"آفة" العصر الحديث.. التغير المناخي يضع الحاصلات الزراعية في مرمى الخطر

  • 396
التغير المناخي

التغير المناخي "آفة" العصر الحديث

الدلتا أولى المتضررين.. والحاصلات الزراعية في مرمى الخطر

يبدو أن مصر لن تسلم من التغييرات المناخية التي تضرب الكرة الأرضية، حيث تشير الدراسات إلى أن منطقة الدلتا ستكون الأكثر تأثرًا بالتغير المناخي، وأن هذه المنطقة عرضة للغرق في حال ارتفاع منسوب مياه البحر المتوسط ولو 50 سم فقط!

أكد الدكتور عادل البلتاجي، وزير الزراعة الأسبق، أن ارتفاع منسوب مياه البحر المتوسط 50 سم ينتج عنه هجرة 3 ملايين نسمة من سكان الدلتا، أما إذا ارتفع منسوب المياه مترًا؛ فإن ذلك سيؤدي إلى هجرة 6 ملايين نسمة من سكان الدلتا والمناطق المتضررة من حدوث هذا التغير المناخي.

وأوضح البلتاجي أن تأثر مصر بالتغير المناخي لن يتوقف عند هجرة أهالي المناطق المتضررة من الغرق، بل سيمتد الأمر إلى المنشآت والمناطق الصناعية، مؤكدًا أن التغيير المناخي قد يضر بمدينة المحلة الكبرى ويحولها من مدينة صناعية إلى مصيف، حيث تصبح مطلة مباشرة على البحر المتوسط بعد ارتفاع منسوب المياه تأثرًا بالتغييرات المناخية، كما حذر من تأثر الحاصلات الزراعية بالتغير المناخي؛ الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الفاقد ونقص الإنتاجية بمعدل قد يصل إلى 50%، (بحسب قوله).

بدوره، قال رائف تمراز، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، إن وزارة الري أدركت خطورة التغييرات المناخية ومخاطر ارتفاع منسوب مياه البحر؛ لذلك هي تعمل على حماية الشواطئ ورفع مناسيب الشواطئ، كما تمتلك وزارة الزراعة مركزًا بحثيًا تحت مسمى "التغييرات المناخية" وإن كان الأخير يحتاج إلى مزيد من التفعيل والتطوير لمواكبة التغير المناخي والنتائج المترتبة عليه. 

وشدد تمراز على ضرورة الارتقاء بمركز التغييرات المناخية التابع لوزارة الزراعة، بحيث يتواصل مع الفلاح بشكل يومي، ويطلعه على المستجدات والتغييرات التي تطرأ على درجات الحرارة، موضحًا أن ذلك من شأنه توضيح الرؤية أمام الفلاح، وهل سيلجأ إلى الزراعة عن طريق الغمر، أم سيلجأ إلى الزراعة عن طريق الصوب الزراعية؟؛ الأمر الذي يضمن للفلاح الحفاظ على إنتاجية الفدان بل ورفع الإنتاجية كذلك.

وشدد على أهمية مساعدة الحكومة للفلاح من خلال تبني سياسة الصوب الزراعية التي لا تتأثر بالتغييرات المناخية، مشيرًا إلى أن إنتاجية الفدان من الأرض المصوبة "الصوب الزراعية" تساوي 5 أضعاف إنتاجية الفدان من الأرض الزراعية العادية، فضلا عن أن النوع الأول من الزراعات "الصوب" يوفر 40% من المياه، خاصة أننا نعاني من مرحلة الفقر المائي.

وأشار تمراز إلى أن الدلتا هي المنطقة الأكثر عرضة للتأثر بالتغير المناخي، ومن ثم لا بد من تحديث طرق الزراعة والري بهذه المنطقة، مشددًا على أهمية إدخال الصوب الزراعية والري المطور للدلتا، فتعمل الصوب على زيادة الإنتاجية، فيما يعمل الري المطور على توفير المصارف والمراوي؛ وهو ما يعني زيادة المساحة الزراعية كذلك، بعد الزراعة فوق المساحة التي كانت فوق المصارف وشبكات الري المستحدثة.

كما طالب تمراز الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة ومركز البحوث الزراعية، بوضع "أمبير" في الأراضي الزراعية لمعرفة درجة حرارة الأرض، ومعرفة الفترة التي يجب فيها ري الأرض ومدتها، لافتًا إلى أن بعض الفلاحين يروون أراضيهم بدون علم؛ فمنهم من يروي أرضه كل 10 أيام، ومنهم من يروي أرضه كل 15 يومًا، لكن عند وضع هذا الأمبير في الأرض الزراعية سيعطي مؤشرًا للفلاح بالفترة التي يجب أن يروي أرضه وفقها.

ودعا عضو لجنة الزراعة، إلى تشكيل صندوق لدعم الفلاح، يتم تجميع موارده من المستوردين للآلات الزراعية أو المصدرين للحاصلات الزراعية أو مصانع المبيدات، ومن كل الذين يستثمرون في المجال الزراعي، حيث يتم تخصيص هذا الصندوق لدعم الفلاح الذي يتضرر من التغييرات المناخية وتأثر إنتاجية أرضه.

كما دعا إلى ضرورة تثقيف الفلاح، وعقد دورات تثقيفية للفلاحين حول طرق الزراعة والري الحديث، مطالبًا بتفعيل دور الإرشاد الزراعي في إطلاع الفلاحين على كيفية استخدام الطرق الحديثة والتعامل معها، فضلا عن إجراء عينات أمام الفلاح وإطلاعه على نتائج هذه التجارب والعينات.

من جهته، قال محمود هيبة، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، إن التغييرات المناخية أمر واقع لمسناه في الأونة الآخيرة، مشيرا إلى أن هذا التغير المناخي أثر بالفعل على الحاصلات الزراعية وتوقيتاتها، لكنه لم يؤثر عليها من الناحية الإنتاجية؛ حيث تظل الإنتاجية ثابتة كما هي، لكن التأثر كان ملحوظا في التوقيتات والمواعيد الخاصة بزراعة المحصول وبذر البذرة في الأرض، مستشهدا بمحصول القطن الذي كان يعد 30 مارس آخر موعد لزراعته، لكن مع التغير المناخي امتدت زراعة القطن حتى شهر يونيو.

وأوضح هيبة أن بعض الحاصلات الزراعية قد تتأثر بموجات السقيع أو الحرارة، ومنها محصول الطماطم، وكذلك محصول الفاكهة عموما والموالح منها على وجه الخصوص، لكنها مجرد مواقف عرضية وليست ظاهرة عامة، مشيرا إلى وجود طريقة تساعد الفلاح على حماية حاصلاته ألا وهي ترطيب الأرض، موضحا أن ترطيب الأرض قبل أي موجة حارة يحمي الأرض من التأثر أو التضرر.

وشكك عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، في الدراسات التي تشير إلى تداخل المياه الجوفية مع مياه البحر؛ لافتا إلى وجود توقعات وتكهنات لكنها لا ترقى للدراسات المؤكدة، حيث لا توجد نتيجة واحدة تؤكد أو تبرهن على تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية، علاوة على بعد أماكن الآبار عن البحر، ومن ثم فلا بد من دراسات يقينية أولا قبل أن يتم ترويع الناس أو تخويفهم من أشياء لا تخرج عن كونها مجرد توقعات وتكهنات.