تأثير الغلام على الأنام

  • 227

قصة أصحاب الأخدود تحمل في ثناياها معاني عظيمة، وفوائد جليلة، وأفكارا بَنّاءة، لو ذهبت تستقصيها وتتعمق فيها لاستخرجت منها دروسًا مهمة في التربية، والثقة بالله، وتصحيح كثير من المفاهيم الخاطئة، وتجلية الحقائق التي قد تغيب عن النفس أو الغير.. فمن هذه الدروس:

-       كلمةُ الله هي العليا.. يخططُ الطغاةُ، ويكيد الكفارُ، ثم يصبح ما صنعوا أثرًا بعد عين..

-       (قال الساحر للملك: إني قد كبرت فابعث إلي غلامًا أُعَلِّمه السحر)؛ إن الساحر صبر على تعليم الغلام ليأخذ الغلام مقاليد الفساد ولكن الغلام أخذ مقاليد الخير كله..

-       تأثير الراهب على الغلام بلغ منتهاه.. راهب متعلق بالله، يعلم أن البذور التي يبذرها ربما تكون واحدة منها شجرة وارفة الظلال.. لم يترك دعوته مع الكبير والصغير..

يعلم أن النصر في أحيان كثيرة لا يحتاج إلى أعداد من الرجال أصحاب العضلات المفتولة.. علم أن التأثير بالكلمة أبلغ أثرًا من العدة والعتاد..

-       أهل التأثير في هذه القصة ليسوا ألف رجل.. بل هم ثلاثة فقط، واحد منهم غلام صغير، وكان أصغرهم أبلغهم أثرًا في المجتمع؛ فلا تيأس، واخلع رداء العجز، وابذل النصيحة، فإن التغيير يحتاج إلى الأمل قبل العمل..

-       الغلام تعلم صناعة التأثير من أستاذه الراهب الحكيم، فأثر في جليس الملك، ثم بلغ الثأثير منتهاه، حتى تأثر المجتمع كله به..

النجاح يحتاج إلى وقت.. النجاح درجات يرتقيها العبد المؤمن.. النجاح والتأثير الحقيقي ربما لا يأتي من الأستاذ المعلم، بل يأتي من التلميذ الصغير الذي لم يبلغ في العلم منتهاه..

-       الملك الغشوم قَتَل الراهب ثم قتل الجليس، لكنه لم يجرؤ على قتل الغلام في حضرته، بل أمر الجنود أن يقتلوه في أماكن بعيدة؛ لأن الغلام أصبح له تأثير واضح عَلِمَه أهل المدينة؛ فلا يريد الملك أن يثور عليه أحد..

تأمل قول الله عن فرعون: "وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ۚ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُون"؛ لم يقل سأقتل موسى هنا، لأن موسى أصبح له تأثير بلغ الآفاق..

-       التغيير بالكلمة بالطيبة والموعظة الحسنة طريق الأنبياء والصالحين.. "أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ".