لا تقرأ هذا المقال

  • 238

"نعم .. لا تقرأ هذا المقال .. إن كان في غير اهتمامك .. لا تنفق وقتك إلا للأهم والمهم، إن كنت ترى أن العلوم الإدارية من باب الترف .. ومن أنصار مقولة ..  ما طول عمرنا شغالين .. إذا لا تضيع وقتك .. فهذا المقال ليس موجهًا لشخصك الكريم مع كل الاحترام والتقدير لوجهة نظرك"
 
نبدأ المقال ..
 
أزعم أن المنظور الإسلامي للإدارة يبنى على سبعة أعمدة ثابتة .. وهي:
 
1- وأعدوا .. جمعت كل مبادئ  التخطيط.
 
2- وتعاونوا .. جمعت كل مبادئ التنظيم الجماعي.
 
3- ولا تعاونوا .. جمعت كل مفاهيم الترك الجماعي .. فليس المهم التعاون على الحق فقط ولكن الأهم التعاون على ترك الباطل أيضًا.
 
4- واستعينوا .. البعد الغيبي لكل التحركات الإدارية.
 
5- ولا تهنوا ولا تحزنوا .. التوجه الذهني الإيجابي وعدم اليأس.
 
6- فاعدلوا .. ولو كان ذا قربة .. العدل أساس الإدارة.
 
7- وتواصوا بالمرحمة .. الرحمة في كل القرارات والتصرفات.
 
ولعل هذه السبعة هي أركان التفكير الإداري قبل التنظيم الإداري؛ فمهارات التفكير الإداري قبل مهارات التنظيم الإداري .
 
وليس هذا هو موضع تفصيل الأعمدة السبعة ولكن لعلها تكون مقدمة وإطارًا ضابطًا وحاكمًا لملخص هذا الكتاب المميز "لباتريك لنسيوني"  كتاب "The Advantage" أو الميزة.
 
والكتاب مقصود به الإدارة العليا أو فريق التغيير في كل مؤسسة.
 
وهدفي من تلخيص الكتاب في هذه الورقات هو الإجابة عن السؤال الدائم:
 
 من أين نبدأ إداريًا وأين الخلل ؟؟
 
والإجابة الأسهل هو شرح وظائف الإدارة الخمسة المعروفة مع بعض المهارات الإدارية الملحة ولكن هذا وحده لا يكفي لأن البيئة تهزم الإدارة في أول معركة أو كما قال  "بيتر دراكر" .. الثقافة تلتهم الإستراتيجية على الإفطار.
 
وهدفي من الدرجة الأولى المؤسسات غير الربحية صغيرها وكبيرها .. كل واحد في درجته الوظيفية ومساحة تحكمه الوظيفي فالكل مسئول.
 
نبدأ في ملخص الكتاب ...
 
يبني المؤلف فكرة كتابه على معنى رئيس وهو أن صحة البيئة التنظيمية والإدارية أهم من الإجراءات الإدارية والتنظيمية.
 
وتعريف البيئة التنظيمية أو البيئة الإدارية هو: توفير مناخ عمل إيجابي ومثمر "يعني بالبلدي الموظف يذهب إلى عمله وهو سعيد مشتاق"  يحب العمل ويقضي فيه أسعد أوقاته،ويقول إن الصحة التنظيمية هي سلوكيات غير ملموسة ولكن من خلال الأبحاث العلمية .. ثبت أنها الميزة التنافسية الأعلى في كل المؤسسات.
 
وتبنى الصحة التنظيمية من خلال الآتي:
 
أولًا: تشكيل فريق قيادي متميز له وظيفة محددة وهي بناء الثقة بين أفراد المؤسسة.
 
الثقة بين أفراد المؤسسة أساس للوجود قبل أن تكون الأساس للتغيير أو التطوير..
 
يقول "ستيفن كوفي": الثقة هي صمغ الحياة .. إنها أهم مكون في التواصل الفعال .. إنها المبدأ الأساسي الذي يربط كل العلاقات معا ..
 
والثقة حتى تبنى داخل المؤسسة لها أربعة إجراءات عملية واضحة.
 
1- إدارة الخلافات: يكون هناك منهجية لإدارة الخلاف ولائحة واضحة منضبطة معلومة للجميع.
 
2- تقبل المساءلة: فلا أحد كبير على المساءلة من الأصغر إلى الأكبر.
 
3-  التركيز على النتائج .. فكلما كانت النتائج قابلة للقياس لها معايير واضحة للرقابة والتطوير؛ زادت الثقة بين أفراد المؤسسة الواحدة .. فضبابية النتائج معدل هدم للثقة وللصراعات .. ما النتيجة المطلوبة من كل فرد.  إجابة مهمة للتركيز على النتائج.
 
4 - تحقيق الالتزام: وضرب مثال بشركة إنتل للإلكترونيات تتبنى مفهوم.. أعترض ولكن التزم .. بعد مغادرة غرفة  الاجتماعات الجميع يلتزم .. وهي آفة واضحة في البيئة العربية وهي النقد من جلوس لا من حركة وعلم .. فالناقد العامل الملتزم عامل بناء وضده عامل هدم.
 
إذا الوظيفة الأولى لفريق القيادة بناء الثقة مع الإجراءات الأربعة وننتقل معها إلى غيرها لا منها إلى غيرها فالثقة ثقافة تبنى وتستمر لا موقف يحدث ويمر.
 
ثانيًا: الوضوح والمكاشفة:
 
والوضوح والمكاشفة تأتي من خلال الإجابة المستمرة والمتكررة على خمسة أسئلة:
 
1- ما سبب وجودنا ؟
 
2- ما القيم والسلوكيات التي نتبناها ؟
 
3- ماذا نفعل .. ما الإجراءات التي تتخذها على أرض الواقع ؟
 
4- ما هو الشيء الأهم الآن ... الأولويات ؟
 
5- من يجب أن يفعل ماذا ؟ مهمة ودور كل فرد
 
الإجابة عن هذه الأسئلة لابد أن يخالط أنفاس كل فرد في المؤسسة .. وهي وظيفة فريق القيادة.
 
ثالثًا: التواصل بوضوح ...
 
أفراد مؤسسة بلا تواصل أو بتواصل مشوه أو مشوش .. مؤسسة على خطوات من حافة الانهيار
 
نقص المعلومات كارثة وخطأ المعلومات كارثة أكبر .. فوظيفة فريق القيادة إنشاء طريقة للتواصل .. ثم تثبيت الطريقة المعتمدة للتواصل .. ثم تطوير الطريقة المعتمدة للتواصل،
 
ولابد أن تتميز الطريقة المعتمدة للتواصل، بصحة المعلومات، دقة المعلومات، توقيت المعلومات، سرعة وصول المعلومات.
 
تأكد وصول المستجدات .. ناهيك عن المعلومات الأصلية
 
إنشاء وتثبيت وتطوير طريقة للتواصل هي المهمة الثالثة لبناء الصحة التنظيمية لفريق القيادة
 
رابعًا: تعزيز الوضوح ..
 
والمقصود بتعزيز الوضوح هو الإجابة عن سؤالين ؟
 
الأول: كيف نرسخ العناصر الثلاثة السابقة باستمرار مع التجديد ومنع تسريب الفتور وعدم الحماس إليها.
 
السؤال الثاني: كيف نجعل كل خطوة أو كلمة أو إجراء داخل المؤسسة يكون لبنة جديدة في بناء العقلية الجماعية ؟؟
 
أن نتحرك جماعيًا .. كفريق مهم كبرت المؤسسة بروح واحدة وهدف واحد ..
 
[انتهى كتاب باتريك لنسيوني]
 
وبقى أن أختم بخمسة نقاط
 
1- تركت الإجابات مفتوحة لأن لكل  مؤسسة طابعها الخاص .. وحين تخرج الإجابات من رحم المؤسسة يحدث التغيير.
 
2- أنصح فريق التغيير والقيادة مهما كان المسمى ..مجلس إدارة .. لجنة نظام .. فريق طوارئ .. ثلاثة أفراد في كيان عائلي .. ربما أب وأم داخل بيت أو أسرة كبيرة
 
المهم  أن يقرأ مجتمعنا هذه الخطة ويعلم أن هذه الخطة لن تكتمل الفراغات التي فيها إلا بقلم  الفريق .. ببصمته برؤيته الخاصة وتجربته العملية وبأمثلته الواقعية بعد النزول إلى الميدان والتجربة.
 
3- الصيحة الثابتة في علم الإدارة الحديث هي إدخال كلمة فريق قيادي بدل كلمة قائد .. فالجماعية هي الصيحة الأحدث لإدارة الأعمال .. زمن الفرد الواحد .. ولى .. والجماعية أصبحت ركنًا ركينًا في نجاح المؤسسة.
 
4- عن صفية بنت حُيي رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معتكفًا، فأتيته أزوره ليلًا فحدّثته، ثم قمتُ فانقلبت، فقام معي ليقلبني _ وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد رضي الله عنهما_، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي -صل الله عليه وسلم- أسرعا، فقال النبي -صل الله عليه وسلم- : "على رسلكما، إنها صفية بنت حيي"، فقالا: سبحان الله يا رسول الله!، فقال: "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يَقذف في قلوبكما سوءا -أو قال شيئا-". متفق عليه، واللفظ للبخاري .
 
هذا الحديث ببعده الإداري يقول لنا .. لا تترك مجالًا لدخول الشيطان من خلال معلومة واحدة ربما تفسر خطأ .. هذا الحديث عمدة في بناء الصحة التنظيمية .. يقول لك لا تترك الناس وشياطينهم .. بل خذ إجراءات سريعة وواضحة
 
حديث يجمع بين طياته بناء الثقة .. وتقبل المساءلة .. مع حسن المكاشفة والشفافية والوضوح مع دقة وصحة وسرعة التواصل في جانب المعلومات وكل هذا بالأفعال لا بالأقوال
 
بالموقف والقدوة العملية لا بالأطروحات النظرية
 
5- العمليات والأنظمة الإدارية تأخذ قليلًا من الوقت لتبنى ثم تكرر وتطور ولكن الصحة التنظيمية هي عملية بناء مستمر لا تقف أبدا.
 
الأوطان مجموعة من المواطنين والمؤسسات .. والأوطان القوية تكون قوية بمؤسسات قوية ومواطنين أقوياء ..
 
ونجاح مؤسستك مقدمة وخطوة لنجاح الوطن والأمة..
 
وإذا نجحت فيما هو تحت دائرة
 
سيطرتك وتأثيرك وفقك الله لما هو ليس تحت دائرة سيطرتك و تأثيرك
 
صحة البيئة الإدارية مع صحة العمليات الإدارية
 
تصنع مؤسسة تترك بصمة في هذا العالم والله المستعان ..
 ولنا أمل ...