في 9 نقاط.. "برهامي" يوضح مظاهر وأشكال القسوة في حياتنا

تعرف على الاسباب وطرق العلاج

  • 717

حذر د. ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة اللسفية، من تعدد مظاهر القسوة في حياتنا بطرق غير مسبوقة.

وبيّن "برهامي" في مقال له، أن أشكال متعددة للقسوة في حياتنا، مستشهدًا بقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ الْهَرْجَ)، قَيلَ: ومَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: (الْكَذِبُ وَالْقَتْلُ)، قَالُوا: أَكْثَرَ مِمَّا نَقْتُلُ الْآنَ؟ قَالَ: (إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمُ الْكُفَّارَ، وَلَكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ، وَيَقْتُلَ أَخَاهُ، وَيَقْتُلَ عَمَّهُ، وَيَقْتُلَ ابْنَ عَمِّهِ). قَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ! وَمَعَنَا عُقُولُنَا؟ قالَ: (لَا. إِلَّا أَنَّهُ يَنْزِعُ عُقُولَ أَهْلِ ذَاكُم الزَّمَانِ حَتَّى يَحْسَبَ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ عَلَى شَيْءٍ وَلَيْسَ عَلَى شَيْءٍ) (أخرجه أحمد وابن ماجه بنحوه، وصححه الألباني)، وصارت أخبار القتل بيننا، وكذا الجَرح واستعمال السلاح والضرب والتعذيب حتى في الخصومات الشخصية، فضلًا عن مواقع التعذيب في أماكن الاحتجاز وأثناء التحقيق -ليس فقط من أصحاب السلطان؛ بل في تعامل الجماعات المسلحة بعضها مع بعض ومع المدنيين-، وكذلك حوادث الاغتيال والتفجير، والقتل البَشِع.

وأضاف أن الحروب الظالمة نفسها، والتي يُقتل فيها الملايين لأجل أن تكون أُمَّةٌ هي أَربَي مِن أُمَّةٍ، ولأجل أن يَعلو بعضُ الناس على بعضٍ ويبغي بعضهم على بعض على أسس العرقية الجاهلية، يَنصر الرجل لِعَصَبَةٍ ويغضب لعصبة، أو على أساس المصالح الاقتصادية، ولأن يزداد الأغنياء الأقوياء غِنَى، ويَزداد الفقراء ضعفًا وفقرًا، ومرضًا، وجوعًا وعطشًا؛ هذه الحروب هي مِن مظاهر القسوة البالغة، وانتشار الاغتصاب والشذوذ الجنسي، والاعتداء على حُرُمات الناس تحت تهديد السلاح، هو مِن أعظم مظاهر القسوة في مجتمعاتنا وحُروبنا هذا الزمان.  

وتابع نائب رئيس الدعوة السلفية قائلاً: " أن هذه المظاهر لم تقتصر على الأبدان والأسلحة؛ بل في الكلام أيضًا، والذي بدأ به النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديثَه في تفسير الهَرج فقال: (الْكَذِبُ وَالْقَتْلُ)، والكذب نوع من الاعتداء والقسوة على المُخَالِف، والذي يَستغل الكذاب به طيبة نفسه وسذاجته، وكونَه لا يَفترض إلا الصدق فيمَن يحدثه حتى يوصل إليه المعلومة الكاذبة ليضره بها أو يضر غيره".

وألمح أن هناك أخرى وهى القسوة في الكلام، مثل اللعن والسب والقذف والشتم، قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْر) (متفق عليه)، وقال: (لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ) (متفق عليه)، وقال: (لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الفَاحِشِ وَلَا البَذِيءِ) (رواه أحمد الترمذي، وصححه الألباني).

وأكد د. ياسر برهامي، أن الغيبة والنميمة من مظاهر القسوة في الكلام، ولقد لعِبَت وسائل التواصل الاجتماعي أسوأ دَور في نشر القسوة الكلامية والكتابية التي تُدَمِّر الأمم وتُشقي الشعوب؛ لأن القسوة عذابٌ لصاحبها قبل أن تكون عذابًا للمعتَدى عليه، قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا)، كما أن التكفير أحد أخطر مظاهر قسوة الألسنة، قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ: يَا كَافِرُ فَهُوَ كَقَتْلِهِ) (رواه البزار والطبراني، وصححه الألباني).

واستدرك: أما القسوة في القلوب فهي أَخْطَر وأشد، وهي تشمل القسوة في الجانب الديني، وأشد مظاهرها: تحريف الكَلِم عن مواضِعِه، ونسبة ما ليس مِن الدين إلى الدين والشرع؛ إما لفظًا وإما معنى؛ وبهذا حُرِّفت أديان وكَفَرت أقوامٌ، قال -تعالى-: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ . فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).

وأوضح نائب رئيس الدعوة السلفية، أن البِدَع والفتاوى الباطلة، والأحاديث الموضوعة المكذوبة، علامة على القسوة في القلوب؛ إذ هي من أعظم أسبابها؛ ولذا نجد أن أقسى الناس في التعامل مع المسلمين -بل وغيرهم-، أشد الناس بدعة، ومنهم مَن هو خارج عن المِلَّة: كالقرامطة، والباطنية، والعَلَوِيّين، ووقائعهم عبر الزمان معلومة أثناء استيلائهم على بلد الله الحرام، وقتلهم الحُجّاج ورمي جثثهم في ماء زمزم، وتعطيلهم هذه المناسك التي شرع الله -عَزَّ وَجَلَّ- أن تُؤَدَّى في الجاهلية والإسلام، ثم اقتلاعهم الحجر الأسود وأخذه إلى بلادهم عشرين سنة حتى رُدَّ إلى موضعه من بيت الله الحرام!

وكذلك أثناء استيلاء الفاطميين على مصر وارتكابهم فيها الفظائع، مِن سَلْخ جلود مَن حَذَّرَ منهم مِن العلماء حتى رحمه اليهودي الذي كان يَسلخه فقَتَلَه، وأيضًا العلويون في الأزمنة المختلفة في أواخر الدولة العثمانية.

وتابع: "لا شك أن قسوة الملحدين المُشَارِكين لهؤلاء كانت من أشد أنواع القسوة؛ فإذا أردت أن تتأمل قسوة الملحدين، فانظر إلى ما فعله الروس إبان دولة الاتحاد السوفيتي في بلاد المسلمين؛ فالثورة البلشفية قامت على جثث عشرين مليونًا مِن البشر، معظمهم من بلاد المسلمين، وكذا ما فعله "تيتو" في إقامة الاتحاد اليوغسلافي -الذي تحلل بعد ذلك-؛ فقتل خمسة ملايين من المسلمين في البوسنة والهرسك، وباقي بلاد الاتحاد، وكذا ما وقع في بلاد القوقاز أيام "ستالين" وفي العصور الحديثة من أجل قهر هذه الشعوب، وكذلك ما فعله الصينيون في التركستان الشرقية قديمًا وحديثًا؛ كل هذا يزيد على ما عَلِمَه العالَم مِن قسوة محاكم التفتيش في الأندلس".