وسقطت الأقنعة

  • 156

ما كان ملتبسًا على كثير من الناس أصبح مكشوفًا، وما كان غامضًا صار واضحًا، وما كان في الغرف المغلقة فيتم الآن على مرأى ومسمع من الجميع، وما كان تحت السطح ظهر فوقه.
 
قلنا من قبل: "إن الثورة الشيعية الخُمينية في إيران هي صنيعة الغرب وأمريكا؛ لإشعال المنطقة بالحروب والصراعات الطائفية، وإضعاف وإنهاك العالم السني، الذي يمثل الأغلبية الكاسحة للمسلمين، فالغرب يعلم جيدًا ما يحمله الشيعة من عداء وبغض لأهل السنة، وأن تاريخهم مليء بالمؤامرات الخسيسة والخيانات، وكذلك التحالفات مع الأعداء والغزاة ضد المسلمين، بل أن الشيعة يحلمون بقيام "إمبراطورية فارسية" على أنقاض العالم العربي والعالم السني".
 
قلنا وحذرنا، ولكن قُوبل هذا التحذير بالتهكم والاتهام بالتعصب وتفريق الأمة وإذكاء النزاعات الطائفية إلى آخر هذه القائمة من الاتهامات.
 
قلنا وحذرنا من أن "حزب الله" الشيعي اللبناني هو ذراع إيران في قلب الدول العربية من أجل تحقيق الحلم الإيراني للسيطرة على المنطقة بأكملها، فقابلونا بنفس التهم الجاهزة.
 
قلنا وحذرنا من أن ولاء الشيعة ليس لأوطانهم، ولكن لآيات الشيطان في طهران وقمّ والنجف، ولا من مجيب.
 
والآن سقطت جميع الأقنعة وانكشف الأمر بحيث لم يعد خافيًا على أحد ما حذرنا منه من قبل.
 
وفي غفلة أو تغافل أو تفريط، وجدنا إيران تمد أذرعها وتغرس مخالبها في أرجاء الوطن العربي من العراق إلى سوريا إلى لبنان إلى اليمن إلى البحرين إلى السعودية، والبقية تأتي.
 
في العراق تتم صفقة في الظلام بين أمريكا وإيران لإسقاط صدام حسين، وتسريح الجيش العراقي، وتسليم مفاتيح العراق للشيعة وإيران، الذين قاموا بأبشع أنواع الإقصاء لأهل السنة، والقتل على الهوية، والتطهير الطائفي المزري.
 
وما يحدث الآن في سوريا من التحالف الصريح والمعلن بين إيران وأذرعها في المنطقة من الميليشيات العراقية الشيعية وقوات حزب الله والنظام العلوي الشيعي الحاكم بمساندة علنية من روسيا، وبمباركة أمريكية غربية؛ لتغيير التركيبة السكانية في سوريا، والتمهيد لتقسيمها، ولتمكين الشيعة كما حدث بالعراق.
 
وما نراه الآن من اجتياح "شيعي - أمريكي" لمدينة الفلوجة -رمز المقاومة السنية- بحجة ضرب تنظيم داعش الذي  هو من صفهم.
 
وما فعله الحوثيون الشيعة في اليمن بمساندة مباشرة عسكرية ومادية من إيران، وما يحدث في شرق السعودية، والبقية تأتي.
 
الحلم الأكبر هي مصر، قلب العالم الإسلامي والعربي، فهناك خطر داهم على مصر من محاولات التغلغل الشيعي داخل المجتمع المصري.
 
وللأسف، الدول العربية منكفأة على نفسها، مشغولة بالأزمات الداخلية، التي يزكيها الغرب وأمريكا وإسرائيل، انقسامات واستقطابات، وأزمات اقتصادية، وانهيار قيمي وأخلاقي وسلوكي.
 
وفي ظل هذا الخطر الداهم الذي يهدد كيان الدولة المصرية ومحاولة إضعافها وانهيارها تمهيدًا لتقسيمها استكمالاً لمخطط إعادة ترسيم المنطقة؛ بما يحقق مصالح قوى عالمية وأقليمية.
 
في ظل هذا الخط نجد من بيننا من يكرس لإنجاح هذا المخطط سواء بقصد أو بدون قصد.
 
ممارسات من أجهزة الدولة تزيد من حالة الاحتقان والانقسام المجتمعي، وإضعاف -بل انهيار- الاصطفاف الوطني، سواء ممارسات سياسية أو أمنية أو سياسات اقتصادية، أو أداء إعلامي.
 
أما القوى السياسية فتجد المكايدات والإقصاء الحاد، والغياب التام للغة الحوار والالتزام بأدب الخلاف.
 
أما الانحدار الأخلاقي، فحدث ولا حرج في كل المجالات بلا استثناء، وإفساد متعمد للشباب، مع محاولات لزعزعة الثوابت ولتمييع قضية الهوية.
 
ونحن كـ"حزب النور" نعي جيدًا تلك المخاطر وتلك التحديات، ولن يكون "حزب النور" أبدًا معول هدم للوطن، أو سببًا لخلق انقسامات أو صراعات، مع أن حزب النور تعرض لأبشع أنواع الإقصاء والتشوية المتعمد.
 
وسنظل دائمًا -إن شاء الله- أداة بناء لا معول هدم، سببًا للتجميع، لا للتفريق، نسعى للالتئام، لا للانقسام، نُعلي الصالح العام، ننحاز للحق والوطن.
 
إن الخطر الداخلي أصعب وأكبر من الخطر الخارجي، ونحن نحذر من هذه الممارسات والسياسات، ونطالب بوقفة ومراعاة وتصحيح مسار.