بعد هجمات باريس .. اللاجئون في أوروبا يعيشون حالة ترقب وينتظرون المجهول

  • 132
ارشيفية

في الوقت الذي يلاقي فيه اللاجئون أسوأ أنوع المعاملة، خصوصًا على حدود الدول الأوروبية، وكانت منظمة الأمم المتحدة أفادت سبتمبر الماضي بأن نحو 3340 مهاجرًا غرقوا وهم يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط من أجل الوصول إلى أوروبا هذا العام.


زادت التفجيرات الإرهابية التي شهدتها باريس من معاناة اللاجئين في أوروبا، إذ تشهد القارة العجوز ارتفاعًا غير مسبوق في أعداد المهاجرين منذ الحرب العالمية الثانية، وبلغ عدد طالبي اللجوء أكثر من نصف مليون شخص خلال العام الحالي، بسبب الحروب الدائرة في منطقة الشرق الأوسط، وفق ما ذكرت مفوضية الأمم المتحدة العليا لشئون اللاجئين، وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند تعهد، بأن بلاده سوف تستقبل 30 ألف لاجئ، وهي حصتها من اللاجئين التي تم الاتفاق عليها أوروبيًّا.


تتجه أصابع الاتهام إلى اللاجئين بعد تفجيرات باريس، ويصبح القصاص منهم أمر واجب لدى بعض الأوروبيين المتطرفين، وهو ما ظهر سريعًا عقب هجمات باريس الأخيرة، خاصة مع معارضة أغلب الفرنسيين لفكرة فتح بلادهم للاجئين من الأساس، حيث نشرت الصحافة الفرنسية منذ فترة تقريرًا حول نتائج استفتاء تظهر أن 56% من الرأي العام الفرنسي يعارض فكرة استقبال المهاجرين واللاجئين على الأراضي الفرنسية، إلى جانب الحملة الفرنسية التي أطلقها نشطاء الجبهة الوطنية التي ترأسها مارين لوبان ضد اللاجئين، والتي أطلق عليها اسم أنا فرنسي، لا أريد مهاجرًا، سعيًا منهم لتقليب الرأي العام على التمسك بالشعور الوطني لا التوجه نحو تحويل فرنسا إلى مخيم للاجئين.


وفى أعقاب الهجمات الدامية التي تعرضت لها باريس، بدأت مظاهر الاعتداء على اللاجئين والانتقام منهم تظهر سريعًا، حيث اشتعلت النيران في مخيم كالاي شمال العاصمة الفرنسية، حيث يقطن هذا المخيم 6 آلاف لاجئ، أغلبهم من سوريا وبلدان أخرى شرق أوسطية وإفريقية، وقال عامل إغاثة: إن الحريق نشب بعد الساعة الـ11 مساءً، وأوضح أنه تم اصطحاب اللاجئين إلى مركز أشرام ومراكز إيواء أخرى مخصصة للنساء حتى يتم الانتهاء من إخماد الحريق، ولم تحدد السلطات المحلية السبب الحقيقي للحريق، غير أن وسائل إعلامية أشارت إلى أنه كان متعمدًا، وجاء انتقامًا لهجمات باريس.
كما تحدثت تقارير عن تعرضت 3 مخيمات للاجئين السوريين والعراقيين إلى اعتداءات مماثلة، فيما لم تشدد السلطات الفرنسية إجراءاتها الأمنية حول المخيمات لمنع وقوع مثل تلك الاعتداءات.


وفي ألمانيا، شارك في مدينة دريسدن شرق نحو 18 ألف متظاهر ضد طالبي اللجوء، ووصفوهم بـالمجرمين، في تظاهرة هي التاسعة ضمن ما يُسمَّى بـ"تظاهرات الاثنين"، والتي تنظمها جماعة أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب، وأظهر استطلاع للرأي أجراه موقع زيت الألماني، أن 49% من الألمان يتعاطفون مع مخاوف بيغيدا، بينما قال 30% إنهم يدعمون أهداف المتظاهرين بالكامل، مؤكدًا أن 73% من الألمان قلقون من أن المتطرفين ينتشرون، بينما قال 59 % إن ألمانيا قبلت عددًا كبيرًا من طالبي اللجوء، في الجهة المقابلة نظمت حكومة ولاية ساكسونيا بالاشتراك مع مدينة دريسدن تظاهرة جذبت نحو 35 ألف شخص تحت شعار "ضد العنصرية والعداء للأجانب". وقالت رئيسة بلدية دريسدن هيلما أوروز: لن نسمح لهذه الكراهية بأن تقسمنا.


ونددت أنجيلا مركل، المستشارة الألمانية، بالتظاهرات المناهضة للمسلمين، وحضَّت الألمان على معارضة حركة بيغيدا، ووصفت منظميها بأنهم عنصريون تملؤهم الكراهية، وصرح وزير العدل هيكو ماس، بأن المسيرات تجلب العار على البلاد، مؤكدًا أن ألمانيا تشهد تصعيدًا في التحريض على المهاجرين واللاجئين، وهو أمر بغيض ومقيت.


في السياق نفسه، أبدت المفوضية العليا لشئون اللاجئين قلقها إزاء ردود الفعل من قبل بعض الدول لإنهاء البرامج التي وضعت لإدارة أزمة اللاجئين واقتراح إقامة مزيد من الحواجز، والتراجع عن التزاماتها في هذا الشأن.

في الوقت الذي يلوِّح فيه الرئيس باراك أوباما برفض مشروع قرار يمنع دخول اللاجئين السوريين إلى الأراضي الأمريكية، قائلًا: إن غلق الباب في وجوه الفارين من الحرب الأهلية في سوريا سيمثل خيانة للقيم الأمريكية، يعيش اللاجئون حالة من الترقب في أوروبا.

بعض الولايات الأمريكية لن تستقبل أي لاجئين سوريين
قال ميتشغان ريك سيندر، حاكم ولاية، إنه قرر تعليق قبول أي لاجئين جدد في الولاية حتى إجراء مراجعات. وأعلنت ولايات أخرى عن قرارات مماثلة، لكن متحدثًا باسم وزارة الخارجية الأمريكية قال: إن قانونية هذا الإجراء لا تزال غير واضحة. وأوضحت الوزارة أن الإدارة الأمريكية لا تزال ملتزمة بقبول 10 آلاف لاجئ سوري العام المقبل.


وأضاف: "أمتنا تستطيع الترحيب باللاجئين الذين يبحثون بشدة عن الأمان، وضمان أمننا. نستطيع فعل كلا الأمرين، وعلينا القيام بذلك، لكن العديد من السياسيين الساعين للفوز بترشيح الحزب الجمهوري أكدوا أنه من الخطأ قبول المزيد من اللاجئين".


كان من بين هؤلاء بن كارسون المرشح الجمهوري، الذي لم يفوت الفرصة على نفسه لتوبيخ الرئيس الأمريكي باراك أوباما، فخرج عقب الانفجارات وأكد أن معلوماته عن الإرهاب أفضل من التي حصل عليها البيت الأبيض، منتقدًا أداء أوباما خلال الفترة الأخيرة، وقال المرشح المحتمل للرئاسة الأمريكية لعام 2016 خلال مؤتمر صحفي: هناك بعض المتعطشين لدماء الأبرياء الذين يحاولون نشر فلسفتهم وإرادتهم عبر هذا العالم، ويجب علينا مضاعفة جهودنا وإصرارنا على مقاومة هؤلاء والتخلص من هذا النوع من الكراهية، يعد بن كارسون أكثر المرشحين الأمريكيين تطرفًا في تعقيبه على حاث فرنسا؛ إذ طالب بطرد اللاجئين السوريين القادمين من الشرق الأوسط، وعدم استقبال أي لاجئ بدعوى أنهم تسببوا في مثل هذه الكارثة.


هيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية 2016، لم تفوت الفرصة لتؤكد أنها الأجدر والأحق بأن تكون رئيسة أمريكا في الفترة المقبلة، قائلة: علينا أن نقف جنبًا إلى جنب في كل خطوة من الطريق مع فرنسا وحلفائنا حول العالم لشن وكسب المعركة ضد الإرهاب والتطرف العنيف، كما دعت كلينتون إلى تفتيش دقيق للاجئين الذين تقبلهم الولايات المتحدة.


ويعيش اللاجئون ظروفًا صعبة في باريس، إذ يقيم بعضهم في الساحات والحدائق العامة، وطالبت منظمات إنسانية السلطات المحلية والوطنية بأن تكفل للسوريين أن يكونوا قادرين على التقدم بطلبات لجوء وأن تلقى احتياجاتهم المتعلقة بالإقامة الاهتمام الفوري.


بدورها، قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، إنها تتابع التدابير الدولية المتخذة لمكافحة الإرهاب في أعقاب تداعيات هجمات باريس التي وقع العرب والمسلمون في المهجر الغربي ضحية للاعتداءات ذات الطابع العنصري مجددًا، فضلًا عن بدء سلسلة من ردود الفعل والاستغلال المريع لتداعيات الكارثة في اعتداءات متفرقة في المنطقة العربية.


وأكدت المنظمة في بيان لها، أن سلسلة من الاعتداءات وقعت على مساجد ومخيمات نازحين في عدة بلدان أوروبية تضم جنسيات عربية ومسلمين، كما جرى توقيف العشرات على أساس الاشتباه، وبات المواطنون والمقيمون واللاجئون من أصول عربية وغيرهم من المسلمين يقبعون في حالة ذعر ومخاوف من مخاطر متنوعة.


وكشفت دبلوماسيون في عمان، عن أن السفارة الفرنسية بدأت تجمع معلومات عن اللاجئين السوريين الموجودين في الأردن لتقديم الدعم المالي للأردن لمساعدته على تغطية احتياجاتهم من أجل المحافظة على بقائهم هناك، وعدم هجرتهم إلى أوروبا خاصة فرنسا.