"شيخ الأزهر" يفضح الوجه القبيح للمنظمات الدولية!

  • 171

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد جاء في بيان فضيلة الإمام الأكبر "شيخ الأزهر" -حفظه الله- بخصوص مسلمي بورما: "أصبحت المناشدات الخجولة المتردّدة التي تُطلقها المنظمات الدولية والإنسانية لإنقاذ المواطنين المسلمين مِن عدوان الجيش البورمي، والسلطات في ميانمار، أصبحت هذه المناشدات ضَربًا مِن العبث وضياع الوقت، ونحن على يقين مِن أن هذه المنظمات العالمية كانت ستتخذ موقفًا آخر مختلفًا، قويًّا وسريعًا، لو أن هذه الفئة مِن المواطنين كانت يهودية أو مسيحية أو بوذية أو مِن أتباع أي دينٍ أو ملّةٍ غير الإسلام!".

كشفتْ هذه الصيحة المدوية لفضيلة الدكتور "أحمد الطيب" الوجه القبيح لأمريكا والغرب، وما يسمونه بالنظام العالمي: "الأمم المتحدة - ومجلس الأمن - ومنظمات حقوق الإنسان - وغيرها... "، وكشفتْ ما يقومون به مِن سياسة الكيل بمكيالين؛ مكيال يعاملون به المسلمين، ومكيال يعاملون به غيرهم.

وإن نظرةً سريعة في التاريخ الحديث توضح أن هذا هو دأب القوم، فهل يُجنى مِن الشوك العنب؟!

فمَن يدَّعون نصرة الحضارة والتطور، والديمقراطية والانفتاح، وقفوا وقفة ظالمة منذ أن بدأتْ قضية فلسطين، وبدلًا مِن الانتصار للحق ونصرة المظلوم؛ راحوا وبكل الوسائل يفرضون سياسة الأمر الواقع على أصحاب الأرض الحقيقيين، وينتصرون لمغتصب الأرض!

وفي قضية "كشمير" حيث الصراع  بيْن الهندوس والمسلمين تجد مِن هؤلاء الوقوف بجانب عُبَّاد البقر ضد المسلمين!

وفي قلب أوروبا، في "البوسنة" أخذ الصرب الأرثوذكس على عاتقهم مهمة تصفية شعبٍ بأكمله، وسَحْقه على مرأى ومسمع مِن أدعياء الحضارة والتمدن؛ فاستمرت خطة القتل والإبادة ثلاث سنوات، ولما انتفض المسلمون ليدافعوا عن دينهم وأعراضهم، وبدأوا يحققون الانتصارات وجد أدعياء الحضارة أنفسهم في حرجٍ شديدٍ؛ فهنا كان لا بد أن يتدخلوا ليحسم الأمر قبْل أن ينفلت الزمام، وينقلب السحر على الساحر، فأوقفوا الحرب، ولكن بعد قتْل آلاف الأبرياء مِن النساء والأطفال، وبعد أن هُتِكت أعراض الآلاف مِن المسلمات.

ثم جاءت قضية "كوسوفا"، واستعمل الغرب طريقة جديدة في معاملة الصرب، وهو الضرب عن بُعد، ولكنه رفض أن يتدخل على الأرض حتى أكمل الصرب مخططهم في إذلال مسلمي "كوسوفا" وكسر شوكتهم بذات الطريقة التي استعملها في "البوسنة".

أما في "تيمور الشرقية" التابعة لدولة إندونيسيا المسلمة؛ فبادرتْ هذه المنظمات وبسرعة متناهية، فأصدرت القرارات تلو القرارات لاستقلال هذه البقعة عن إندونيسيا، لماذا؟! لأن الأرض أرض مسلمة، ولكنّ المطالبين بالاستقلال مسيحيون، وأنشأوا دولتهم في قلب أكبر بلدٍ مسلم.

ثم جاءتْ قضية "الشيشان": فبعد أن طالب شعبُ الشيشان بأكمله بالاستقلال عن الاتحاد السوفييتي، وحينما بدأ يحكم نفسه بنفسه، وجد أن أمر الاستقلال بعيد بُعد المشرقين في موازين الغربيين؛ فإنه لا يتناسب مع نظريتهم القائلة: "لا لدولة إسلامية في أرض أوروبا!"؛ ففي الوقت الذي ساعد الغرب على إقامة دول نصرانية في بقايا الاتحاد السوفييتي، وقف وقفة صارمة رافضة لأي فكرةٍ مبناها إقامة دولة مسلمة في إحدى بلدان القوقاز المسلم، ولم يكن موقف الغرب الحضاري حامي حمى العدل والحرية مِن الحرب الأخيرة التي قام بها الروس ضد الشيشان سوى إشارات هزيلة باهتة، تدعو إلى عدم الإكثار مِن استعمال الأسلحة المحرمة؛ لأنه يتنافى مع الاتفاقيات المعقودة سابقًا!

وفي "سوريا" اليوم تجد سكوت القوم عن المذابح التي يقوم بها "بشار الأسد" وحلفاؤه الروس في حق المسلمين، وتجد تواطؤ الغرب مع الروس ضد المسلمين!

وينبغي ألا ننسى أن "مجلس الأمن" الذي تتعلق به القلوب في إصدار قرار إدانة لا تُطبق قراراته غالبًا إلا إذا كانت ضد المسلمين، وأن هذا المجلس تتحكم في قراراته خمسُ دول فقط هم الأعضاء الدائمون وهم: "أمريكا - وروسيا - وبريطانيا - وفرنسا - والصين"؛ هذه الدول تسعى مِن خلال قراراته لتحقيق مصالحها الخاصة، وفرض سيطرتها على الدول الضعيفة "والإسلامية منها بالذات"، وبعد ذلك يُقال عن أي قرارٍ يصدر عن هذا المجلس بأنه قرار دولي أو يعبِّر عن إرادة المجتمع الدولي، وهذا مِن أعجب العجب!

فهل نتوقع مناصرة قضايانا ممن زرعوا النبتة الخبيثة (إسرائيل) في قلب العالم الإسلامي؟!

أم نتوقع ذلك مِن روسيا التي لطختْ يديها بدماء المسلمين الأبرياء في دول آسيا الوسطى وأفغانستان والشيشان؟!

أم مِن فرنسا الصليبية التي يؤذي حريتَها الإباحية عفافُ المسلمات الملتزمات بالحجاب والنقاب، فتقف لهما بالمرصاد فتشرع القوانين المقيدة للحريات؟!

إنها فرنسا التي قال رئيسها السابق "ميتران" لرئيس البوسنة المسلم "علي عزت بيجوفيتش": "ليكن في علمك بوضوح أن فرنسا لن تسمح مطلقًا بوجود دولة على عتبات أوروبا يحكمها المسلمون!".

أم نأمل ذلك مِن الصين "العضو الخامس في المجلس"، وهي التي لا زالت تستعمر تركستان الشرقية، وتقتل وتهجر المسلمين هناك؟!

إن قضايا المسلمين لن يحلها -بفضل الله- أحدٌ غيرهم، وما حَكَّ جلدُك مثلُ ظفرِك، وما اغتُصِب بالقوة لا يُسترَدّ إلا بالقوة؛ ذلك هو المنطق الذي تشهد له حقائق التاريخ الإنساني قديمًا وحديثًا؛ فلولا ذلك لما خرج الرومان مِن العالم العربي في عصر الفتوحات، ولما طَرد المسلمون الصليبيين المعتدين الغزاة مِن أراضيهم، ولما غادرتْ فرنسا الجزائر، ولا أمريكا فيتنام، ولا روسيا أفغانستان.

فإلى متى نبقى مخدوعين بمجلس الأمن؟!

إن شرور اليهود والبوذيين والهندوس والصليبيين، واعتداءاتهم على المسلمين لن تقهرها "شرعية دولية"، ولا قرارات شجب وإدانة واستنكار، وإنما تهزمها وحدة المسلمين واتفاقهم وقوتهم، وتفوقهم التقني والعلمي والعسكري، والاتحاد والتعاون فيما بينهم في كل المجالات؛ ولا سيما المجالات الدفاعية والعسكرية.

فنحن في زمانٍ استأسد فيه "الفأر" عندما نام "الأسد"!

ولن تعود الأسُود أسُودًا إلا عندما تتمسك بالإسلام عقيدةً وعبادةً، وشريعةً وأخلاقًا؛ عندها لن يستطيع "الفأر" أن يعيش دور "الأسد"، بل سيلزم جُحْره خانعًا خاضعًا ذليلًا.