سوء الظن

  • 319

آفة من الآفات، ومرض من أمراض القلب، يبتلى بها الكثير، تصيبهم، وتصيب معهم العمل الإسلامي بآثار مهلكة، وعواقب وخيمة.
أولاً: تعريف سوء الظن:
لغة: على معان عدة منها:
1) الشك:
تقول بئر ظنون لا يُدرى أفيها ماء؟ أم لا ومنه قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} [الحج: 15].
2) التهمة:
تقول آظنَّ به الناس تعنى تعرض البعض لإتهام الغير له ومنه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12]
3) الحسبان: أو العلم بغير يقين ومنه قوله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87].
4) اليقين: يقول ظن فلان الشيء بمعنى تيقنه كقوله الله تعالى: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ} [الحاقة: 20]، ولا تعارض بين هذه المعاني، فهو تصوير لمراتب الظن من بدايته إلى نهايته.
وكأن الظن إنما هو تخمين، أو هاجس، أو خاطر يقع في النفس لأمارات تظهر، وقرائن تبدو، فإذا قويت، وتأكدت هذه الأمارات، وتلك القرائن أثمرت علماً يقينيا، أو تصديقاً قطعياً، وإذا ضعفت، أو تلاشت، لم تثمر إلا مجرد الشك، أو التوهم، أو العلم الغير يقيني.
والسوء هو كل ما يقبح، أو يقابل الحسن، وهو أيضاً كل ما يغم الإنسان من أمور الدارين، سواء كان في نفسه أو في غيره.
ومن هذا فسوء الظن:
هو تخريص، أو تخمين، ينتهي بوصف الغير ما يسوءه ويغمه، من كل قبيح من غير دليل، ولا برهان.
قاعدة هامة:
من ساء عمله، ساء ظنه.
ثانياً: مظاهر سوء الظن ووضعه في ميزان الإسلام:
1) القعود عن نصرة دين الله عز وجل في الغير، أو النفس، وفي الغير معاً؛ بدعوى أننا عملنا وتعبنا وما رأينا سوى الشدائد.
2) الولوغ في المعاصي والسيئات؛ بدعوى أن الله لا يرى ولا يعلم، كما قال سبحانه وتعالى {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [فصلت: 23] أو بدعوى لا بعث ولا حساب، كما قال سبحانه وتعالى: {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا} [الجن: 7].
3) توقع هلاك المؤمنين، واستئصال شأفتهم أمام كثرة العدو، عدداً، وعتاداً، وكمال، قال سبحانه وتعالى: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا} [الفتح: 12].
4) الرجاء من الخلق، ظناً أنهم يعطون ويمنعون، ينفعون ويضرون.
5) التقصير في عمل من أعمال البر المعروفة مثل: عيادة المريض، وتشييع الجنائز، ورد السلام، وإجابة الدعوة، وبذل النصيحة، ونحوها؛ لأسباب خارجة عن الإرادة: مثل السفر، أو المرض، أو القيام بواجب أكبر، أو عدم العلم، أو غير ذلك فيظن سيء الظن أن هذا التقصير نشأ من التكبر والاستعلاء، أو من الاحتقار وعدم الاهتمام، أو من البخل والشح.
6) القيام بأعمال البر المعروفة من: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصدقات، وإرشاد الناس وتعليمهم، والإصلاح بين الناس، فيظن سيء الظن أنه يفعل ذلك رياءاً، أو شهرة، أو طمعاً في مغنم.
والحقيقة أن البار ما كان يفعل ذلك؛ إلا لأنه المعروف الذي دعانا الله إليه، وحذرنا من تضييعه والتفريط والتقصير فيه.
وحكى لنا القرآن ما كان يصنعه المنافقون مع المتصدقين من المسلمين، فقال تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ? سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة: 79].
7) إتقان السعي، وأسباب الكسب من تجارة أو صناعة ونحوها، فيظن سيء الظن: أن هذا تكالب، وتهافت، وحب للدنيا، وبغض للآخرة.
8) إتقان الشعائر التعبدية؛ من صلاة، وزكاة، وصيام، وحج، وقراءة للقرآن، فيظن سيء الظن أن هذه رهبانية وعزلة، أو انقطاع للعبادة، وترك للحياة الدنيا.
9) الحرص على الحياة، في الوقت الذي يقتضي الحرص على الحياة، فيظن سيء الظن أن هذا جبن، والإقدام على الموت في الوقت الذي يقتضي الإقدام على الموت فيظنه تهور.
حكم سوء الظن:
هو حرام، فقد حرم الإسلام سوء الظن بالله وبرسوله، وكذلك بالمؤمنين المعروفين بصلاح الحال، واستقامة الخلق، ونظافة السيرة، وإن وقع منهم تقصير في معروف، أو تجاوز لمباح، أو خدش لمروءة، فالواجب ألا يتغير قلب المسلم على أخيه المسلم قيد شعرة أو أنملة حال تقصيره، ويعذره، ويقدم له النصح بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، برفق ولين.
إذ يقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ?} [الحجرات: 12] ويقول الرسول:" إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ"[أخرجه البخاري: 1287].
وفي الحديث القدسي: يقول الله تعالى: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي" "[أخرجه البخاري: 7405].
وعند مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ" [أخرجه مسلم:2877].
ويجب سوء الظن بالكافرين الجاحدين، وكذلك بمسلم مجاهر بالمعاصي، صاد عن سبيل الله، لا يلتزم بتعاليم الإسلام، ولكن ذلك بعد نصحه، ووعظه، وزجره والصبر على ذلك، فإن أبى إلا العناد، فلا يحسن الظن به.
ثالثاً: أسباب سوء الظن:
1) سوء النية، وخبث الطوية:
وذلك لنشأة الإنسان تنشأة غير صالحة، ويقع في كثير من المعاصي والسيئات، حتى تورثه سوء الظن بمن ليس أهلاً له، ويصبح ذلك مظهراً من مظاهر سوء النية وخبث الطوية، كما قال تعالى: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [الفتح: 6].
2) عدم التنشئة على المبدأ الصحيح في الحكم على الأشياء والأشخاص ويتمثل في:
أ) النظر إلى الظاهر وترك السرائر إلى الله تعالى، فهو وحده المطلع عليها بكل ما فيها، فعن أم سلمة رضى الله عنها، قالت: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلاَ يَأْخُذْ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ» [أخرجه البخاري:6967].
وقول رسول الله للصحابي الجليل أسامة بن زيد: قَالَ: "أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا؟» فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ " [أخرجه مسلم: 96].
ب) الاعتماد على الدليل أو البرهان قال تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111] {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 13]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ») [أخرجه البخاري واللفظ له، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وأحمد]
ج) التأكد من صحة الدليل أو ذلك البرهان، لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} [النساء: 94] وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].
د) عدم معارضة الأدلة، أو البراهين لبعضها البعض. هذا هو المبدأ الصحيح في الحكم على الأشياء والأشخاص، ومن يتربى على غير هذا المبدأ، فإن أموره وأحكامه كلها تبنى على الظنون، والوهم العاري عن الدليل يصيب مرة، ويخطئ مائة مرة ومرة.
3) البيئة قرينة كانت أو بعيدة:
قد ينشأ المرء في بيئة معروفة بسوء الخلق، ومنه سوء الظن والبيئة القريبة؛ مثل البيت والبعيدة مثل: أصدقاء السوء فيتأثر بهما، ويصاب بسوء الظن.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِ" [أخرجه البخاري: 1358]
وحديث النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الجليس الصالح والجليس السوء.
 4) اتباع الهوى:
وذلك بسبب قلة العلم، وترك العبادة، وهجران الجماعة، فالمرء إذا اتبع هواه فإنه يقع لا محالة في الظنون الكاذبة.
5) الوقوع في الشبهات:
 قلة العلم، وترك سؤال العلماء، والكبر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ " [أخرجه أحمد: 3/ 249].
 
6) عدم مراعاة آداب الإسلام في التناجي.
7) الوقوع في المعاصي والسيئات ولا سيما مع المجاهرة أو الإعلان.
فالمجاهرة بالمعاصي تدفع الآخرين لسوء الظن بالمجاهر؛ نظراً لأنه خان نعمة الله عليه.
8) نسيان الحاضر النظيف، والوقوف مع الماضي الدنس.
9) العصبية المقيتة للأفراد والجماعات:
10) الغل والحقد الدفين بسبب البعد عن الجماعة:
 للحديث "ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ: إِخْلَاصُ العَمَلِ لِلَّهِ، وَمُنَاصَحَةُ أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ، فَإِنَّ الدَّعْوَةَ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ" [أخرجه الترمذي: 2658، وقال الألباني: صحيح].
11) عدم التوازن والإنصاف في النظر إلى الفضائل والنقائص، وقل من لا يعاب.
12) الغفلة، ونسيان الآثار المترتبة على سوء الظن:
 الإنسان إذا غفل، أو جهل، ونسي عاقبة شيء تردى فيه، وإن كان فيه حتفه وهلاكه، فيستمر فى هذا المرض حتى يتداركه الله برحمة من عنده، {وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا} [الفرقان: 18].
رابعاً: آثار سوء الظن:
أ) على الفرد
1) الوقوع في المعاصي والسيئات:
سوء الظن يفضي إلى التجسس، والتحسس، والغيبة، والنميمة، والتحاسد، والتباغض، والتدابر، والتقاطع، والفرقة، والتعدي.
2) القعود عن أعمال البر والطاعات، فضلاً عن القلق النفسي، والاضطراب الفكري.
{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} [المائدة: 13]
3) الحسرة والندامة.
4) كراهية الناس، والنفور من أصحاب الظن السيئ، جزاءاً وفاقاً لما سببوه من دفع الناس للبعد عمن أساءوا الظن فيه.
5) تضييع العمر فيما لا يفيد.
6) التعرض للغضب والسخط الإلهي، {وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 81، 82].
ب) على الجماعة:
1) الفرقة، وتمزيق الصف.
2) طول الطريق، وكثرة التكاليف، وضياع الوقت، وشماتة الأعداء.
خامساً: علاج سوء الظن:
1) بناء العقيدة الصحيحة، وحسن الظن بالله، وبرسوله، وبالمؤمنين.
2) التربية على تغذية العقيدة بما يثبتها في النفس، وينميها بفعل الطاعات، وأعمال البر.
3) الالتزام بآداب الإسلام في الحكم على الأشياء، وحرمة الغيبة والنميمة، وسماعها.
4) التنشئة على التأدب بآداب الإسلام في النجوى.
5) تجنب الوقوع في الشبهات.
6) الحرص على سلامة البيئة قريبة، أو بعيدة.
7) مجاهدة النفس، وقمع الهوى والشهوات، والبعد عن أسباب الوقوع في المعاصي.
8) معاملة التائبين بحاضرهم، وليس بماضيهم، {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا} [النساء: 94]، "لَا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لِأَخِيكَ فَيَرْحَمَهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيكَ". [أخرجه الترمذي: 2506] "فَإِنَّمَا النَّاسُ مُبْتَلًى وَمُعَافًى. فَارْحَمُوا أَهْلَ الْبَلاَءِ، وَاحْمَدُوا الله عَلَى الْعَافِيَةِ"[أخرجه مالك في موطأه: (5/ 1436)]، وقول ابن مسعود رضى الله عنه: (لا تكونوا عوناً للشيطان على أخيكم، إذا قارف معصية، تقولون: اللهم العنه، اللهم اخزه، فإنا نحن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كنا لا نحكم على أحد بخير أو بشر إلا أن ننظر علام يموت، فإن مات على خير حكمنا له بذلك، وإن مات على شر، فقد أفضى إلى ما قدم).
9) دوام النظر في كتب السيرة، وتراجم العلماء.
10) التذكير دائماً بعواقب سوء الظن في الدنيا والآخرة.
11) علاج القلوب من الحقد، والحسد، والتنافس، وترك العصبية لغير الله. والواجب على المرء أن يسئ الظن بنفسه؛ لتيقنه بأحوالها، ويحسن الظن بالغير.
12) تذكر الموت، ومعاينة الآخرة، وتذكر مع أن الله الغني عن الشهود، يقيم الحجة على عباده بشهداء من نفسه، من بدنه، وجلده، وسمعه، وبصره، ويداه، ورجلاه؛ لتثبت الحجة على من عصاه، فحري بالعباد أن يتيقنوا بكل ما يتلفظون بالحجة والدليل، والأيام دول، وكما تدين تدان، والجزاء من جنس العمل.
والله يقول: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 30]
وتذكر (من ساء عمله، ساء ظنه، ومن حسن عمله، حسن ظنه، ولن يغني عنك احدٌ من الله شيئاً)