"الفتح" ترصد أوكار التجسس الإيرانية في المنطقة العربية.. 8 أجهزة مخابرات.. ومؤسسات خيرية تديرها طهران "تحقيق"

  • 218
خامنئي

 

"الفتح" ترصد أوكار التجسس الإيرانية في المنطقة العربية

8 أجهزة مخابرات تمتلكها طهران لتنفيذ مخططاتها.. و16 مؤسسة خيرية يديرها الحرس الثوري

لا ينحصر الأمر في نقل معلومات عسكرية فقط بل تجنيد عملاء لشن هجمات إرهابية

السعودية تصفع نظام الملالي بإعدام 15 شخصًا بتهمة الخيانة العظمى

المرجعيات الشيعية تضع نصب أعينها على السياسة "الجوبلزية"

البحرين على رأس الأولويات.. و"الوفاق الشيعية" أهم أدوات التنفيذ

"اتركوا اليمن وشأنه".. رسالة الرئيس اليمني بعد توقيف 6 خلايا

بغداد مرتعًا لمخابرات نظام الفقيه.. و9 خلايا نشيطة في الكويت

اتهام 26 مصريًّا بالتخابر لصالح "حزب الله"

القوة والمعاملة بالمثل اللغة الوحيدة التي تفهمها هذه الدولة




حشود مليونية تنتظر هبوط طائرة يُطل منها رجل ستيني، إنه الخميني رجل الدين الشيعي وقائد الثورة الإيرانية التي أطلق عليها لاحقًا "الثورة الإسلامية".

هتفت الحشود طويلًا وأنهى الرجل مشاهد التتويج (تتويجه إمامًا وقائدًا للثورة) واعدًا الجماهير المحتشدة بعهد جديد لإيران وشعبها.


تأسست دولة ولاية الفقيه، وسيطر الخميني وأتباعه على كل مؤسسات الدولة، فقد حلوا الجيش، وأعلنوا الحرس الثوري بديلًا عنه، وفككوا مفاصل الدولة لتحل المؤسسات الثورية الشيعية بديلة.

من جملة ما عاهد به الخميني أتباعه به هو تصدير الثورة الشيعية إلى جميع الدول الإسلامية؛ فمنذ سبعينيات القرن الماضي لم تترك جمهورية ولاية الفقيه طريقة إلا واتبعتها لتصدير ثورتها والسيطرة على العواصم العربية، من حرب استمرت 8 سنوات بين العراق وإيران، إلى إرسال الميليشيات الشيعية إلى العراق واليمن وسوريا وغيرها، وكذلك تأسيس جيوش بدول الجوار كـ"حزب الله بلبنان والحوثيين باليمن" تحت قيادة قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني؛ غير أن الحرب لم تكن الخيار الوحيد، فطوّرت إيران استراتيجياتها وتكتيكها واستطاعت اختراق المجتمعات العربية عن طريق المراكز البحثية، وتجنيد العملاء، وزرع أوكار التجسس.
                          


أبرز الأدوات لاختراق المجتمعات العربية

 

يرى الدكتور نبيل العتوم الباحث الأردني في الشئون الإيرانية والحاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة طهران، أن المراكز البحثية الإيرانية والسفارات والبعثات الدبلوماسية تعد أحد أهم الأدوات الإيرانية للتجسس.

وأكد العتوم لـ"الفتح" أن إيران تجهز دبلوماسييها للعمل في السفارات بشكل محترف، والسفارات عادة ما تقسم إلى السفير والوزير المفوض، ويكون الوزير المفوض ضابطًا مخابراتيًّا محترفًا لديه أبحاث ودراسات وتدريب متقن عن الدولة بكافة جوانبها؛ مشيرًا إلى أن الملحقين والدبلوماسيين يتبعون وكالات مختلفة للمخابرات الإيرانية، فإذا كان الوزير المفوض يتبع الحرس الثوري تجد الملحق الثقافي يتبع وزارة المخابرات، أو مخابرات المرشد، والملحق الاقتصادي إلى استخبارات الحرس الثوري، وطهران تمتلك  8 أجهزة مخابرات متخصصة.


وأضاف: إن الأداة الدينية أو ما يعرف بالحوزات أو المدارس الإيرانية التي تنتشر في بعض الدول العربية خاصة في العراق وسوريا تعتبر من أهم أدوات إيران لزرع شبكات التجسس، وإيران تسعى لتحقيق أكبر قدر من المكاسبية تحت غطاء ديني، مشددًا على أن هناك معممين ينتمون ظاهريًا للحوزة الدينية لكن فعليًّا ينتمون للمخابرات الإيرانية، وهؤلاء يسعون إلى عمليات تجنيد مكثفة ومحاولة رصد وتتبع الوجود الشيعي في الدول العربية؛ مشيرًا إلى أن استغلال إيران للأوضاع الاقتصادية في بعض البلاد مثّل أداة مهمة للنفوذ فيها، فعمدت طهران لإنشاء الجمعيات الخيرية ذات الطابع الاجتماعي مثل مؤسستي "الإمام الخميني" و"الشهيد" في دول مثل العراق وسوريا.

وتابع الباحث الأردني: إيران لديها أكثر من 16 مؤسسة نشطة في هذا المجال تدار من الحرس الثوري الإيراني، وهي معنية بشكل أساسي للتجسس وزرع الخلايا، وهناك بعض الأدوات الأخرى لدى طهران كاستغلال المنافذ الثقافية خاصة التي تعمل تحت غطاء تدريس اللغة الفارسية، بجانب توظيف إيران للشيعة العرب، منوهًا بمحاولة إيران صنع مظلومية لهم وأنها حامية لهم.

قال نواف آل سليمان الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، إن أدوات طهران للاختراق تتنوع ما بين أدوات مالية، ومذهبية تستغل المذهب الشيعي المشترك بين إيران وشيعة الدولة المستهدفة.

ولفت آل سليمان انتباه "الفتح" إلى استخدام إيران العنصر النسائي وما يترتب عليه من عمليات ابتزاز وغيره، وتوظيف وسائل القوة الناعمة بالاختراق كعمليات التحول المذهبي واستغلال مثلث (الجهل والفقر والمرض).

ونوَّه أسامة الهتيمي الباحث في الشأن الإيراني، بأن الحديث عن محاولات إيران زرع خلايا تجسس في عدد من البلدان العربية ليس من باب الاستنتاج أو التكهن، لكنه حديث عن واقع شهدته العديد من هذه البلدان، فقد قُبض بالفعل على شبكات تجسس إيرانية في الكويت واليمن والإمارات والبحرين والمملكة العربية السعودية ومصر، وهي قضايا معلنة أحيلت إلى النيابة ثم القضاء ومن ثم فإن التحذير من تكرار هذه المحاولات جزء من الاحتياطات الأمنية التي يجب أن تتخذها هذه البلدان لاسيما مع حالة التجاذب في المنطقة التي أصبحت على أشدها؛ وهو الأمر الذي حتمًا سيدفع ملالي طهران إلى بذل مزيد من الجهد لتحريك الأذرع الإيرانية في الداخل العربي ليكونوا أداة ضغط على هذه الدول؛ لأن التجسس الإيراني وفق ما كشفته التحقيقات القضائية مع العديد من الشبكات المقبوض على عناصرها لا ينحصر في نقل معلومات عسكرية أو غيرها، وإنما يشمل أيضا تجنيد عملاء ينفذون عمليات إرهابية تستهدف منشآت أو شخصيات بعينها للضغط على سلطات هذه البلاد.

واستطرد: "إنني أعتقد أن التجسس بشكله التقليدي بمعنى تجنيد عملاء ينقلون معلومات عسكرية أو غيرها ربما يكون هو الجزء الضئيل من مفهوم التجسس في الوقت الحالي، إذ لا يمكننا على الإطلاق أن نغض الطرف عن أشكال جديدة من التجسس تتعلق بالأساس بوجود طابور خامس من المثقفين والسياسيين والفنانين الذين يوالون إيران على المستوى السياسي الذي يتطور في بعض الأحيان إلى موالاة عقدية بما يشكل في نهاية الأمر "لوبي إيراني" في الداخل العربي".

وأضاف: تتعدد كما هو معروف وسائل طهران في الوصول إلى تشكيل هذا الطابور ما بين مراكز ثقافية ودعم مالي لبعض الأحزاب والقوى السياسية وتطبيع فني وثقافي وتواصل عبر السفارات الإيرانية في بعض البلدان بعدد من الشخصيات ذات الحيثية في المجتمعات العربية، غير أن الأخطر هو أبناء هذه البلدان الذين ينتمون للمذهب الشيعي الذين -بكل أسف- يجاهرون بالولاء لإيران وقياداتها، بل ويعتبرون أن علو شأنها من باب التمهيد لعودة الإمام الغائب كما صور لهم الخميني صاحب نظرية ولاية الفقيه.


في عام 2009 كشفت مصادر استخبارية غربية عن عدد أولي لعملاء إيران في دول مجلس التعاون الخليجي وحدها قدروا بنحو 3000 عميل، وأشارت إلى أن طهران لديها نحو 800 عميل معظمهم في السفارات والقنصليات الإيرانية في الخليج، يملكون حصانة دبلوماسية؛ وتؤكد العديد من المراكز البحثية المتخصصة أن العدد تضاعف عقب ثورات الربيع العربي وما صاحبها من انفلات وسيولة أمنية.

      إعدام.. المملكة تسدل الستار وتصفع إيران

لا تُخفي إيران عداءها للمملكة العربية السعودية في كل مناسبة، حتى بلغ الأمر ذروته في موسم الحج الماضي بعد إصدار المرشد الإيراني علي خامنئي أوامره للشيعة بعدم الحج إلى مكة والتوجه إلى كربلاء.


ومن الناحية العسكرية تثير طهران القلاقل على حدود السعودية الجنوبية عن طريق الحوثيين الذين تخوض المملكة معركة عسكرية شاملة ضدهم؛ ومخابرتيًّا تسعى طهران لزرع خلايا التجسس داخل المملكة مستغلة بعض شيعة الداخل.


الرياض وجهت صفعة قوية لطهران مؤخرًا، بعدما أسدلت الستار على قضية التجسس المتهم فيها 32 شخصًا بالتجسس لصالح إيران، حُكم فيها بإعدام 15 شخصًا بتهمة "الخيانة العظمى"، وقبض على عناصر الخلية عام 2013 بتهمة الارتباط المباشر بأجهزة الاستخبارات الإيرانية.


قال الدكتور محمد السلمي مدير مركز الخليج للدراسات الإيرانية، إن هذه القضية لا يمكن عزلها عما يجري في المحيط الخليجي، واصفًا ما حدث باستكمال سلسلة الاعتداءات الإيرانية على المنطقة بأسرها.


وعلّق السلمي في تصريحه لـ"الفتح" على رد الفعل الإيراني الذي وصف الحدث برمته "بالادعاءات" بأن هذا ليس مستغربًا على طهران، فالدين الشيعي مبني على التقية والتنصل من المسئولية تجاه أي طارئ".


وشاركه الرأي نواف آل سليمان الذي أكد أن إيران تتبع الاستراتيجية "الجوبلزية" في هذا الصدد، وهي سياسة الكذب ثم الكذب، مستشهدًا بنفيهم الدائم التورط في اليمن وسوريا وهو ما تفضحه جثث قتلاهم على جبهات الصراع. 

و ثمّن الدكتور نبيل العتوم -رئيس وحدة الدراسات بمركز أُمية للدراسات- التحركات السعودية لكشف الخلايا الإيرانية، مشيرًا إلى أن الحكم السعودي بالإعدام على أعضاء خلية التجسس رسالة شديدة اللهجة إلى طهران، وإلى كل من تسول له نفسه من شيعة الداخل بالاستجابة لمحاولات التجنيد الإيرانية.

 




البحرين.. قوات "درع الجزيرة" أفسدت المخططات الفارسية


قبل 1400 عام امتدت الإمبراطورية الفارسية على مساحة كبيرة من الأراضي، واعتبرت أن دول الخليج العربي امتداد طبيعي لها، لكن حدث ما في شبه الجزيرة قلب الموازين؛ فالإمبراطورية الإسلامية الوليدة زحفت إلى عقر دار الفرس في طهران، وأطفأت نارًا طال اشتعالها.


قبل 4 عقود من الآن التقطت الجماهيرالإيرانية المحتشدة رسالة الخميني إبان ثورتهم، والحلم بدأ يراود الجميع من جديد، وهو استعادة مجد الإمبراطورية الفارسية، وصُوبت الأنظار تجاه الخليج العربي من جديد؛ فإيران تعتبر البحرين جزءًا من أراضيها تدرِّسها لطلابها بالمناهج الدراسية، وخاضت من أجل ذلك حراكًا دبلوماسيًا كبيرًا، ففي عام 1927 م طالبت طهران عصبة الأمم باستعادة البحرين، وعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية طلبت إيران من بريطانيا بالسيادة على البحرين، وفي عام 1958م نددت إيران باتفاقية التعاون الاقتصادي الموقعة بين السعودية والبحرين، وشملت الاتفاقية إقامة جسر يربط بين البحرين والسعودية كأحد الآليات لربط البحرين بمحيطها العربي، وهو ما رفضته طهران بشدة.

محاولات إيران الدبلوماسية لم تفلح؛ لذلك لجأت إلى حيل الاختراق والتجنيد، مستغلة بعض شيعة البحرين، فقد استغلت الانتفاضة الشعبية في عام 2011 م التي أطلق عليها لاحقًا "ثورات الربيع العربي" واتخذت من جمعية "الوفاق البحرينية الشيعية" ذراعًا لها، وتحت ذرائع شتى أهمها اضطهاد الشيعة في البحرين نظمت الجمعية مظاهرات حاشدة تخللتها أعمال تخريبية واعتداءات على الأمن والمواطنين.


أكد جمال بوحسن النائب بالبرلمان البحريني، أن بعض المأجورين الذين تحركهم إيران أرادوا إسقاط المملكة، وبمشاركة "درع الجزيرة" لتأمين البحرين وضعت حدًا حاسمًا للاضطرابات، وهو الأمر الذي أكده نواف آل سليمان بأن هذه القوات أفسدت مخططات الحرس الثوري بإسقاط المملكة وتحويلها إلى عراق ثانية.

واستنكر النائب بالبرلمان البحريني خلال تصريحه لـ"الفتح" التدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي لمملكة البحرين من خلال تدريب وإيواء المتطرفين ودعم الميليشيات الإرهابية في سبيل زعزعة الأمن والاستقرار وضرب الاقتصاد البحريني؛ مبينًا أنه في آخر خطوات الحكومة لتجفيف منابع الإرهاب أصدرت محكمة بحرينية في يوليو من العام الحالي قرارًا بحل جمعية "الوفاق الشيعية" بتهمة توفير بيئة حاضنة للإرهاب وتلقي الدعم والتدريب من إيران، وسجن أمينها العام علي سليمان.


ويرى جمال بوحسن النائب في البرلمان البحريني، أن الجمعية استنفدت كل المحاولات للانسياق في النسيج الوطني، مثمنًا قرار الحكومة البحرينية بحل الجمعية وتجفيف منابعها.

 

اليمن.. من "خلايا التجسس" إلى الانقلاب على الدولة

 

لم يتوقف الأمر عند البحرين، ففي عام 2012 كشف مسئولون يمنيّون عن توقيف 6 خلايا تجسس إيرانية يشرف عليها ضابط سابق في الحرس الثوري عُرف بمسئوليته عن عمليات الخلايا في اليمن والقرن الإفريقي؛ ما دفع الرئيس اليمني منصور عبد ربه منصور هادي إلى الاحتجاج وتوجيه رسالة شديدة اللهجة إلى طهران مفادها "اتركوا اليمن وشأنه"، غير أن طهران لم تستجب وتوالى الكشف عن شبكات أخرى.


وفي عام 2012 أيضًا شهد توقيف السلطات الأمنية اليمنية سفينة إيرانية حملت اسم "جيهان" قرب خليج عدن، كانت محملة بكميات هائلة من الأسلحة في طريقها إلى الحوثيين حلفاء طهران، واحتجزت السلطات طاقم السفينة وشرعت في محاكمتهم غير أن انقلاب الأوضاع السياسية بعد اقتحام الحوثيين العاصمة صنعاء في أواخر عام 2014 وسيطرتهم على البلاد حال دون ذلك، فقد أطلق الحوثيون سراح طاقم السفينة وكل المتهمين في قضايا التجسس المرتبطين بإيران، دون شرط أو قيد؛ وبهذا تكون اليمن نموذجًا لنجاح خلايا التجسس وتطورها إلى ميليشيات عسكرية تسيطر على الدولة حتى الآن.


وشدد فهد الشرفي رئيس رابطة الإعلاميين اليمنيين المناهضين لجماعة الحوثيين، على أن الدولة اليمنية واجهت شبكات التجسس الإيرانية غير أن طبيعة النظام والتجاذبات السياسية في اليمن فتحت الباب على مصراعيه للإيرانيين ليعبثوا بأمن البلاد.

 
وأشار الشرفي في تصريحه لـ"الفتح" إلى أنه بعد دخول صنعاء على خط التعددية السياسية في عام 1990 وحدة الشمال والجنوب، كان هناك حرية استغلتها طهران لزرع شبكات التجسس والأنشطة الاستخبارية؛ وركزت الثورة الإيرانية الشيعية على اليمن منذ انطلاقها وكثفوا جهودهم على بعض الطوائف والشخصيات التي تجمعهم رؤى مشتركة كـ"جماعة الحوثي" التي أصبحت أحد أهم الأذرع الإيرانية في المنطقة.

ونصح الحقوقي اليمني المناهض للحوثيين، الدول العربية التي وصفها بالقريبة من دائرة الاستهداف الإيراني، بأن تقيّم ما وصلت إليه أنشطة طهران في جميع الدول كل على حده، تقييمًا أمنيًّا استراتيجيًّا عميقًا وتعد خططها التربوية والنفسية وحتى الأمنية والعسكرية لمواجهة هذا الخطر.


لم تكن اليمن وحدها النموذج العلمي الذي يشرح نجاح الاستراتيجية الإيرانية لاختراق المجتمعات العربية، حيث يؤكد الشيخ فاروق الظفيري المتحدث باسم الحراك الشعبي السنّي بالعراق، أن بغداد أصبحت مرتعًا لمخابرات نظام الفقيه، فإيران مسيطرة تمامًا على القرار العراقي من كل النواحي الدينية والسياسية والعسكرية والاقتصادية.


وأبدى الظفيري لـ"الفتح" مخاوفه لما يمثله هذا الأمر من خطر جسيم على الأمن القومي العربي والإسلامي؛ فقد أصبحت بغداد مكانًا لصنع المؤامرات الإيرانية ضد الدول العربية والإسلامية.

 

الكويت.. يقظة أنشطة التجسس المستمرة


بقية الدول العربية لم تكن في منأى عن هذا الخطر الإيراني السرطاني؛ ففي مايو من عام 2010 كشفت النيابة العامة الكويتية النقاب عن خلية تجسس بالبلاد وجهت لها تهمًا بالتخابر مع إيران للاعتداء على الكويت، غير أن مصادر مطلعة أكدت في حينها أن هذه الخلية واحدة ضمن 8 خلايا أخرى بالبلاد.


وبحسب صحيفة "القبس" الكويتية فإن علي ظهراني الملحق السياحي في السفارة الإيرانية الذي غادر البلاد فور علمه بورود اسمه في التحقيقات، عمل على تجنيد أعضاء الشبكات بالتعاون مع بعض شركات السياحة العاملة في الخليج، وبعد 3 أعوام قضت محكمة التمييز الكويتية بالحبس المؤبد لـ4 متهمين بينهم إيرانيين وكويتي، وفي العام ذاته تحديدًا في يناير 2013م أصدرت دولة خليجية أخرى -وهي الإمارات التي تحتل إيران 36 جزيرة من جزرها- حكمًا بالسجن 7 سنوات على المتهم سالم موسى فيروز بتهمة التخابر مع إيران، حيث سرّب معلومات عسكرية ومستندات عن القوات المسلحة الإماراتية لضابط استخبارات بمقر القنصلية الإيرانية.




يبكون العودة.. مصر سد منيع ولها مكانة خاصة

 

لمصر مكانة خاصة عند الشيعة؛ فمنذ طرد الدولة العبيدية وهم يبكون ويخططون من أجل العودة مرة أخرى؛ فقد وقفت القاهرة سدًا منيعًا أمام اختراق الشيعة للبلاد، ويسود التوتر في العلاقات السياسية بين البلدين، فهي أقرب للقطيعة منذ مجيء الخميني للسلطة، وتبلورت الرؤية الاستراتيجية لمصر تجاه إيران بأن ولاء الشيعة في أي بلد عربي كله لطهران؛ لكن المحاولات الإيرانية لا تعرف اليأس ولم تكن مصر -رغم تحفزها- بعيدة عن الأنشطة التجسسية، ففي عام 2005 اتهمت نيابة أمن الدولة العليا بمصر الحرس الثوري بتجنيد المواطن محمود دبوس لإرسال معلومات حساسة عن البلاد عبر موظفها محمد رضا دوست بمكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة.


وشهد عام 2008 القبض على خلية تابعة لـ"حزب الله" تضم 26 عنصرًا، وجهت لهم النيابة المصرية اتهامات بالتجهيز لأعمال إرهابية داخل البلاد، والتخابر مع جهات أجنبية؛ وعقب ثورة يناير 2011، عاشت البلاد حالة من السيولة الأمنية، ما دفع طهران لتكثيف عملياتها التجسسية عن طريق البعثات الدبلوماسية والسياحية وبعض المراكز البحثية والطرق الصوفية، إلى أن ألقت السلطات المصرية القبض على الدبلوماسي الإيراني "قاسم الحسيني" بتهمة التورط في شبكة تجسس.

قاسم الحسيني لم يعد الدبلوماسي الأشهر المتورط بالتجسس أو نشر التشيّع؛ فأمير موسوي الملحق الثقافي الإيراني خطف الأضواء في نهاية عام 2015 بعد تدشين جمع من النشطاء الجزائريين حملة لطرده من البلاد؛ واتهم الناشطون موسوي بتنفيذ مخططات إيرانية لإثارة الفوضى في الجزائر.



خطوط عريضة لمواجهة المخططات الإيرانية


دأبت إيران على مدار 4 عقود على اختراق المجتمعات العربية، فقد نجحت مرات وأخفقت مرات أخرى، ويعتبر نواف آل سليمان أن إيران نجحت بشكل جزئي في اختراق المجتمعات العربية والخليجية تحديدًا عبر تجنيدها الأقلية الشيعية، مثمنًا دور السلطات بكشف هذه الخلايا.

 
ووضع آل سليمان بعض الحلول والإرشادات للتعامل مع هذه الأزمة، مطالبًا بضرورة وضع حد للسفارات الإيرانية التي ترعى شبكات التجسس بالبلاد العربية، ووصف الشيعة العرب بوقود حروب طهران، مطالبًا الدول الخليجية بضرورة استثمار القاسم المذهبي بينها وبين سنة إيران الذين يمثلون ثلث الشعب الإيراني.

وعلى الصعيد الخليجي بالتحديد أشار الباحث في الشأن الإيراني إلى أنه حان الوقت لتدشين الكونفدرالية الخليجية، مشددًا على ضرورة قطع بعض دول الخليج علاقتها السياسية والاقتصادية بطهران كما فعلت الرياض والمنامة.

وأكد الدكتور نبيل العتوم أهمية تبني الدول العربية مشروع نقل الفوضى إلى عمق طهران عن طريق دعم الأكراد والسنة، وتفتيت اللحمة الاجتماعية والدينية للشعب الإيراني، منوهًا بأن هذه الدولة لا تفهم إلا لغة القوة والمعاملة بالمثل.

وفي هذا الصدد قال أسامة الهتيمي، لعل الخطأ الاستراتيجي الأكبر الذي ترتكبه الدول العربية المدرجة في الاستهداف الإيراني هو غياب التنسيق فيما بينها من أجل مواجهة الخطر الشيعي وتمدده؛ فمع الأسف الشديد تعمل كل دولة منهم على حده دون وعي عميق بخطورة الموقف، الأمر الذي وصل بإيران إلى حد أن تغولت في المنطقة بشكل خطير للغاية يستلزم وضع خطة عربية عاجلة، وهو أمر أيضا أصبح صعبًا في ظل حالة التوتر التي تسود علاقات البلدان العربية الرئيسية المنوط بها قيادة هذه الخطة؛ ومن ثم فإنه ليس هناك من سبيل إلا بذل مزيد من الجهد لتحصين الشعوب العربية السنية من هذا الاختراق عبر حملات إعلامية وتوعوية لا تتوقف حتى تبصر هذه الشعوب بخطورة الموقف وأخذ الحيطة والحذر.