونيو"، لافتًا إلى أن الدستور المصري وثيقة مهمة ومتميزة، ولا مبرر للتقليل الممنهج منها بهدف الوصول لتسويات أو رؤى معينة، فالدستور نتاج توافق مصري حقيقي حظي بإجماع غير مسبوق من الشعب؛ وهو لا ينتقص من سلطات الرئيس فهو رأس الدولة صاحب السلطات الأعلى، ولا يبالغ في سلطات البرلمان؛ فهو ممثل الأمة والذراع التشريعي والرقابي للسلطة.

وعن وجهة النظر الدستورية والقانونية في تأجيل الانتخابات البرلمانية، أوضح الدكتور طلعت مرزوق، مساعد رئيس حزب النور للشئون القانونية، أن اللجنة العليا للانتخابات هي صاحبة الحق في التأجيل الجزئي أو الكلي للانتخابات؛ وذلك طبقًا للمادة رقم (39) من قانون مباشرة الحقوق السياسية، والتي تنص على: «تصدر اللجنة العليا قرارًا بتحديد مواعيد الانتخاب والاستفتاء، على أن تحدد هذه المواعيد خلال 30 يومًا على الأكثر من تاريخ دعوة الناخبين إلى الاقتراع. ويجوز للجنة – في حالة الضرورة – تأجيل إجراء الانتخاب أو الاستفتاء في إحدي المراحل أو في كامل أنحاء البلاد أو في منطقة محددة، وذلك حسب الأحوال. وتُنشر في الجريدة الرسمية القرارات الصادرة بدعوة الناخبين إلى الاقتراع وتحديد مواعيد الانتخاب والاستفتاء أو التـأجيل وأسبابه».

وعن رأيه في دعوات المطالبين بالتأجيل، استنكر «مرزوق» - في تصريحات خاصة لـ«الفتح» - تلك الدعوات، مؤكدًا أنه تم ترديدها قبل انتخابات عام 2011 م، وما زالوا يرددونها حتى الآن، متعجبًا، إذا كانت ثلاث سنوات وأكثر لم تكف لجعلهم مستعدين لخوض الانتخابات البرلمانية، فمتى يستعدون إذن؟! مضيفًا أنه إذا كان الحق في التأجيل متروكًا للجنة العليا للانتخابات، فإنه قد صرح مصدر مسئول باللجنة، يوم الأحد الماضي بأن بدء إجراءات الانتخابات سيكون في أكتوبر من العام الجاري.