أين نذهب؟ وماذا نفعل؟

  • 165

كوارث ومصائب متتابعة متلاحقة متوالية لا تتوقف ولا تنتهي .. أحداث هائجة مائجة محيرة محزنة .. هذا ما نعاينه ونتابعه كل يوم؛ هناك جديد مؤلم محزن موجع، كل يوم نسمع عن المزيد المفجع، لقد امتلأت نفوسنا بالآلام والأوجاع والأحزان،
 
ولكن أين نذهب؟ وماذا نفعل؟
سبب هذا كله هو بما كسبت أيدينا .. هذا كله نتاج ما صنعناه وعملناه.
وأخاف من القادم، وأشعر أن القادم أشد وأصعب؛ فنحن لم نتغير ولم تتغير أحوالنا، بل أحوالنا القلبية والإيمانية على المستوى العام المجمل تسوء وتتدهور؛ فالإلحاد يتزايد، والأخلاق تفسد، والنفاق يظهر، ويستعلن الفاسدون المفسدون ويتصدرون المشهد، والكل هائج، شتائم وسباب، ومعارك كلامية، وكذب وافتراء، وأوصاف بذيئة تُقال وتُنشَر وتُذَاع، وكلمات جارحة، ونفسيات مشحونة، والكل يُهاجم الكل.
 
والجميع يشتم الجميع إلا ما ندر وإلا أقل القليل فماذا نتوقع؟ وماذا ننتظر؟ وماذا نصنع؟ إننا نعيش في عالم هائج، نعيش في دوامات هائلة شديدة قوية.
 
وأتمنى من كل قارئ أن يعمل على تهدئة الأمور ما استطاع، ولا يساهم في تفجير أية أزمة أو زيادة أية مشكلة .. نريد تسكين الأوضاع وتهدئة الأحوال، وذلك عن طريق قلة الكلام، وقلة التعليقات والمشاركات، وقلة الكتابة الميهجة، وقلة الردود، وتجنب ردود الأفعال العنيفة على الأحداث والمواقف, والاتجاه إلى إصلاح عيوب النفس، والتزوُّد بالعلم النافع والعمل الصالح، والانشغال بالنفس، وكذلك الانشغال بالمحيطين، والتحلي بكظم الغيظ والصبر الجميل، وعدم الخوض مع الخائضين فيما يخوضون فيه، مع الدعاء العميق للنجاة من الفتن.
 
إننا نعيش في وقت افتراق الكلمة وإعجاب كل ذي رأي برأيه، الأحوال ملتهبة، وأية كلمة قد تشعلها أكثر وأكثر، ومع كل هذا فالأحوال في بلدنا مصر تسير إلى حدٍّ ما في سلامة، ولكن أخشى من محاولات تفجير الأوضاع والأحوال الداخلية، وهيجان الناس بعضهم على بعض، وانقسام المجتمع. هذا التصور يخيفني ويرعبني فعلا .. نحن حتى الآن في أمن وأمان بدرجة كبيرة، الطرقات آمنة بنسبة كبيرة، البيوت سليمة غير مهدمة، الغذاء والطعام والشراب متوفر، العلاج والدواء والخدمات متوفرة، الممتلكات مصونة، العبادات متاحة، الناس يروحون ويعودون في أمان، العلاقات العامة موجودة، الأمور مستقرة إلى حد كبير .. دُعائي بتحسن الأحوال مستمر، أتمنى أن تزول مشاعر الكراهية والبغضاء والعداء أو تقل أو تتناقص وتتراجع، تعبتُ نفسيًّا وقلبيًّا وبدنيًّا من حالة الاستقطاب الحادة التي مررنا بها ولا زلنا، وأظن أن كثيرين قد تعبوا مثلي.
 
فأنصح نفسي وأنصحهم أن ينشغلوا بالصلاح والإصلاح، نصلح ما فسد من عباداتنا وأخلاقنا، وما نسيناه من حفظنا وعلمنا، ونصلح ما فسد عند غيرنا؛ فعلينا أن نكون صالحين في أنفسنا مصلحين لغيرنا، وهذا عمل صعب وشاق يحتاج في بدايته ووسطه ونهايته إلى معونة وتوفيق من الله سبحانه، ويحتاج إلى صدق مع الله، وهو المخرج مما نحن فيه، وهو الحل والعلاج والدواء لنا ولغيرنا، ولكن ضغط الأحداث وتأثير الأخبار قد يشغلنا عن الصلاح والإصلاح، وهنا مكمن الخطورة .. لا شك أن الأخبار تأتينا حتى ولو لم نبحث عنها، تصل إلينا بطريقة أو بأخرى من غير متابعة منا، ولكن يجب ألا ننساق ورائها وننسى مهمتنا في المرحلة الراهنة.
 
عودة إلى القرآن وعلومه، عمل بالذكر الطويل العميق .. مجاهدة للنفس وتخليصها من عيوبها .. أمرٌ بالمعروف ونهي عن المنكر ودعوة إلى الله .. إصلاح ما يمكن إصلاحه من أحوال الشباب الضائع التائه، ترقيق القلوب لإيجاد نوعيات صالحة .. نشر العلم الشرعي في وقت انتشر فيه الجهل حتى بين الملتزمين المتدينين.
 
إذا فعلنا ذلك سَنُتَّهَمُ بأننا سلبيين مغيبين هامشيين لا بأس ولا حرج.
وليس معنى هذا أننا ننعزل عن الأحداث نهائيًّا، كلا؛ بل إذا طلب منا القيام بأي دور لصالح دعوتنا أو وطننا أو مجتمعنا فإننا لا نتأخر إن شاء الله .. ولكن لا أريد أن نستمر متابعين للأخبار متأثرين بها بلا عمل منا إلا ردود الأفعال، أريد أن ننشغل بعمل صالح، وإنجاز لإصلاح المجتمع، لا أن نقف متفرجين على الأحداث دون أن نفعل شيئًا.
 
وأريد أن ألخص ما سبق فأقول: تجنبوا التهييج والإثارة، واعملوا على التسكين والتهدئة، أصلحوا أنفسكم وأصلحوا غيركم.
 
وليس معنى كلامي هذا أن نتجاهل أحوال العالم تمامًا، لا؛ بل نتابع أخبار فلسطين المحتلة .. ونتابع أخبار  المسلمين في كل مكان وأهل السنة خاصة، ونكون على دراية بالواقع على ألا نقف موقف المتفرج، وإنما موقف الصالح المصلح؛ فهذا الذي يمكننا عمله، وهذا هو طوق النجاة لمن عرف سنن الله.
 
لا أدري هل نجحت في إيصال المعنى الذي بداخلي أم لا؟
وفي كل الأحوال تبقى هذه الكلمات هي وجهة نظري الشخصية ورؤيتى الشخصية، قد يختلف معي بعض القراء وتكون لهم وجهة نظر أخرى، لا بأس ولا أفرض وجهة نظري على غيري، فقد كتبتها وعرضتها، من اقتنع بها فليته يطبقها وينفذها، ومن اعترض عليها فله ذلك، ومن أراد أن يضيف إليها شيئًا أو يُعَدِّل منها شيئًا فلينصحني وينبهني إتمامًا للفائدة.
 
أسأل الله أن ينجينا جميعًا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يعصمنا من الزلل، وأن يوفقنا للصواب والسداد والرشاد.
 
ونصيحة أخيرة للآباء والأمهات: أولادكم وبناتكم .. أعطوا المزيد من الاهتمام والمزيد من أوقاتكم لأبنائكم.
 
أقبلوا على أولادكم بالتعليم والتوجيه والإرشاد والإصلاح، أعطوهم رعاية وعناية زائدة .. ركزوا مع الأبناء، هذا مجال هام في الإصلاح .. وهم أولى الناس بالإصلاح، ربما تكون مهمتك الأولى هي إصلاح أولادك، فلا تتركهم وتصلح غيرهم، ولا تهملهم فيكونوا وبالًا عليك وعلى غيرك.