مديح الكراهية..!!

  • 220

عن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟! قال: "لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة؛ إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إ? وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلم علي، ثم قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم ا?خشبين؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أص?بهم من يعبد الله وحده، ? يشرك به شيئا".

لم يكن الأذى الجسدي، ولا الأذى النفسي هو ما أرَّقَ النبي. بل ما أرَّقهُ هو أنه لم يستجب لدعوته أحد.. صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لم يذكر لعائشة رضي الله عنها الإهانة التي وجهت إليه. لم يذكر لها الدم الذي سال على وجهه.. إنه حب الدعوة، والرغبة في هداية الخلق. هذه الرغبة كانت تغلب على قلبه حتى تكون أحب إليه من قتال أعدائه والانتقام منهم .. ومن هنا ينطلق الدعاء من القلب المكلوم والنفس الجريحة .. (إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي)، وبعد عشر سنين يذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، ولكن هذه المرة ليس وحده ولكن معه اثنا عشر ألف مقاتل ضاربا الحصار عليهم. ولكن ثقيفا قد استبسلت على الحصن، وألقوا الحجارة المحماة بالنار على المسلمين ولم يستطع الصحابة رضي الله عنهم اقتحام الحصن؛ وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالانسحاب.

ويأتي أحد الصحابة يقول: أحرقتنا ثقيف يا رسول الله، فادعو الله عليهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أهد ثقيفا وأت بهم!!
 ومن هنا نقول: إن هذا الدين يربي أبناءه على الهداية للناس لا على كراهيتهم ولا الرغبة في الانتقام منهم.. إن حب الهداية للعدو يجب أن يتفوق على الرغبة في الانتقام منهم .. عباد الله، إن الخطر لا يأتي من تدابير اليهود والأمريكان. الخطر الحقيقي يكمن داخل صفوفنا؛ فالمسلمون يوم أحد لم تهزمهم قريش .. الهزيمة من عند أنفسكم.. فاخلعوا رداء الكراهية ولا تلمزوا أنفسكم.