مراقبون: صندوق النقد يُملي شروطه .. والتوقيت غير مناسب

  • 93
أرشيفية

بلغت قيمتها 3 مليارات دولار

الشريحة الثالثة تشترط التوسع في خصخصة شركات القطاع العام والبنوك

مراقبون: صندوق النقد يُملي شروطه.. والتوقيت غير مناسب

كتب- طارق بهجات

يبدو أن بعثة وفد صندوق النقد الدولي أَمْلَتْ شروطَها على الحكومة قبل صرف الشريحة الثالثة لقرض صندوق النقد الدولي البالغ قيمتها 3 مليارات دولار.

يأتي هذا بعد اجتماع وفد صندوق النقد الدولي بمسئولي السياسة النقدية بمقر وزارة المالية الثلاثاء الماضي، وسط مخاوف من تطبيق إصلاحات جديدة على الأسعار أو الوقود، رغم نفي الحكومة الدائم وجود أي إملاءات أو شروط لصندوق النقد الدولي، لكن من خلال تتبع الأمور نجد تصريحات الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون، تمهد الطريق لطرح شركات القطاع العام والأعمال في البورصة، وهي الوجه الآخر للخصخصة.

ونجد وزارة قطاع الأعمال برئاسة الدكتور أشرف الشرقاوي، تمهد الطريق هي الأخرى لطرح شركات قطاع الأعمال الخاسرة للاكتتاب كأسلوب جديد تنتهجه الحكومة للتخلص من أعباء الديون والخسائر وفقًا لنتائج أعمال تلك الشركات.

من جهتهم، أكد مراقبون أن التحسنات التي تكشفها الحكومة بشأن ارتفاع نسب النمو وجذب رءوس الأموال تعود إلى تحسنات غير ملموسة على أرض الواقع، مرجعين تلك التحسنات إلى أنها دفترية فقط، مشيرين إلى أن التراجعات التي حدثت للاقتصاد المصري غير مسبوقة، متخوفين من التوسع في طرح شركات القطاع العام والأعمال في البورصة؛ حتى لا نستنسخ تجارب حكومات حسني مبارك التي أطاحت بأكثر من 300 شركة ومصنع، وأودت ببيع العديد من تلك الشركات لمستثمرين أجانب بأثمان أقل من ربع قيمتها.

يرى الدكتور حسين عيسى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن عمليات الطرح في البورصة ليست خصخصة أو بيعًا لمستثمرين أجانب أو عرب، مؤكدًا أن المجلس لم يستقبل حتى الآن طلبات بيع أو خصخصة للقطاع العام، مشيرًا إلى أن عمليات الاكتتاب ستكون بنسب محددة لن تزيد عن 20% فقط، وتهدف إلى تشغيل خطوط الإنتاج المتوقفة عن العمل وتحريك عجلة الإنتاج.

وأضاف عيسى لـ "الفتح"، أن الطروح المنتظرة ستزيد من السيولة النقدية وحركة التداول في البورصة، والتحسنات الاقتصادية تؤكد أن الاقتصاد المصري خرج من عنق الزجاجة، وأن نسب النمو بدأت في الصعود، والطرح لن يزيد عن 25% بأي حال من الأحوال.

وقال الدكتور فخري الفقي، مساعد المدير التنفيذي الأسبق لصندوق النقد الدولي: إنه لا يوجد قرض بدون شروط أو إملاءات، وغير صحيح أن صندوق النقد الدولي سيمنح مصر قروضًا بدون ضمانات أو إصلاحات.

وأضاف الفقي لـ "الفتح"، أن الشريحة الأولى أسفرت عن تعويم الجنيه، ليتراجع ويفقد نحو 120% من قيمته الشرائية، في حين قفز الدولار ليلامس حاجز الـ20جنيهًا قبل أن يتراجع إلى أقل من 18 جنيهًا؛ وهو ما تسبب في قفزة سعرية، ومعدلات تضخم لم تحدث من قبل.

ولفت إلى أن مطالب الشريحة الثانية تضمنت رفع الدعم عن المحروقات والخدمات بنسب متفاوتة؛ وهو ما أدى لبالونة سعرية كبيرة أدت في النهاية بمضاعفة الأسعار200% على الأقل.

ومن المنتظر أن تطرح الحكومة عددًا من شركات القطاع العام والأعمال في البورصة كشرط احترازي قبل صرف الشريحة الثالثة من قرض صندوق النقد الدولي البالغ 3 مليارات دولار؛ لأن الحكومة ستبدأ ببيع عدد من البنوك في مقدمتها المصرف المتحد، وبنك التنمية والائتمان الزراعي، يليهم بنك القاهرة بنسبة 20%، ثم طرح شركات البترول على رأسها "إنبي للخدمات البترولية".

ويرى الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن عمليات الطرح المنتظرة لن تكون مفيدة كما تتوقع الحكومة، مرجعًا ذلك إلى وجود أزمة مالية عالمية امتدادًا لأزمة 2008، وقد يحدث على إثرها استرجاع لأموال أجنبية في بورصات "وول ستريت، وطوكيو، ولندن، ولوس أنجلوس"؛ وهو ما قد يتسبب في خروج العملات الأجنبية من البورصات الناشئة وعلى رأسها مصر.

وأضاف النحاس لـ "الفتح" في هذه الحالة ستكون عمليات الطرح غير ذي جدوى، ولن تفيد سوى ببيع حصص من شركات القطاع العام والأعمال، ويصبح للشريك أو مالك الحصة الحاكمة في تفعيل قراره الاقتصادي بشأن توسعات أو بيع أو وقف خطوط الإنتاج، متسائلاً: أين ذهبت أموال الخصخصة التي حدثت أيام مبارك، وما مصير الشركات التي بيعت، وأين ذهب العمال؟

يبقى أن نقول إن تجرتنا مع الخصخصة مريرة، وأدت لإهدار المال العام، فقد بيعت الشركات بثمن بخس، وكانت التجربة مهينة وأدت لتسريح آلاف العمال، وتوقف قطاعات استراتيجية مهمة مثل الحديد والصلب، وقطاع الأسمنت، فضلاً عن تراجع قطاع الغزل والنسيج في المحلة الكبرى أحد أهم قلاع صناعة الغزل في الشرق الأوسط، فهل ستَقْدُمُ حكومة المهندس شريف إسماعيل على تكرار التجربة المريرة، أم أن صوت العقل سيغلب في النهاية؟