معركة باطن اﻹثم

  • 202

قد تكون الصحوة ا?سلامية نجحت في إضفاء كلمة ا?سلامية على كثير من مجالات الحياة وبعض سلوكياتها، وهذا نصف ما أمرنا به من التخلق بقوله تعالى "وذروا ظاهر ا?ثم وباطنه".
 
ولكن تبقى معركة كبرى لا يزال وطيسها لم ولن يهدأ بعد، وهي معركة باطن ا?ثم.
 
من أمراض القلوب من الغل والحسد والحقد والكبر والعلو والنفاق والرياء، وكيفتحطم تلك ا?وغار والحزازيات عشرات بل مئات ا?عمال التي أنجزتها ا?بدان.
 
سبق الصحابة رضي الله عنهم غيرهم بما في قلوبهم،كما قال أبوبكر بن عياش :" ماسبق أبوبكر الصديق رضي الله عنه بكثرة صيام ولا صلاة ولكن بشيء وقر في صدره ، فقيل ما الذي وقر في صدره ؟قال : حب الله والنصح للمسلمين".
 
بنوا دولة في خضم عشر سنين؛ من عمر الزمن لا مثيل لقيامها على مر التاريخ، تناهز فارس والروم، بضعف إمكانيات ومحدودية قدرات، ولكن معهم قلوبا طاهرة "إن يعلم الله في قلوبكم خيرًا يؤتكم خيرًا مما أخذ منكم".
 
قال ابن مسعود رضي الله عنه :" إن الله نظر في قلوب العالمين فوجد أطهرها قلب محمد صلى الله عليه وسلم، فاصطفاه لرسالته ثم نظر في قلوب العالمين فوجد أطهرها قلوب أصحابه فاصطفاهم لصحبة نبيه".
 
تقدموا وتأخرنا، فُتحت لهم ا?بواب وأغلقت دوننا، احتضنتهم السماء وا?رض ونبذتنا؛ ?نهم بذلوامن قلوبهم وبخلنا، ضرب العلم النافع بجذوره في قلوبهم وأعمالهم وقصرنا، اتهموا أنفسهم مع ا?نجاز واغتررنا بثناء وشهرة وأضواء دون إنجاز يضرب بعمقه في خارطة العالم.
 
معركة باطن ا?ثم معركة حية نابضة متجددة بعدد ا?نفاس مادمت حيًّا مطالبًا بزكاة نفسك ا?مارة بالسوء المثخنة بجراح أسهم الشيطان، وحتى ا?نفاس ا?خيرة شعارك فيها ليس بعد، ليس بعد، حتى خروج الروح، كما قال ا?مام أحمد، وكما قال شيخ ا?سلام ابن تيمية "إني إلى ا?ن أجدد إسلامي، وما أراني أسلمت إسلامًا جيدًا" في آخر حياته.
 
بعضنا يرى أنه قمة في الالتزام والعلم والعمل والبذل والدعوة على مستوى الفرد والجماعة، وهذا سبب الخذلان، ومن هنا تأتي الهزائم " قل هو من عند أنفسكم".
 
نظرة ووقفة ومحاسبة ومراقبة ومرابطة حقيق بها من كان متلبسًا بالطاعة يحرس قلبه من ا?مراض والجراح؛?نه يؤثر بقلبه ويسير بقلبه وعلى قدر طهارة القلب تكون بركة السير والأثر.
 
لا أحد أكبر من أن يهزم في تلك المعركة في بعض الجولات، ولذلك الحذر الحذر، والحرص الحرص، والحراسة الحراسة، حتى لا تكون حصوننا مهددة من الداخل، كياننا ينهار من الداخل بـ "أنا خير منه"، أو " أنى يكون له الملك علينا " أو " ليوسفوأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة"، أو "?قتلنك"، داء ا?مم الحسد، النابع من النظر إلى النفس والعلو بها.
 
قال تعالى "تلك الدار ا?خرة نجعلها للذين لا يريدون علوًا في ا?رض ولا فسادًا"،لنطهر قلوبنا حتى يرحمنا الله في علاقتنا معه ومع الناس في دعوتهم.
 
وحتى لا نلقى في مزبلة التاريخ بضياع كل شيء بالتنازع والاختلاف والاستطالة والظلم والبغي وقصر ا?خلاق عن قمم العفو والصفح والإحسان!