تحذير الشيب والشبان من تناقض المطففين في الكيل والميزان

  • 154

ومازال الهجوم على الدعوة السلفية وحزب النور ضارياً والتشويه القائم على الافتراء والأكاذيب لمواقفها يزداد كل يوم حدةً على الرغم من أن الواقع قد حسم الأمر لصالح هذه المواقف فيما آلت إليه الأمور وما وصلنا إليه من نتائج ليقطع بأن هذه المواقف كانت مبنية على توصيف دقيق للواقع ومراعاة للأحكام التي تلائمه ولو كان هناك إنصاف لتوقف هذا الهجوم واعترف أصحابه بخطأ مسلكهم ولكن مما يدمى القلب ويثير الأسى أن المناوئين لهذه الدعوة يبدو أنهم قد حصروا أهدافهم وحددوا مقصدهم في التشويه والنيل من هذه الدعوة وكذا حزب النور والسعي في هدمها ولو بالأباطيل والافتراءات>

وليس أدل على هذا من تناقضهم البين وكيلهم بمكيالين، ففي الوقت الذي يشنون غارة على الدعوة السلفية وحزب النور لكونهم قد شاركوا في إعداد الدستور على الرغم من النجاح في إثبات مرجعية الشريعة فيه والحفاظ على هوية البلاد والذي نرى ثمراته في الواقع كل يوم، كرفض مجلس الدولة تعيين قاضية فيه استناداً للشريعة في الدستور، والحكم على من سب الصحابة بالسجن خمس سنوات، ووصف الحكم أنه يتماشى مع روح الدستور القائم على مرجعية الشريعة وقد كانت حرمة الصحابة في عهد مرسى والإخوان كلأ مستباحاً لكل رافضي خبيث، ولما أراد بعض إخواننا في صعيد مصر مقاضاة هؤلاء كان الرد أنه ليس هناك قانوناً يجرم سب الصحابة مما دعاني لإصدار نداء ساعتها لمجلس الشورى ذي الأغلبية الإسلامية أن يصدر قانوناً يجرم فيه سب الصحابة ولكن أنى ذلك والقوم كانوا قد فتحوا أبواب البلاد على مصارعها للروافض .

أعود إلى حديثنا عن ثمرات مرجعية الشريعة في الدستور فأقول ومنها أيضا منع الأزهر للفيلم الذي يشتمل على تجسيد نوح عليه السلام، ثم منع الفيلم الإباحي المسمى (بحلاوة روح)، وكل هذا يتم استناداً إلى مرجعية الشريعة في الدستور مما يمثل صفعة لكل من ادعى كذباً وزوراً خلو الدستور من مرجعية الشريعة.

 وإن تعجب فعجبٌ قولهم ما صرح به أهل الفن اعتراضاً على ذلك بأن هذا لم يحدث في عهد مرسى والإخوان فكيف يحدث الآن تماماً، كما خرج علينا من كان سيرشح نفسه للرئاسة قائلاً "سأحرم لكم ما حرم الله ورسوله – صلّى الله عليه وسلم – فسأحرم الخمر التي لم يحرمها مرسى ".

 أقول ففي الوقت الذي يعترض البعض على المشاركة في إعداد هذا الدستور ويشن غارة التهم والأكاذيب إذا هو يغض الطرف عن الدستور التونسي الذي أكد على مرجعية العلمانية لتونس وخلا من الشريعة، بل إن بعضهم قد وجه التهنئة للشعب التونسي على دستوره الجديد، ومن مظاهر التناقض والتطفيف في الكيل والميزان وبخس الناس أشياءهم والذي كان سبباً من أسباب السقوط ما رأيناه من الحملة الشرسة على حزب النور حين أطلق مبادرته والتي كانت طوق النجاة بالنسبة لحكم مرسى والإخوان ولذا أخذ بها ولكن بعد فوات الأوان وبالطبع بدون أن ينسب ذلك لحزب النور .

أقول في الوقت الذي كان نصيب الحزب التخوين والحكم عليه بالخروج من الصف الإسلامي لكونه أطلق هذه المبادرة إذ بهؤلاء يكيلون المدح لحركة النهضة التونسية ناهيك عن وصفها بالحنكة والدهاء السياسي حينما توصلت إلى اتفاق مع المعارضة في تونس ما هو في الحقيقة إلا تنفيذ لمبادرة النور في مصر ولم يشر أحدهم أدنى إشارة لأصحاب السبق أو يعتذر أدنى اعتذار عما بدر منهم لإخوانهم من تخوين وتكفير وتشويه وتنفير .

ومن مظاهر التطفيف ما نراه الآن من شن للهجوم على الدعوة السلفية وحزب النور واستباق للأحداث لمواصلة التشويه وإثارة البلبلة حول مواقف الحزب، وأيضا حول موقف الحزب لاختيار مرشح رئاسي معين وبينما الأمر كذلك إذا بنا نفاجئ بإخوان لبنان وهم فرع من إخوان مصر وتنظيمهم الدولي كما هو معلوم، إذا بهم يعلنون تأييدهم ودعمهم ( لسمير جعجع ) المرشح النصراني في لبنان صاحب التاريخ الدموي ضد المسلمين وأحد من شارك في مذابح صبرا وشتيلا إلى آخر ما هنالك من جرائمه، وكان المبرر لذلك أنه أخف ضرراً من المرشح الآخر ( ميشيل عون ).

ويخرج علينا أحد الكتاب بموقع سروري دأب على تشويه الدعوة السلفية ورموزها بالكذب والافتراء ليكتب مقالة يتكلم في أولها عن هذا الاختيار بعدما ذكر طرفاً من جرائم جعجع ليوهمك بالإنصاف ثم يبرر ذاك الاختيار المر الذي ألجأت إليه الضرورة ودفع إليه ضعف أهل السنة في لبنان، والذين غدو كالأيتام على موائد اللئام، حتى إنك لتكاد تذرف الدمع شفقة على ما فعله الإخوان الذين لم يكن بوسعهم إلا ذلك فهم بين أمرين أحلاهما مر، فما كان من القوم إلا أن ارتكبوا أخف الضررين واقل المفسدتين التزاماً بأصول الشريعة، ولم يقل الكاتب أنه كان يسعهم السكوت وعدم الإعلان، كما يحلو للبعض مطالبتنا بذلك. 

ومن العجائب أن الكاتب راح يزعم أن مرجحات جعجع على عون أن جعجع أبعد عن أجندة إيران وحزب الله أي لن يكون في صالح الشيعة إثارة للعواطف وتبريراً لموقف الإخوان ونسى الكاتب أن الإخوان في لبنان وغيرها في بلاد الإسلام كانوا حلفاء الشيعة وإيران وحزب الله وسبباً رئيسياً فيما بلغه الروافض على حساب أهل السنة والجماعة، ومن رام الحقائق فصلنا له القول بالوثائق .


المهم نعود إلى موضوعنا،

فأقول: نحن لا نعترض على أن يخاير المسلمون في الاختيار بين مرشحين ولو كافرين فيختارون أقلهما ضررا وأخفهما مفسدة كما قرر ذلك العلماء من باب ارتكاب أخف الضررين،

لكننا نرفض الجور والظلم والبغي بأن تصبح القواعد الشرعية حكراً على الإخوان ومن يدور في فلكهم،

لأننا نقول لهم: وهل ما فعلناه في مصر إلا تطبيقاً لهذه القواعد والتزاماً بتلك الأصول التي انحرف عنها الإخوان في مصر ويراعونها الآن في البلاد الأخرى حتى لا يجربوا تجربتهم الفاشلة في مصر؟

فإذا كان التفاضل بين كافرين وتدعيم أحدهما مشروعاً من باب ارتكاب أخف الضررين فهلا كان من باب أولى بين المسلمين كما هو مقرر في السياسة الشرعية في باب الولايات؟

وإذا كان السكوت أحياناً في مثل هذه المواطن لا يسع الناس فلما يطالبنا به البعض ؟

وإذا كان السعي لتحقيق المصالح مشروعاً ولو باختيار كافر فكيف يمنع ولو كان باختيار مسلم ؟

وإذا كانت السلبية ستضر ببلد كلبنان فكيف بها في بلد كمصر قلب العالم الإسلامي ؟

وفى وقت أحدقت بها المؤامرات من كل جانب وفى ظل سيناريو التقسيم والذي لن يخدم إلا المشروع الصهيوني الشيعي في المنطقة .

 وأخيراً أقول لأولئك المطففين في الكيل والميزان أين ستذهبون ؟

تالله إنكم لمجموعون ليوم عظيم.

وأقول لأبناء الدعوة السلفية وحزب النور امضوا في طريقكم ولا تلتفتوا؛ فما يريده القوم من إثارة الشبهات وتشويه رموزكم ما هي إلا محاولات بائسة لتعطيلكم وعرقلة سيركم، بعدما ظهر لكل منصف صحة مواقفكم فما أحوج أمتكم إليكم اليوم، فلا تخذلوها في هذه المرحلة العصيبة، فبجهدكم -بعد توفيق الله لكم- ستنكسر تلكم المؤامرات والتي مقصودها في نهاية المطاف أهل السنة والجماعة وما العراق وسوريا واليمن منكم ببعيد ..