عندمـا يُـقـتـص للظالـم!

  • 381


ما هو شعورك إذا جئت يوم القيامة تقتص ممن ظلمك فوجدت أن القصاص له وليس لك؟!

أوَيَكون ذلك؟!

نعم يكون!

ودعني أخبرك كيف يكون:

روى الإمام أحمد وصححه الألباني من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن رجلًا قعد بين يدي النبي -ﷺ- فقال: يا رسول الله، إن لي مملوكين يكذبونني ويخونونني ويعصونني، وأشتمهم وأضربهم فكيف أنا منهم؟

قال: «يحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك وعقابك إياهم، فإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافًا، لا لك ولا عليك، وإن كان عقابك إياهم دون ذنوبهم كان فضلًا لك، وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم اقتص لهم منك الفضل».

قال: فتنحى الرجل فجعل يبكي ويهتف، فقال رسول الله -ﷺ-: أما تقرأ كتاب الله {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} ؟!.

أرأيت؟!

إن ظلم الظالم ليس مبررًا لأن تفعل معه ما تشاء، أو أن تقع في عرضه أو تعتدي عليه في بدنه أو تسبه وتشتمه كما تشاء..

فلربما بِسَبِّكَ وشتمك وضربك له تأتي يوم القيامة فتجد الحق له لا لك!

أوَتَظن أن شتم الظالم وسبَّه من الحسنات الماحيات مثلاً؟!

أم تظن أن إيذاءَه من القربات والعبادات؟!

كلا يا صاحبي!!

إن شتمك له وسبك له وغيبتك له وإيذاؤك له ظلم منك له، كما أن فعله معك ظلم منه لك، والله تعالى لا يظلم الناس شيئًا، يقتص لكل واحد ممن ظلمه.

انظر حولك: تجد من الشتم والسب والاستهزاء وفحش القول ما يظن المظلوم أنه به يُفَرِّج عن نفسه، وهو -واللهِ- يُوبِقُها ويضيعها وهو لا يدري..

وكذلك تجد الغش والخداع والمكر والتعدي على الحقوق، فإذا ما نصحت قيل لك: البادي أظلم!

لكن الحساب يوم القيامة ليس بهذه الطريقة..

إن الحساب يوم القيامة بأمثال الذر.

وإنه لمُفزِعٌ حقًا أن يخسر العبد حقه في الدنيا ويمضي وهو يؤمل الآخرة، فإذا أتاها وجد نفسه قد أضاع حقه بنفسه وهو لا يدري..

ومما يؤسَف له أن تجد من يستدل بقوله تعالى «لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ» على جواز أن يتكلم بما شاء في حق الظالم!

وليس الأمر كذلك.

بل إن معنى الآية كما قال البغوي: «لا يحب الله الجهر بالقبح من القول إلا من ظُلِم، فيجوز للمظلوم أن يخبر عن ظلم الظالم وأن يدعو عليه»؛ هذا هو القبح في القول الذي فهمه السلف!

يا لهف نفسي!

اللهم إنا نعوذ بك من عذاب النار.