رسالة من مُحِب مُشفق حريص .. انسبوا الفضل لله

  • 177

كلما تقدمنا في الزمن، وكلما جدَّ جديد في الأحداث؛ اكتشفنا وتأكدنا أن ‏موقف الدعوة السلفية كان صحيحًا وسليمًا، ولو ‏تصرفت الدعوة تصرفًا آخر لكانت الأمور الآن غير ما نحن ‏عليه، والله أعلم.‏
 
الحمد لله مصر قائمة، والمصالح مستمرة، والأحوال إلى حد كبير مستقرة، ‏صحيح توجد أزمات، وتراجعات، ومعاناة، وتدهور في بعض ‏الأوضاع، بل يوجد ظلم ظاهر في بعض المجالات، ولكن رغم كل هذا ‏فالبلد قائمة وموحدة ومستقرة إلى حدٍّ ما. ‏
 
وهذا الكلام لا يُعَبِّر عن رضائي عما يحدث في بلدنا، ولا يُعَبِّر عن ‏موافقتي عن كل ما يحدث .. كلَّا.‏
 
وإنما يعبر عن شعوري بأهمية الاستقرار والمحافظة على البلد؛ حتى لا ‏تنهار وتتعرض للتدخلات الخارجية وتصبح قضية دولية تجتمع ‏بخصوصها دول وتُعقد من أجلها مؤتمرات دولية وإقليمية وأممية.‏
 
ومرة أخرى أؤكد على صحة وسلامة مواقف الدعوة السلفية ‏والقرارات الصائبة التي وفقها الله لاتخاذها، وهنا أحب أن أوجه كلمات إلى أتباع الدعوة السلفية لاحظت في عدد من المواقف وعدد من الكتابات والتعليقات أن أتباع ‏الدعوة السلفية إذا استجدت أمور وأحوال تؤكد لهم ‏صحة وسلامة القرارات والمواقف لاحظت أنهم ينسبون هذا النجاح وهذا ‏التوفيق -في عدد من الكتابات- إلى الشيوخ والقادة والقيادات، ويشيدون ‏بهم ويثنون عليهم ويمدحونهم، ولا ينسبون فضل التوفيق إلى الله.‏
 
أقول: بعض التعليقات هي كذلك وليست كلها، وهذا أمر خطير يجب التنبيه عليه والتحذير منه، فلولا أن الله وفق قادة ‏الدعوة لاتخاذ هذه المواقف لوقعوا في المحذور، ولتخبطوا ‏ولالتبست عليهم المواقف، فلم يدروا كيف يتصرفون، ولولا أن الله بصرهم ‏لتاهوا في غمار الأحداث والمواقف، ولارتبكوا، ولكن الله وفَّقهم وبصَّرهم ‏وألهمهم وأعانهم .. فكانوا سببًا في الحفاظ على البلاد والعباد من الحرب ‏الأهلية والتقسيم والتدخلات الخارجية وغير ذلك من الأخطار التى كانت ‏قريبة لولا أن الله سلَّم .. وعافانا من هذه المنزلقات الخطرة.‏
 
فيا أتباع الدعوة السلفية؛ انتبهوا واحذروا وانسبوا ‏الفضل لله أولًا وأخيرًا، ولا تنشغلوا وأنتم تمدحون الشيوخ ‏عن نسبة الفضل لله.‏
 
وأمر آخر أخاف على أتباع الدعوة .. ألا وهو العُجْب ‏والكبر والفخر والتعالي.‏
 
أخشى بعد سلسة القرارات الصائبة والصحيحة والسليمة أن نعتقد أن ‏قادة الدعوة معصومون لا يخطئون، وأن نتعامل مع بقية القوى ‏والتجمعات والجماعات على أننا لا نخطئ ولا نزِل، ونطالبهم بأن يسيروا ‏خلفنا دائمًا بلا اعتراض ولا مناقشة ولا تعديل، أخشى أن نتعالى بسبب هذه ‏التوفيقات السابقة، أخشى أن يتسلل إلينا داء العُجْب بالنفس والرضا عن ‏الذات، أخشى أن ننظر إلى الناس على أننا لا نخطئ وهم يخطئون.‏
 
أقول: أخشى .. ولا أتهم أبناء الدعوة بهذا .. ولكن أخاف أن ‏نصل إلى هذا .. لذلك أُحذِّر من الآن حتى لا نفقد التوفيق.‏
 
إنني أتمنى من كل قلبي لقادة الدعوة أن يوفقهم الله دائمًا للقرار ‏الصائب الصحيح السليم، وأتمنى لهم السداد والرشاد في أقوالهم وأعمالهم، ‏وأتمنى لهم أن يرزقهم الله الإخلاص في جميع أمورهم فتكون كلها لوجه ‏الله تعالى .. أتمنى لهم كل خير.‏
 
وهذه الكلمات كلها مِن مُحِبٍّ مشفق، حريص على الكل، حريص على ‏مصلحة الوطن .. والدعوة .. وقبل كل هذا مصلحة الدين، مع حسن ظني بالجميع؛ فحسن الظن مُقَدَّم وموجود بفضل الله.‏
 
ولسنا معصومين من الخطأ؛ فنحن نخطئ، وكل بني آدم خطَّاء، ولا مانع ‏أن نقول: أخطأنا .. وأن نُصَوِّب أخطائنا .. ونتوب منها ونستغفر الله منها. ‏
 
ومَن رأى عندنا خطأ فلينصحنا وليرشدنا دون أن يتعسف معنا أو يُشَهِّر ‏بنا، وفي نفس الوقت لا نريد مَن يتعمد تخطئة الدعوة في أمور هي ‏لم تخطئ فيها أصلًا، ويحاول جاهدًا أن ينسب إلينا أخطاء لم نقع فيها ‏أصلًا .‏
 
ونتمنى مِن غيرنا .. إذا شعر أنه وقع في خطأ أن يبادر بالاعتراف ‏والمراجعة .. والتصحيح والتصويب .. فالعناد والاستمرار له عواقب ‏وخيمة.
 
وبالعودة إلى الدعوة السلفية وصحة المواقف التي اتخذت ‏على مدار السنوات الماضية أقول: بعض المخالفين يرى أن قرارات ‏الدعوة كانت خاطئة.‏
 
أقول لهم: وجهة نظركم نعذركم فيها ونتفهمها، ولكن واقع الحال يشهد على ‏صحة قرارات الدعوة، ونتائج الأمور خير دليل.‏
 
ومواقف الدعوة حققت المصلحة العامة للدولة المصرية .. فمَن ‏نظر إلى المصلحة العامة عرف الحقيقة .. ومَن نظر إلى المصلحة ‏الضيقة لجماعة وأنها لم تتحقق .. فهذا يحكم على قرارات ‏الدعوة بالخطأ.‏
 
عمومًا الحكم بالخطأ والصواب يتفاوت من إنسان لآخر .. ونظرة الخطأ ‏والصواب كذلك تختلف مِن إنسان لآخر حسبنا أننا اجتهدنا في تحديد ‏وتشخيص الصواب من الخطأ .. واتبعنا ما رأيناه صوابًا حسبة لوجه الله ‏‏.. ليس لطلب دنيا .. أو نفاقًا لأحد أو مجاملة لشخص أو معاداة لجماعة ‏‏.. ولا لمصلحة شخصية .. وإنما فعلنا ما رأيناه حقًّا وصوابًا .. فإن أصبنا ‏فالله وفقنا .. وإن أخطأنا فمِنَّا ومِن الشيطان .. هذا اجتهادنا ونوايانا يعلمها ‏الله .‏
 
وأريد من أحبابي وإخواني في الدعوة السلفية ألا ‏يُسرفوا في مدح القيادات والمسئولين .. وألا يأخذهم العُجْب والغرور .. ‏وأن يطلبوا مِن الله التوفيق والسداد والرشاد للقائمين على أمور الدعوة ،‏وألا ينسبوا إليهم العصمة والكمال .. وأن يصبروا على ‏الاتهامات والتهجمات التي يتعرضون لها باستمرار ولا يلتفتون ولا ‏يتوقفون وأن يخلصوا نواياهم لله رب العالمين.
 
أتمنى أن تكون فكرتي وصلت واتضحت .. فقد كتبت هذه الكلمات ‏حرصًا على نجاح دعوتنا أكثر وأكثر، وحرصًا على النجاح أكثر وأكثر .. وأخاف مِن تسلل داء ‏العُجْب أو الإعجاب بالرأي أو التعالي إلى قلوبنا ونفوسنا.
والله الهادي إلى سواء السبيل.