"التِرام" وسيلة نقل البسطاء.. هل يمكن إنقاذه من الإهمال؟!

  • 166
الترام

"الترام" وسيلة نقل البسطاء.. هل يمكن إنقاذه من الإهمال؟
أستاذ نقل: الإفراط في المصروفات والإنفاق الباهظ والورش المتحللة وراء تراجع الخدمة
خبراء: خسائره بسبب فشل المسئولين وسوء الإدارة
مراقبون: يخدم البسطاء غير القادرين على استقلال التاكسي.. وليس بالضرورة أن تحقق الدولة منه مكاسب

المواطن هو عماد التنمية والاقتصاد في أي بلد من بلدان العالم، حيث يلاقي اهتمامًا بالغًا، لكن هذا الاهتمام دائمًا ما يفتقده المواطن في مصر، فبدون استيفاء المواطن لمقومات حياة سليمة وخالية من الأمراض والتيسير عنه في شتى المجالات، لا تنتظر منه أية مساهمة إيجابية في تحقيق تنمية مستدامة قادرة على التقدم.


لكن للأسف خلال الأيام الماضية لوحظ أن هناك تكرارًا لحوادث تتعلق بالإهمال لم تسلم منه وسيلة نقل البسطاء "الترام"، فمنذ فترة والدراسات تشير إلى ارتفاع معدلات رفع الأسعار تارة، وإهمال الطرق والكباري تارة أخرى، وبدلًا من الشفافية ومعرفة أسباب الإهمال ووضع خطة للقضاء عليه ومحاسبة المسئولين عنه، خرج رئيس هيئة النقل العام يصرح بأن الهيئة تتكبد فواتير كهرباء لوسيلة الركاب "الترام"، بقيمة 5 ملايين جنيه دون عائد.


جاءت تصريحات اللواء رزق أبو علي، رئيس هيئة النقل العام، حيث أكد أن الترام كان أحد أهم وسائل النقل في فترة زمنية معينة منذ عشرات السنوات، والآن أصبح أحد أكثر الوسائل بطئًا وأقلها استفادة، خاصة أن العربات الحالية له التي تعمل في مصر أصبحت متهالكة وتكلفة صيانتها مرتفعة للغاية.
وأشار أبو علي، إلى أن الهيئة تدفع ما يقرب من 5 ملايين جنيه شهريًّا فاتورة كهرباء المترو، دون أن تحصل الهيئة على العائد الذي يغطي التكاليف الباهظة له والتي تُلزم الهيئة بدفعها شهريًّا.


وأضاف رئيس الهيئة، أن الإدارة تبحث عن بدائل للترام كالقطار الطائر أو الـ"مونوريل"، أو من خلال توفير وسائل جديدة للكهرباء من خلال استخدام مولدات كهرباء ضخمة لدعم خطوط الكهرباء المُغذية للخطوط التي يعمل بها الترام حاليًّا، مؤكدًا أنه يتم عمل اجتماعات دورية مع مجلس إدارة الهيئة لاختيار البدائل الأمثل لحل الأزمة.


وفي هذا الشأن، قال الدكتور هاني حنا، أستاذ النقل بهندسة عين شمس، وخبير النقل والمواصلات، أن إعلان هيئة النقل العام عن تكبدها خسائر في وسيلة الركاب "الترام"، يرجع لفشل وسوء الإدارة، إذ إن هذا بمثابة اعتراف بالفشل من قِبَل الهيئة.


أضاف حنا، أن وسيلة الترام من الممكن أن تكون سهلة وسياحية وتحقق مكاسب أيضًا، لو تمت إدارتها بالشكل المطلوب والمناسب، مشيرًا إلى أن أكبر عواصم وبلدان الدول الأوروبية تعمل حتى الآن بوسيلتي الترام و"الترولي باص"، الذي تم إلغاؤه في مصر.


وتابع: "المشكلة تكمُن في سوء الإدارة وفشل المسئولين في كثير من الهيئات والمؤسسات، فالمدير الذي يشكو دون أسباب مجدية فهو لا يحسن الإدارة وفاشل، وهو ما يؤكد أن إمكانياته وتصرفاته محدودة وإخفاقه واضح في عدم تطوير المرفق الذي قد يُدير دخلًا ويحقق أرباحًا جيدة".


وأوضح أستاذ النقل، أن وجود معضلة غير قابلة للحل لمشكلة تطوير الترام يحتاج إلى تحرك وزارة النقل من خلال دراسة حجم ووسائل تطوير المرفق وتحديد قيمة التذكرة المناسبة من قِبَل المتخصصين، إذ إن المواطن لا يقبل على وسيلة أو مرفق مهمل دون تطوير ونظافة وإمكانيات تيسر عليه.


وألمح إلى أن من عوامل خسارة مرفق "الترام"، قد يكون في الإفراط في المصروفات والإنفاق بشكل كبير لا يتواكب مع الدخل، بالإضافة إلى الورش المتحللة، فضلًا عن عدم حسن الإدارة في الإمكانيات أو القوى البشرية، ونتيجة لإهدار البنية التحتية بشكل دائم للمرفق.


وفي السياق ذاته، أكد الدكتور صلاح هاشم، خبير التنمية والمراقب بالأمم المتحدة لمكافحة الفساد، أن وزارة النقل فشلت في كيفية إدارة وحسن استغلال الترام، حيث الوسيلة السهلة والبسيطة للبسطاء والفقراء.


وأوضح هاشم، أن الترام يخدم المواطن العادي غير القادر على استقلال التاكسى، كما أنه بديل عن الطفطف الذي يجوب شوارع المدينة، مشيرًا إلى أنه لا يمكن المقارنة بينه وبين المترو مثلًا، لأن هناك اتجاهات مختلفة بين الوسيلتين تخدم قطاعات كبيرة من أطياف الشعب.


وأضاف خبير التنمية، أنه ليس بالضرورة أن تحقق الدولة أية مكاسب من تلك الوسيلة، لكن من الممكن أن تتخذ إجراءات تحسن من وضعه المتردي لجذب الطبقة المتوسطة إضافة إلى الطبقة الفقيرة، موضحًا أن مصر دولة تجمع بين النظامين الرأسمالي والاشتراكي.


وأشار إلى أن النظام الرأسمالي في أوروبا يدخل ضمن النظام السيادي للدولة مثله مثل الدفاع والداخلية والأمن القومي لتحقيق العدالة الاجتماعية، مضيفًا أن الترام أحد الوسائل التي تعبر عن شكل الدولة، إذ إن دولة مثل المغرب -وهي فقيرة- بها الترام من أجمل الوسائل ويعطي شكلًا حضاريًّا، كما أن دولة مثل تونس وبلدان شرق إفريقيا يمثل بها الترام وسيلة مواصلات حضارية وراقية وتتواكب مع محدودي الدخل.