أنت الأمير أم هو ؟!

  • 158


ذكر أهل السِّيَر في ترجمة عُيينة بن حصن أنه كان من المُؤَلَّفَة قلوبُهم، وقد أقطَعَه -أي أعطاه- النبي ﷺ  أرضًا، تأليفًا لقلبه، فلما ارتد عن الإسلام بعد النبي ﷺ قُبضت منه، فلما جاء فأسلم كَتَب له أبو بكر -رضي الله عنه- كتابًا، فدفعه عُيَينة إلى عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه- فشَقَّهُ عُمَر وألقاه! وقال: «إنما كان لو أنك لم ترجع عن الإسلام فأما إذ ارتددت فليس لك شيء».

فذهب عيينة إلى أبي بكر فقال: «أنت الأمير أم عمر»؟!

قال أبو بكر : «بل هو إن شاء الله».

قال عيينة: «فإنه لما قرأ كتابك شَقَّه وألقاه» (يُحَرِّضه عليه!)،

فقال أبو بكر: «أما إنه لم يألني وإياك خيرًا». أي: أنه لم يرد بي وبك إلا الخير !

وفي موقف مُشابِه لما سئل أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: أنت الأمير أم عمر ؟! قال: هو -أي أن الأمير هو عمر- غير أن الطاعة لي!

سبحان الله!

أبو بكر خليفة المسلمين يقضي بالأمر ويكتبه (قرار جمهوري بلغة عصرنا)، فيرده عمر! بل ويمزق الكتاب!!، فيبلغ ذلك أبا بكر، فيُمضي أبو بكر فِعْل عمر، فيقول الرجل: أنت الأمير أم هو؟ فيقول له بل هو!

رضي الله عن أبي بكر وعُمَر ..

سرحت بخيالي وأنا أقرأ هذا الموقف لأتذكر كم عدد الجلسات تلو الجلسات التي تُعقَد من أجل إزالة الحزازات بين العاملين لدين الله ممن يفترض فيهم أنهم إخوة في الله.

سرحت بخيالي وأطلقت له العنان ... تُرى كيف لو كان حالنا مع بعضنا بمثل هذه السهولة واليسر وصفاء النفس؟!

تخيلت لو أن موقفًا كهذا حدث في وقتنا الحال كيف ستكون ردود الأفعال ..

إنهم السلف يا سادة !

أيها القارئ الكريم:

ليس العجب مِن فِعْل أبي بكر أو عُمَر فحسب، بل العجب من المجتمع كله!! فلقد مَرَّ  هذا الموقف  مرور الكرام، فلا تحليلات، ولا تَحُّيزات، ولا وجهات نظر، ولا كواليس اللقاء، ولا الأسرار الخفية، ولا شيء من هذا .. رحم الله أصحاب النبي محمد ﷺ .