المفتي لصحيفة "بانكوك تايمز": حضارة الإسلام وسعت كل الفلسفات والحضارات

  • 31
مفتي الجمهورية- د. شوقي علام

قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية: "إننا في مصر نعالج قضايا التطرف الديني من منطلق رسالتنا الأساسية بأن الهدف الأسمى لكل الأديان هو تحقيق السِّلم العالمي".

وأضاف "علام"، في تصريحات لصحيفة "بانكوك تايمز" الأوسع انتشارًا في تايلاند، أن دار الإفتاء المصرية استشعرت خطر فتاوى الإرهاب، وقامت بِحُزمة من الإجراءات لمواجهة الآلية الدعائية للتنظيمات الإرهابية ومن ضمنها داعش، وذلك من خلال إقامة مرصد لمتابعة الفتاوى التكفيرية والمتشددة، والرد على هذه الفتاوى وتفنيدها من خلال منهج علمي رصين.

وأشار إلى أن الدار أقامت كذلك مركزًا تدريبيًّا متخصصًا حول سبل تناول ومعالجة الفتاوى المتشددة، وإطلاق صفحة إلكترونية بعنوان "داعش تحت المجهر" باللغتين العربية والإنجليزية لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي تسوقها التنظيمات الإرهابية، وإطلاق مجلة إلكترونية "بصيرة" باللغتين العربية والإنجليزية لنشر الإسلام الوسطي المعتدل، فضلًا عن ترجمة أكثر من 1000 فتوى باللغتين الإنجليزية والفرنسية، نسبة كبيرة منها متعلقة بتفنيد مزاعم التيارات المتطرفة وما تسوِّقه من مفاهيم وتصدِّره من فتاوى مغلوطة، وكذلك إصدار موسوعة لمعالجة قضايا التطرف والتكفير باللغات الأجنبية.

وتابع: "إننا تنبهنا في دار الإفتاء المصرية لزيادة وتيرة الإسلاموفوبيا وبدأنا العمل انطلاقًا من دورنا في تصحيح صورة الإسلام في الخارج، من خلال برنامج واضح واستراتيجية مرسومة، سواء من خلال إرسال علماء الدار إلى الخارج، أو التواصل مع المراكز الإسلامية ومتخذي القرار في الشرق والغرب وشرح وتوضيح السمات الحقيقية للإسلام بعيدًا عن التعصب".

وقال: "قدمنا مجموعة من المقترحات التي نعمل في الوقت الراهن على تحقيقها، منها أن الضرورة أصبحت مُلحَّةً لإنشاء قنوات فضائية إسلامية موجَّهة للشرق والغرب تخاطب الجميع بلغته وتعطي صورة شاملة عن الثقافة الإسلامية وتسهم في تصحيح صورة الإسلام والعرب والمسلمين، ومن ثَمَّ فلا بد من إنتاج برامج تخاطب العالم باللغات الأجنبية بغية تصحيح صورتنا لديهم، وهذا ما تفعله دار الإفتاء على صفحاتها المترجمة باللغات الأجنبية".

وأضاف: "لا بد من إنشاء جهاز إعلامي إسلامي للبحوث، يتولى رصد وتحليل ما يُقدَّم عن الإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام العالمية، وإعداد الدراسات العلمية والحقائق التي يُعتمَد عليها في الرد على ما يقدَّم من صور مشوهة أو إساءة تتعلق بالمسلمين وثقافتهم ودينهم، وهذا ما تحقق من خلال إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم التي أنشأتها دار الإفتاء المصرية في العام الماضي لكي تضطلع بهذا الدور الهام".

وأشار إلى أن القرآن الكريم فيه ما يزيد على 6000 آية، تتعلق 300 منها فقط بالتشريع والباقي متصل بإنشاء شخصية ذات خلق حسن، وبالمثل هناك ما يربو على 60 ألف حديث تتصل 2000 منها بالأمور التشريعية، والباقي يتناول الشخصية الخلوقة، والرسول عند المسلمين موصوف بأنه رحمة أُرسلت للعالمين.

وأوضح المفتي أن "الإسلام أقام حضارة إنسانية أخلاقية وسعت كل الفلسفات والحضارات، وشاركت في بنائها كل الأمم والثقافات، وإننا نرى أنفسنا بوصفنا مسلمين أناسًا استوعبوا تعددية الحضارات، فقد تعرضنا – مستوعبين - لحضارات فارس والهند والصين واليونان وضممناها لحياتنا الثقافية والفكرية، وأفدنا منها جميعًا، كما أضفنا إليها".

وقال إن مشكلة "المرجعية" من أهم المشكلات التى تواجه الناس، ففي الإسلام وغيره من الديانات نشهد ظاهرة تصدي غير المتخصصين ممن ليس لهم نصيب وافر من التعليم الديني وتنصيب أنفسهم مرجعيات دينية، بالرغم من أنهم يفتقرون إلى المقومات التي تؤهلهم للحديث في الشريعة والأخلاق.

وأضاف أن هذا التوجه أدى إلى أن فُتح الباب على مصراعيه أمام التفسيرات المتطرفة للإسلام التي لا أصل لها، وفي واقع الأمر فإن أحدًا من هؤلاء المتطرفين لم يدرس الإسلام في أيٍّ من معاهد التعليم الديني الموثوق بها، وإنما هم نتاج بيئات مفعمة بالمشاكل، واعتمدوا على تفسيرات مشوهة ومنحرفة لا أساس لها في التراث الإسلامي، فغايتهم تحقيق مآرب سياسية محضة لا أصل ديني لها؛ فهمُّهم إشاعة الفوضى، ودورنا -كوننا قيادات إسلامية قضت حياتها في دراسة النصوص الدينية- هو إعادة المرجعية بإعادة مَن لهم قدم راسخة في العلم.

وأكد أن دار الإفتاء المصرية تبذل جهودًا دءوبا نحو الوصل بين الإسلام والواقع المعيش، فنحن نصدر آلاف الفتاوى بشأن حق المرأة في الكرامة والتعليم والعمل وتولي المناصب السياسية، وإدانة العنف في معاملتها، كما أيدنا الحق في حرية الضمير وحرية التعبير ضمن حدود اللياقة المشتركة.