اتباع
نصوص الوحي المهدية هو العاصم من قواصم الهوى المردية
ونحن
نتمسك بنصوص الوحيين لأنها العاصم من مضلات الهوى بغير مَيْن، فإنهما ضدان لا يجتمعان؛
إما تعظيم الوحي المنزل الذي ينجي صاحبه ويهديه، وإما اتباع الهوى الذي يهلك صاحبه
ويرديه، فهما ضدان لا يجتمعان، فليس هناك طريق وسط بين الشريعة المستقيمة والأهواء
المتقلبة، فما ترك أحد شريعة الله الموحاة إلا حكّم الأهواء إذ كل ما عداها هوىً يهفو
إليه الذين لا يعلمون، قال تعالى آمراً عبده داود عليه السلام: {يَا دَاوُودُ إِنَّا
جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ
الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ
اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}؛ قال صاحب
"عمدة التفسير": (هذه وصية من الله عز وجل لولاة الأمور أن يحكموا بين الناس
بالحق المنزل من عنده تبارك وتعالى ولا يعدلوا عنه فيضلوا عن سبيل الله) اهـ
وقال
العلامة السعدي في ذكر الفوائد والحكم في قصة داود وسليمان عليهما السلام: (ومنها:
أنه ينبغي للحاكم أن يحذر الهوى، ويجعله منه على بال، فإن النفوس لا تخلو منه، بل
يجاهد نفسه بأن يكون الحق مقصوده، وأن يلقي عنه وقت الحكم كل محبة أو بغض لأحد الخصمين).
فالحق
إذن محصور فيما أوحاه الله على عبده -صلى الله عليه وسلم-، وكل ما خالفه فهو أهواء مضلة، ولذا نزه الله عز وجل نبيه عنها فقال
عز من قائل: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى *إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}؛ أي:
ليس نطقه صادرا عن هوى نفسه، {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} أي: لا يتبع إلا ما
أوحي إليه من الهدى والتقوى في نفسه وفي غيره، ودل هذا على أن السنة وحي من الله لرسوله
-صلى الله عليه وسلم- كما قال تعالى: {وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ
الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}، وأنه معصوم فيما يخبر به عن الله تعالى وعن شرعه لأن كلامه
لا يصدر عن هوى وإنما يصدر عن وحي يوحى) اهـ.
فالهوى
شر إله يعبد في الأرض لأنه يعمي صاحبه عن الحق فلا يراه ويصمه عن سماع الهدى، ولكي
ينجو العبد من شراكه عليه أن يعتصم بالوحي المنزل ويقبل عليه بكليته فيستسلم له قلبا
وقالبا فهذا سبيل النجاة ولا سبيل سواه، فإما شريعة الله المنزلة وإما الأهواء المضلة،
يقول الإمام الشاطبي -رحمه الله- في كلام جامع له: (فقد جعل الله اتباع الهوى مضاداً
للحق وعده قسيما له كما في قوله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً
فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ
عَن سَبِيلِ اللَّهِ}الآية ص26، وقال تعالى: {فَأَمَّا مَن طَغَى *وَآثَرَ الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا *فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى}.
وقال
في قسيمه: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى
* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}، وقال: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى *إِنْ
هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، فقد حصر الأمر في شيئين: الوحي وهو الشريعة، والهوى، فلا
ثالث لهما، وإذا كان الأمر كذلك فهما متضادان، وحين تعين الحق في الوحي توجه للهوى
ضده فاتباع الهوى مضاد للحق، وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ
وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ}، وقال: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ
لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ}، وقال:{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ
طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ}، وقال: {أَفَمَن كَانَ
عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ}.
وتأمل
فكل موضع ذكر الله تعالى فيه الهوى فإنما جاء به في معرض الذم له ولمتبعيه، وقد روى
هذا المعنى عن ابن عباس أنه قال: "ما ذكر الله الهوى في كتابه إلا ذمه"،
فهذا كله واضح في أن قصد الشارع الخروج عن اتباع الهوى).
قلتُ:
ولذا أمر الله عز وجل نبيه -صلى
الله عليه وسلم- والبشر
جميعا باتباع شريعته وحدها واجتناب كل ما خالفها من أهواء الذين لا يعلمون، قال تعالى:
{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ
أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.
موقف
الصحابة والتابعين في تعظيم كلام سيد المرسلين
لقد
ضرب الصحابة والتابعون أروع المثل في تعظيم كلام نبينا.
وإليك بعض ما ورد عنهم في ذلك:
- عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:
لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ، لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ
أَعْلاَهُ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفًّيْهِ.
- عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَالِمُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
-صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لاَ تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ
الْمَسَاجِدَ إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا ». قَالَ فَقَالَ بِلاَلُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ. قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ فَسَبَّهُ
سَبًّا سَيِّئًا مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ وَقَالَ أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ
اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَتَقُولُ وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ.
- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّهُ
رَأَى رَجُلًا يَخْذِفُ فَقَالَ لَهُ لَا تَخْذِفْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ الْخَذْفِ أَوْ كَانَ يَكْرَهُ الْخَذْفَ وَقَالَ إِنَّهُ
لَا يُصَادُ بِهِ صَيْدٌ وَلَا يُنْكَى بِهِ عَدُوٌّ وَلَكِنَّهَا قَدْ تَكْسِرُ السِّنَّ
وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَخْذِفُ فَقَالَ لَهُ أُحَدِّثُكَ
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى
الله عليه وسلم- أَنَّهُ
نَهَى عَنْ الْخَذْفِ أَوْ كَرِهَ الْخَذْفَ وَأَنْتَ تَخْذِفُ لَا أُكَلِّمُكَ كَذَا
وَكَذَا.
- عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ حَدَّثَ
يَوْمًا بِحَدِيثٍ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ رَجُلٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا يُخَالِفُ هَذَا قَالَ أَلَا
أُرَانِي أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَتُعَرِّضُ فِيهِ بِكِتَابِ اللَّهِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنْكَ.
أما
الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى فلقد كانوا أشد الناس تعظيما لنصوص الكتاب والسنة
وأحرص الناس على اتباعها وعدم مخالفتها، بل وطرح كل ما خالفها حتى ولو كانت آراءهم
واجتهاداتهم، وقد جاءت عباراتهم تترا توصي كل من جاء بعدهم بذلك، وهذا وايم الله دأب
الأكابر وصنيع الراسخين من أهل العلم واللائق بمكانتهم التي أنزلهم الله إياها.
فكل
ما خالف للوحيين........ فإنه رد بغير مين
وها
نحن نذكر طرفا من عباراتهم لعل الكاتب وأمثاله ممن تنكبوا الصراط وحادوا عن السبيل
يعلنون توبتهم قبل أن تباغتهم المنية فيلقوا ربهم بهذه المذاهب، وليسلكوا مسلك أهل
الفقه والنظر والخبر والأثر، فهاك شواهد من عباراتهم تبدد ظلمات الليل بشمس النهار:
[
1 – أبو حنيفة رحمه الله:
فأولهم
الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله، وقد روى عنه أصحابه أقوالا شتى وعبارات
متنوعة كلها تؤدي إلى شيء واحد وهو وجوب الأخذ بالحديث وترك تقليد آراء الأئمة المخالفة
له:
1-
" إذا صح الحديث؛ فهو مذهبي ".
2-
" لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا؛ ما لم يعلم من أين أخذناه ".
وفي
رواية: " حرام على مَن لم يعرف دليلي أن يُفتي بكلامي ".
زاد
في رواية: " فإننا بَشَر؛ نقول القول اليوم، ونرجع عنه غداً ".
وفي
أخرى: " ويحك يا يعقوب ! - وهو أبو يوسف - لا تكتب كل ما تسمع مني؛ فإني قد أرى
الرأي اليوم، وأتركه غداً، وأرى الرأي غداً، وأتركه بعد غد ".
3-
" إذا قلتُ قولاً يخالف كتاب الله تعالى، وخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فاتركوا قولي ".
2-
مالك بن أنس رحمه الله:
وأما
الإمام مالك بن أنس رحمه الله؛ فقال:
1-
" إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي؛ فكل ما وافق الكتاب والسنة؛ فخذوه،
وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة ؛ فاتركوه ".
2-
" ليس أحد - بعد النبي -صلى
الله عليه وسلم- إلا
ويؤخذ من قوله ويترك؛ إلا النبي -صلى
الله عليه وسلم-
".
3-
قال ابن وهب:
سمعت
مالكاً سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء؟ فقال: " ليس ذلك على الناس
".
قال:
فتركته حتى خفَّ الناس، فقلت له: عندنا في ذلك سنة. فقال: " وما هي؟ ".
قلت:
حدثنا الليث بن سعد وابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبد
الرحمن الحُبُلي عن المستورد بن شداد القرشي قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدلُك بخنصره ما بين أصابع رجليه. فقال: " إن هذا الحديث حسن،
وما سمعت به قط إلا الساعة ". ثم سمعته بعد ذلك يُسأل، فيأمر بتخليل الأصابع.
3-
الشافعي رحمه الله:
وأما
الإمام الشافعي رحمه الله؛ فالنقول عنه في ذلك أكثر وأطيب، وأتباعه أكثر عملاً بها
وأسعد؛ فمنها:
1-
" ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتعزُبُ عنه، فمهما قلتُ من قول، أو أصّلت من أصل، فيه عن رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- خلاف ما قلت؛ فالقول ما قال رسولُ الله
-صلى الله عليه وسلم-، وهو قولي ".
2-
" أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يَحِلَّ له أن يَدَعَهَا لقول أحد ".
3-
" إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فقولوا بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وَدَعُوا ما قلت ".
وفي
رواية: " فاتبعوها، ولا تلتفتوا إلى قول أحد ".
4-
" إذا صح الحديث؛ فهو مذهبي ".
5-
" أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث الصحيح؛ فَأَعْلِموني به -
أي شيء يكون: كوفيّاً، أو بصرياً، أو شامياً -؛ حتى أذهب إليه إذا كان صحيحاً
".
6-
" كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند أهل النقل بخلاف ما قلت؛ فأنا راجع عنها في حياتي، وبعد موتي
".
7-
" إذا رأيتموني أقول قولاً، وقد صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- خلافُه؛ فاعلموا أن عقلي قد ذهب ".
8-
" كل ما قلت؛ فكان عن النبي -صلى
الله عليه وسلم- خلاف
قولي مما يصح؛ فحديث النبي أولى، فلا تقلدوني ".
9-
" كل حديث عن النبي -صلى
الله عليه وسلم-؛ فهو
قولي، وإن لم تسمعوه مني ".
4-
أحمد بن حنبل رحمه الله:
وأما
الإمام أحمد؛ فهو أكثر الأئمة جمعاً للسنة وتمسكاً بها، حتى " كان يكره وضع الكتب
التي تشتمل على التفريع والرأي "؛ ولذلك قال:
1-
" لا تقلدني، ولا تقلد مالكاً، ولا الشافعي، ولا الأوزاعي، ولا الثوري، وخذ من
حيث أخذوا ".
وفي
رواية: " لا تقلد دينك أحداً من هؤلاء، ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه؛ فَخُذ به، ثم التابعين بَعْدُ؛ الرجلُ فيه مخيَّر ".
وقال مرة: " الاتِّباع: أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن أصحابه، ثم هو من بعد التابعين مخيّر ".
2-
" رأي الأوزاعي، ورأي مالك، ورأي أبي حنيفة؛ كله رأي، وهو عندي سواء، وإنما الحجة
في الآثار".
3-
" من رد حديث رسول الله -صلى
الله عليه وسلم-؛ فهو
على شفا هَلَكة ".
تلك
هي أقوال الأئمة رضي الله تعالى عنهم في الأمر بالتمسك بالحديث، والنهي عن تقليدهم
دون بصيرة، وهي من الوضوح والبيان بحيث لا تقبل جدلاً ولا تأويلاً.
وعليه؛
فإن من تمسك بكل ما ثبت في السنة، ولو خالف بعض أقوال الأئمة؛ لا يكون مبايناً لمذهبهم،
ولا خارجاً عن طريقتهم؛ بل هو متبع لهم جميعاً، ومتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام
لها، وليس كذلك من ترك السنة الثابتة لمجرد مخالفتها لقولهم؛ بل هو بذلك عاصٍ لهم،
ومخالف لأقوالهم المتقدمة، والله تعالى يقول: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى
يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا
مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ
عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
قال
الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: " فالواجب على كل من بلغه أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وعرفه؛ أن يبينه للأمة، وينصح لهم، ويأمرهم باتباع أمره، وإن خالف
ذلك رأي عظيم من الأمة؛ فإن أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحق أن يُعَظَّم ويُقتدى به من رأي أي مُعَظَّم قد خالف أمره في بعض
الأشياء خطأً، ومن هنا رد الصحابة ومن بعدهم على كل مخالف سنة صحيحة، وربما أغلظوا
في الرد، لا بغضاً له؛ بل هو محبوب عندهم مُعَظَّم في نفوسهم، لكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحب إليهم، وأمره فوق أمر كل مخلوق، فإذا تعارض أمر الرسول وأمر غيره؛
فأمر الرسول أولى أن يقدم ويتبع.... ] اهـ.