• الرئيسية
  • الأخبار
  • ما قاله ممثل الأزهر في أفغانستان عن دور "مدرسة الأحناف" في خدمة الفقه الإسلامي!

ما قاله ممثل الأزهر في أفغانستان عن دور "مدرسة الأحناف" في خدمة الفقه الإسلامي!

  • 509
عبد المنعم فؤاد، ممثل الأزهر الشريف بمؤتمر أفغانستان

أفغانستان تعقد مؤتمرًا دوليًا عن "مدرسة الأحناف" ودورها في خدمة الفقه الإسلامي

ممثل الأزهر لـ"الفتح": الوسطية ورفض الغلو من أعظم ما تميزت به الأمة الإسلامية

متخصصون: الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة.. وإمامته في الدين لا ينازعه فيها إلا جاهل


أطلقت وزارة الحج والإرشاد والأوقاف الأفغانية، أولى فعاليات المؤتمر العالمي، للتعريف بإسهامات الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان ودوره في خدمة الفقه الإسلامي، وذلك في العاصمة الأفغانية كابول.

استمر المؤتمر على مدار يومين متتاليين، بمشاركة وفود من أكثر من 20 دولة، عربية واسلامية، كما شارك في المؤتمر وفد ممثل للأزهر الشريف، للحديث عن إسهامات المدرسة الحنفية في الفقه الإسلامي.

ممثل الأزهر يشيد بمؤتمرالإمام الأعظم

أشاد الدكتور عبد المنعم فؤاد، ممثل الأزهر الشريف بمؤتمر أفغانستان، والمشرف العلمي العام على الأروقة الأزهرية بمصر، بمكانة الإمام أبي حنيفة، ومدرسة الأحناف ودورها في الفقه الإسلامي، مؤكدًا على ضرورة الاهتمام بالفقه الحنفي.

وقال فؤاد في تصريح لـ"الفتح"، إن الأمة الإسلامية تميزت بميزات عظيمة من أكبرها، الوسطية وعدم الغلو، وهذا هو ما تمثله مدرسة الأحناف وفقه الإمام أبي حنيفة، وغيره من المدارس الفقهية العظيمة التي تحارب الطرف والغلو، وترفض أفكار التكفير وسفك الدماء البريئة، مما يعمل على استقرار المجتمعات، وعدم تكديرها.

وأوضح ممثل الأزهر الشريف بمؤتمر أفغانستان، على أن أهم رسائل الأزهر وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، بالمؤتمر العالمي الذي انعقد بأفغانستان، كانت حول تحذير شباب الأمة الإسلامية من خطورة الغلو، ومغبة الاحتراب وسفك الدماء.

وأشار، إلى أن من يحل الحرام هو في التطرف مثل من يحرم الحلال، فهذا تطرف وغلو، وهذا ايضا تطرف وغلو، نهى عنه الإسلام العظيم، وأن مهمة العلماء والأدباء في مصر وغيرها عظيمة، لمجابهة التكفير والتطرف والإرهاب والتشدد بالفكر والدعوة إلى التمسك بمنهج الإسلام الوسطي، وتراث العلماء والفقهاء.

فقيه الملة وعالم العراق

وفي نفس الصدد يقول الشيخ خالد منصور عضو الجمعية العمومية بالدعوة السلفية، إن الإمام أبو حنيفة رحمه الله، هو فقيه الملة عالم العراق، وآية من آيات الله في فقه النفس ورجاحة العقل و"أحد أذكياء العالم"، قال الشافعي: قيل لمالك: هل رأيت أبا حنيفة؟ قال: نعم رأيت رجلًا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبًا لقام بحجته!.

وأضاف منصور لـ"الفتح"، أنه رحمه الله كان صاحب عقلية فذّة ولياقة فقهية نادرة وصدر يسع المخالف برجاحته، كيف لا؟ وهو القائل: "نقول القول اليوم و نرجع عنه غدًا ونقوله غدًا و نرجع بعد غد"، ليضع بذلك "منار الرسوخ في العلم" لمن أراد اقتحام المتشابهات، فقد كان -رحمه الله- كما صورته لنا عين صاحبه أبي يوسف "ربعة، من أحسن الناس صورة، وأبلغهم نطقا، وأعذبهم نغمة وأبينهم عما في نفسه"، وعن المبارك قال: ما رأيت رجلا أوقر في مجلسه ولا أحسن سمتًا و حلمًا من أبي حنيفة، مع ما استفاض عنه من ورع و تقى و تفضل على إخوانه.

وأكد منصور، على أن الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة، فالإمامة في الفقه ودقائقه مُسلّمة إلى هذا الإمام بلا شك، كما قال فقيه الدنيا الإمام الشافعي، ولقد كان أبو حنيفة رحمه الله ، يطرح (المسألة) على أصحابه و تلامذته، حتى إذا أعيوا في الجواب عنها جاءهم فيها (بالعجائب) من التأصيل والتفصيل، فإن وجد لها أصلا في كتاب الله فذاك، وإلا (صال و جال في رحابة القياس و الإلحاق) فاستخرج من الدليل ما يخفى على البصير.

وتابع، كان أبو حنيفة رحمه الله إمامًا لا يُنازع وفقيها لا يُضارع، استعاض عن (نضوب معين الآثار الروايات) (بغزارة عين القياس والاستنباط)، وقد ربّى الإمام أبو حنيفة زمرة من شموس الفقه والفكر الإسلامي المتين أمثال (محمد بن الحسن) و(أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم) و(ظفر)  وغيرهم، وقد كان لهم آثار عظيمة في خدمة الفقه الإسلامي بعامة و فقه "السياسة الشرعية" بخاصة. 

وأشار منصور، إلى أن المذهب الحنفي كان هو المذهب الرسمي لدولة الخلافة طيلة عشرة قرون متتالية ( 100 عام)، وذلك من أوائل الدولة العباسية إلى نهاية الخلافة العثمانية 1924م، ولذلك كان أكثر القضاة في التاريخ على المذهب الحنفي، وكانوا من أخبر الناس بأمور (الملك والسلطنة) و(الحرب والمهادنة) و(إدارة الموارد و الأموال)، والناظر في اختيارات (شيخ الإسلام ابن تيمية) في دقائق مسائل السياسة الشرعية، يجد أنه يختار غالبا (من روايات مذهب أحمد ما كان موافقا لمذهب أبي حنيفة، فالمدرسة الحنفية أعرق مدارس الرأي على الإطلاق،  لكم كنت أتألم لقلة حظهم من نصوص السنة وعراقة الآثار والروايات ، ولكني أعود فأسلي ألمي بما قاله رسولنا الكريم: "رب حامل فقه ليس بفقيه، رب مبلغ أوعى من سامع، رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه".

طلب العلم من أعظم القربات

يقول الدكتور زين العابدين كامل عضو مجلس شورى الدعوة السلفية بمصر، لا شك أن طلب العلم من أعظم القربات لمن صلحت نيته، ومن أشرف علوم الشريعة وأنفعِها وأعظمهاعلم الفقه بالأحكام الشرعية، ولعل طلب علم الفقه على مذهب واحد له مزايا  وفوائد جليلة، من أهمها تكوين الملكة الفقهية عند طالب العلم، و أما من حيث العمل، فإنه يكون بما يصلح لأن يكون دليلاً لحكم شرعي، وذلك وفق الضوابط  والقواعد العلمية المعروفة.

وأضاف كامل لـ"الفتح"، أن مادة الفقه الإسلامي تمثل الحياة العملية والسلوكية للمسلمين، ولا شك أن فروع الفقه كثيرة، فهناك فقه الأحكام  و فقه المقاصد والنيَّات، وفقه الموازنات والأوليَّات، وفقه الاختلاف، وفقه الواقع، وفقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفقه الدعوة، وفقْه الثوابت والمتغيِّرات وغير ذلك.

وتابع،  يُعد المذهب الحنفي من أعظم المدارس الفقهية، وأول من كتب في الفقه الحنفي هو أبو يوسف القاضي، ولقد اهتم العلماء بالفقه الحنفي على مر العصور، وقاموا بتأليف المتون الفقهية التي تلخص آراء المذهب ليسهل على طالب العلم تعلمها.

وأوضح كامل، أن المتون الفقهية المعتمدة في المذهب الحنفي أربعة :" مجمع البحرين وملتقى النيرين" لمظفر الدين أحمد بن علي المعروف بابن الساعاتي رحمه الله تعالى، ثم " كنز الدقائق "للإمام أبي البركات عبد الله بن أحمد النسفي رحمه الله تعالى،  ثم " وقاية الرواية في مسائل الهداية " للإمام تاج الشريعة المحبوبي رحمه الله تعالى،  ثم " المختار للفتوى " لأبي الفضل عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي رحمه الله تعالى.

مراعاة البعد الإنساني في المدارس الفقهية

وأردف، لقد اهتم الفقه الحنفي وغيره من المدارس الفقهية بجانب البعد الإنساني والذي يتمثل في رفع الضيق والمشقة عن المكلفين، بما يتلائم ويتناسب مع طبيعة النفس البشرية وضوابط الشريعة، وكان الإمام أبو حنيفة رحمه الله من أوائل العلماء الذين فطنوا واهتموا بجانب البعد الإنساني، وذلك بما وهبه الله إليه من ملكة فقهية وفهم شمولي دقيق لمقاصد الشريعة الإسلامية، وهذا يدل على عمق رؤيته وفهمه للنصوص وتدبره للأحكام، ومراعاته لحفظ مصالح العباد، وهو أمر يُعد من أهم مقاصد الشريعة، لذا جاء الشرع بالنهي عن التعدي على النفوس والأموال والأعراض، وعن الغصب والظلم،  وعن الجناية على النفس أو العقل أو النسل أو المال.

وأكد كامل، أننا لذلك نرى أن الفقه الحنفي قد راعى الجانب الإنساني في كثير من مسائل الفقه، فعلى سبيل المثال:اعتبر الحنفية أن خروج المني من الرجل أوالمرأة لا يوجب الغسل إلا إذا خرج بشهوة، وهو بذلك قد راعى التيسير في أمر الطهارة والعبادة، و في المذهب الحنفي أيضا أن زكاة الفطر لا تجب إلا على من ملك النصاب،ونرى في الحدود أن المذهب الحنفي أوجب الجلد فقط على البكر ولا يجمع بين الجلد والنفي خارج البلاد، وكذا يرى الأحناف جواز الرجوع في الإقرار بارتكاب جريمة الزنا، وذلك قبل إقامة الحد عليه، وكذا يرى أبو حنيفة رحمه الله في حد من شرب الخمر،أن السكران هو من زال عقله بالفعل وهو لا يفرق بين السماء والأرض أو بين الرجل والمرأة، وكذا في مسألة إقامة الحد على من تكررت منه جريمة السرقة، فالأحناف يرون أنه لو سرق في الثالثة لا تقطع  يده اليسرى ،وفي الرابعة لا تقطع رجله اليمنى،بل يتم حبسه حتى يتوب،وكذا في مسألة قتل المسلم بالكافر قصاصاً، يرى الأحناف أنه لا اعتبار للجنس أو العقيدة ويكفي المساواة في الإنسانية.

وأشار عضو شورى الدعوة السلفية، إلى أننا هنا لسنا بصدد مناقشة الراجح في هذه المسائل ولكننا أردنا أن نسلط الضوء على معنى مراعاة الجانب الإنساني في الفقه الحنفي، لذا نقول أن أبا حنيفة رحمه الله ، هو إمام مدرسة الرأى، وهو فقيه الأمَّة، وأحد الأئمَّة الأربعة الكبار وأولهم،لذا أثنى العلماء عليه،قال عليُّ بن عاصم: "لو وُزن علم أبي حنيفة بعلم أهل زمانه لرجح عليهم".وقال حفص بن غياث: "كلام أبي حنيفة في الفقه أدقُّ من الشَّعر، ولا يعيبه إلا جاهل".وسئل الأعمش عن مسألة فقال: "إنَّما يُحسن هذا النعمان بن ثابت الخزاز، وأظنُّه بورك له في علمه".

وقال ابن المبارك: "أبو حنيفة أفقه الناس".وقال الشافعيُّ : "الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة" وقد علق الإمام الذهبيُّ على تلك الأقوال قائلاً : "الإمامة فى الفقه ودقائقه مسلَّمة إلى هذا الإمام، وهذا أمر لا شك فيه" وها هو التاريخ يقص علينا المحنة التي تعرض لها الإمام رحمه الله، لقد عاصر  أبو حنيفة عهدين مختلفين ، العصر الأموي وفيه وُلد الإمام، ونشأ وترعرع، وجالس العلماء الكبار، وفيه أيضًا بلغ حد الإمامة،وأصبح له تلاميذ وأتباع ، ثم عاصر الدولة العباسية، التي قامت على أشلاء الدولة الأموية،  و كان الإمام أبو حنيفة عازفًا عن المناصب الدنيوية، وخاصة المناصب التي يكون صاحبها قريبًا من السلاطين و الحكام والأمراء، لذلك لما عرض ابن هبيرة والي العراق في أيام الخليفة الأموي يزيد بن الوليد ، على الإمام أبي حنيفة منصب القضاء بالكوفة رفض أبو حنيفة بشدة؛ فما كان من ابن هبيرة إلا أن ضرب الإمام وجلده؛ فلم يُزِدْ ذلك الضرب أبا حنيفة إلا إصرارًا على رفض تولي المنصب، ثم تكرر نفس الطلب من أبي جعفر المنصور في العصر العباسي، فقال أبو حنيفة:أنا لا أصلح لهذا المنصب، ومن هنا تبدأ رحلة السجن والتعذيب والتضييق والتشديد على الإمام،ويتوفى الإمام أبو حنيفة رحمه الله في سجنه في رجب سنة 150هـ، 

 ولعل هذه المحنة التي تعرض لها الإمام لهي خير دليل وبرهان على صدق الامام وإخلاصه لربه تعالى، لأن محنته كانت بسبب فراره من الدنيا ومناصبها الزائلة، ، فرحم الله أبا حنيفة النعمان، ونفع الأمة بعلمه.