"خدعة" اسمها: "التسويق الشبكي!" (3)

  • 218

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فمِن شبهات المروجين للتسويق الشبكي أو ألاعيبهم لخداع البسطاء: أنهم يقولون إنهم يخدمون المشتري، ويوفّرون عليه ما قد يأخذه موزعو الجملة وموزعو التجزئة، وبالتالي تصل إليه السلعة أرخص مِن ثمنها لو بيعت في المحلات، ويزعمون أن السلع التي يخدعون الناس ويبيعونها بأضعاف أضعاف قيمتها الحقيقية إنما هي سلع فائقة الجودة، وكل هذا الكلام باطل، والحقيقة خلاف ذلك.

فلو كانت السلعة فائقة الجودة حقًّا لكانت معروضة في الأسواق لكل الناس، وعدم وجودها في السوق وعدم قدرتها على منافسة غيرها يثير علامات استفهام كثيرة حول جودتها وقيمتها الفعلية، ويثير الشكوك فيمَن يسوّقون لها.

ولو كان التسويق حقًّا يتم عن طريق البيع المباشر؛ لكان بإمكان أي شخص أن يشتري مِن تلك الشركة مباشرةً عن طريق الإنترنت أو غيره، ولكن ما يتم هو عكس ذلك، فالمشتري لا بد أن يكون جزءًا مِن سلسلةٍ مِن المشترين، ويحصل كلُّ مَن فوقه في الهرم على نسبةٍ مِن العمولة.

ولك أن تتخيل سلعةً يشتريها الشخص بألف دولار مثلًا، وكل مَن فوقه في الهرم الذين قد يصل عددهم إلى المائة قد أخذوا عمولة على هذه السلعة، فلو أخذ كل واحد منهم عشرة دولارات فقط رغم أنهم يأخذون أكثر مِن ذلك، فمِن أين جاءت كل هذه الدولارات؟!

وهذا يدلك على أن الثمن الذي تباع به السلعة أكبر بكثيرٍ مِن قيمتها الحقيقية، وأن الأمر في النهاية: أن كل مَن اشترى سلعة بعشرين ألفًا مثلًا، وهي في الحقيقة قد لا تساوي الألف، يريد أن يعوِّض خسارته بإقناع غيرِه بأن يشرب مِن نفس الكأس المر، وهكذا تستمر سلسلةُ الخداع الشبكي في أكل أموال الناس بالباطل؛ وبهذا يُعلَمُ أن هذه الدولارات إنما جاءتْ مِن جيوب الغلابة المخدوعين!

وهذا التسويق الشبكي له تأثير سلبيٌّ وخطير على اقتصاد البلاد، فكلما زاد عدد المخدوعين به، كلما زاد إنفاق الناس لدولاراتهم في شراء سلعٍ في الغالب لا يحتاجونها في الحقيقة، ويشترونها بأضعاف أضعاف قيمتها، وهكذا تذهب العملة الصعبة هباءً منثورًا!

وفي الختام: ينبغي على المسلم أن يحْذَر مِن المشاركة في تلك الخدعة الكبرى المسماة: "بالتسوُّق الشبكي"، وعليه أن يحَذِّر إخوانه المسلمين مِن هؤلاء المخادعين أو المخدوعين، وينبغي أن يقوم الدعاة والإعلاميون بتوعية الناس حتى لا يقعوا في حبائلهم، ويجب أن تقوم الهيئات الرقابية بالدولة بواجبها لمنع هذه المعاملة المحرمة التي تفسد اقتصاد البلاد، وتفسد دنيا العباد وآخرتهم، وأن تقوم بواجبها للأخذ على أيدي مَن يروجون لها.

حفظ الله بلادنا مِن الشرِّ وأهله.