• الرئيسية
  • الأخبار
  • أدت إلى مقتل رئيس أركان الجيش.. التفاصيل الكاملة لمحاولة الانقلاب على رئيس الوزراء الأثيوبي

أدت إلى مقتل رئيس أركان الجيش.. التفاصيل الكاملة لمحاولة الانقلاب على رئيس الوزراء الأثيوبي

  • 165
رئيس الوزراء الأثيوبي

الصراع الإثني ينفجر في وجه إصلاحات "آبي أحمد"

محاولة انقلاب فاشلة في إثيوبيا تكشف صراع القوميات الخفي

الأمهرة تشكو التمييز والاضطهاد.. وآبي أحمد ابن الأورومو ينهي نفوذ التغراي

ميليس زناوي أهدر فرصًا كبيرة لإتمام التحول الديمقراطي في البلاد

حرب الموانئ وصراع النفوذ بين الدول الكبرى تشعل القرن الإفريقي 


اهتزت إثيوبيا على وقع مقتل كل من رئيس هيئة أركان الجيش وحاكم إحدى الولايات التسع، خلال هجومين منفصلين، وأعلنت السلطات الرسمية في البلاد أن محاولة انقلاب فاشلة وقعت للإطاحة بزعيم أمهرة، إحدى ولايات البلاد التسع.

ليخرج رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، مرتديًا الزي العسكري للمرة الأولى، واصفًا ما حدث بمحاولة انقلاب فاشلة، نفذتها جهات مأجورة، مشددًا على أن الوضع بات تحت السيطرة.

لكن المتحدث باسم رئيس الوزراء الإثيوبي، كشف لاحقًا أن فريقًا يقوده الجنرال "أسامنيو تسيجيوكان" اقتحم اجتماعًا للمسئولين في الولاية، وقتل رئيس الولاية أمباشو ميكونين.

ومنذ وصول آبي أحمد القادم من قبيلة الأورومو إلى السلطة، أفرج عن سجناء سياسيين، ورفع الحظر عن أحزاب، وحاكم مسئولين متهمين بارتكاب انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، لكنّ ذلك لم يمنع تعرض آبي  أحمد، لمحاولة اغتيال العام الماضي أثناء احتشاد الآلاف من مؤيديه في العاصمة أديس أبابا، وهو نفس التوقيت الذي صادف محاولة الانقلاب الفاشلة الذي تعرض لها رئيس وزراء إثيوبيا مؤخرًا.

فخ الفيدرالية

من جهته يقول علي فضل فلولو، الباحث في الشئون الإفريقية، إن إقليم أمهرة الذي شهد محاولة الانقلاب الفاشلة، هو واحد من 9 ولايات تُحكم بالحكم الذاتي في البلاد، ويقع شمالًا متاخمًا للحدود السودانية.

وتابع فلولو أن قومية الأمهرية هي ثاني أكبر عرقية في إثيوبيا، بعد قومية الأورومو، منوهًا أن أمهرا دائمًا ما تتهم الحكومة بالتمييز الاقتصادي والاجتماعي وانتهاك حقوقها، مشددًا على أن النظام الفيدرالي الإثيوبي القائم على أسس إثنية كالأمهرة والأورومو والتغراي، لديه مشاكل عميقة مخفيّة تحت الوجه الإصلاحي لآبي أحمد، ما يعد واحدًا من أبرز التحديات التي تواجه إثيوبيا حاليًا رغم محاولات الإصلاح الجادة.

مَن نفذ الانقلاب؟

ويقول اللواء سيد غنيم، الخبير في الشئون الأمنية، إن آبي أحمد تعرض لمحاولة اغتيال قبل عام، حتى قبل أن يكون له دور إقليمي في السودان، منوهًا أن رئيس الوزراء الإثيوبي يجابه العديد من الخصوم، كقيادات الجيش السابقين الذين قام آبي أحمد بعزلهم، ومنهم رئيس الأركان ومدير المخابرات الحربية السابقين، وكذلك أصحاب المصالح من (التيجراي) خاصة هؤلاء المنتفعين من النظام الإثيوبي السابق، والذي يعمل أحمد آبي على تجنيبهم بكل قوة.

وأضاف غنيم أنه في كل الأحوال يجب ألا نغفل مساعي المصالحة بين إثيوبيا وأريتريا، والتي قد تفقد جيبوتي الكثير من الدعم الاقتصادي والسياسي والأمني الدولي، حيث تعمل الولايات المتحدة على تنفيذ خطة رسمَها "دونالد ياماموتو" مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشئون إفريقيا، وهي تهدف باختصار لنقل منطقة القيادة والسيطرة، وإدارة النفوذ من جيبوتي ذات المسرح البري الضيق إلى إثيوبيا متسعة المساحة. 

ومنها تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها على تقويض وحصار توسع النفوذ الصيني والروسي التجاري في جيبوتي الصغيرة جدًا، والمطلة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب، حيث إن مصالحة إثيوبيا وأريتريا ستقلل من فرص استمرار إثيوبيا في تأجير الموانئ في جيبوتي وقد تلجأ لاستئجار موانئ في أريتريا، أو على الأقل تزيد من احتمالات المنافسة بينهما.

زناوي.. إهدار الفرص

أما الدكتور حمدي عبدالرحمن، أستاذ العلوم السياسية، والخبير في الشأن الإفريقي، فيرى أنه‏ طبقًا للبيانات الصادرة من مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي حول قتل أربعة أشخاص بمن فيهم رئيس أركان الجيش ‏وحاكم إقليم أمهرة في الشمال، دلالة مباشرة عن مدى تقلب السياسات العرقية ‏والإقليمية الهشة في البلاد، مما يؤثر سلبًا على سياسات الانفتاح التي يتبعها رئيس الوزراء آبي ‏أحمد.

وأشار عبد الرحمن أنه في عام 1991، بعد الإطاحة بالنظام العسكري الحاكم في إثيوبيا قامت النخبة الجديدة بزعامة ميليس زناوي ‏بهندسة نظام جديد يقوم على أساس الفيدرالية العرقية التي تعترف لكل جماعة عرقية بالحكم الذاتي، في إطار ‏المحافظة على وحدة الدولة.

وأضاف عبدالرحمن أن الاتحاد الإثيوبي يتألف من ‏تسع ولايات بالإضافة إلى مدينتين لهما وضع خاص على النحو التالي: التيغراي، والعفر، والأمهرة، وأوروميا، ‏والصوماليون، وبني شنقول – قماز والشعوب والقوميات الجنوبية (التي تشكلت عبر اندماج "طوعي" لخمس ‏مناطق) وغامبيلا، وهرر، وأديس أبابا. وفي وقت لاحق، أصبحت دايري داوا مدينة فيدرالية. ‏‏

‏وتابع الخبير في الشأن الإفريقي أنه ومنذ تأسيس إثيوبيا الحديثة، قامت النخب الحاكمة بالتعامل مع قضايا التعدد والتنوع العرقي والثقافي والديني ‏وفقًا لقناعاتهم السياسية والأيديولوجية، بيد أنها لم تخرج عن اتجاهين واسعين:‏

‏ أولهما: سياسة الوحدة المركزية وهي التي اتبعت منذ الحكم الإمبراطوري وحتى سقوط نظام الديرغ في ‏عام 1991، حيث كانت هناك مرحلتان من الأولى (حتى الإطاحة بالنظام الإمبراطوري)، ‏إذ حاولت سياسة الدولة تحقيق الوحدة دون الاعتراف بالتنوع، وهو ما أسفر عن خلق نظام للهيمنة والقمع. 

أما المرحلة الثانية فقد اعترفت الدولة بالتنوع العرقي، ولكن التنفيذ كان أبعد ما ‏يكون عن جوهر هذه السياسة، وبالتالي فشل في تحقيق مهمة الاندماج الوطني.‏

‏ ثانيًا: الفيدرالية العرقية التي تم استخدامها منذ عام1991، وتركز هذا النظام على الوحدة من خلال ‏التنوع، بيد أن التحدي الأكبر الذي يواجه هذه السياسة يتمثل في ‏إشكالية الحفاظ على توازن دقيق بين الوحدة والتنوع. وهو ما يستدعي ضرورة عدم تسييس العرق، وتدعيم ‏مكونات المواطنة والوحدة الوطنية، وعدم التلاعب بالمظالم التاريخية العرقية؛ لإثارة الاستياء والخوف ‏والكراهية تجاه "الآخر".‏

‏ وقد أهدر الائتلاف الحاكم بزعامة الراحل ميليس زناوي عدة فرص لتحقيق التحول الديمقراطي، ففي ‏أعقاب الحرب مع إريتريا خلال الفترة 1998-2000، كان من الممكن توظيف الحماس الوطني المتزايد ‏الذي أظهره الإثيوبيون لزيادة مشاركة المواطنين في الفضاء السياسي العام. ولكن عوضًا عن ذلك استغل ‏ميليس زناوي الصراع لتدمير خصومه السياسيين داخل الحزب الحاكم وتعزيز نمط سلطته الشخصية. ‏

وكانت الفرصة ‏الأخرى المهدرة هي الانتخابات الوطنية لعام 2005 والتي كان من الممكن استخدامها ‏للتفاوض على نقل ‏السلطة إلى المعارضة أو تقاسمها. ولكن كالعادة استخدم ميليس زعامته الكاريزمية‏ للقضاء ‏على المعارضة، وترسيخ أركان نظامه الاستبدادي‏.

احتجاجات أوروميا

وتابع أستاذ العلوم السياسية أن حركة الاحتجاج ‏الشبابية‎ ‎التي بدأت في منطقة أوروميا في أبريل 2014 أدت إلى المطالبة بإنهاء حكم الائتلاف الحاكم الذي ‏تسيطر عليه ‏جبهة التيغراي، مضيفًا أنه وفي نهاية المطاف انتصرت ‏حركة الاحتجاج ‏على الرغم من العنف الذي لا يُوصف الذي مارسته الحكومة ضد مواطنيها. 

وكشف عبدالرحمن أن حركات الاحتجاج التي قادها شباب الأورومو أظهرت فشل النخبة الحاكمة في إدارة ثلاثة ملفات بالغة ‏‏التعقيد وهي: مسألة الأراضي وارتباطها بالهوية القومية، وهيمنة أقلية التيغراي على مفاصل الدولة، وهو ما ‏‏يعني تهميش القوميات الأخرى، ومسألة حقوق الإنسان وعدالة توزيع الثروة والسلطة. 


اضطرابات مستمرة

ورأى عبدالرحمن أنه يمكن رؤية انتخاب زعيم شاب من قومية الأورمو كتعبير حقيقي عن هذا التوجه الجديد ‏في السياسة الإثيوبية. ولا شك أن إطالة أمد الاضطرابات تعيق مسيرة النمو. فقد أضرت الاحتجاجات ‏المستمرة منذ عام 2016 بالاستثمار الأجنبي المباشر، الذي انخفض بأكثر من 20 % بعد الهجمات ‏على الشركات المملوكة لأجانب، كما أسهمت مظاهر الجفاف في مناطق الشرق وتراجع السياحة في إضافة ‏مزيد من التعقيد على الخيارات المتاحة أمام صانع القرار الإثيوبي. 

هندسة القرن الإفريقي

وختم عبدالرحمن حديثه أن ثمة من يرى بأن هناك عملية هندسة استراتيجية للقرن الإفريقي للحفاظ على المصالح الكبرى للقوى ‏الدولية والاحتكارات العالمية بعد ظهور النفط في كثير من دول المنطقة، ولاسيما الصومال التي تشكل "كويت إفريقيا " قياسًا على ما تمتلكه من احتياطي نفطي. أضف إلى ذلك ‏صراع الموانئ الكبرى في الصومال وجيبوتي وأريتريا وعسكرة منطقة باب المندب وخليج عدن.