فتشبهوا بهم.. البطل يوسف بن تاشفين رحمه الله

  • 135
سالم أبوغالي

بقلم ـ سالم أبو غالي

أحد أعظم أمراء الإسلام، وأحد كبار الفاتحين والمجاهدين في سبيل الله، منقذ الأندلس وقاهر الإسبان، ومدخل الإسلام في قلب القارة الإفريقية السوداء، الأمير العظيم والبطل الكبير والقائد المحنك يوسف بن تاشفين اللمتوني مؤسس دولة المرابطين.
نحن نعرف "يوسف المشرق" يوسف بن أيوب "صلاح الدين الأيوبي" قاهر الصليبيين في حطين، لكننا نجهل "يوسف المغرب" يوسف بن تاشفين، قاهرهم في الزلاقة

ولد فى المغرب سنة 400هـ واشترك مع الحركة المرابطية منذ نشأتها وتخرَّج في رباط عبدالله بن ياسين وتولى قيادة عدة عمليات حربية ضد القبائل الوثنية، وقد أصبح القائد العام للمرابطين سنة 453هـ، فوسَّع دائرة الجهاد ضد القبائل البربرية الوثنية وظل في قتال مستمر لمدة عشرين سنة متصلة من أجل توحيد بلاد المغرب والقضاء على الخرافات والشركيات والبدع حتى أقام دولة عظيمة ضخمة وذلك سنة 474هـ.
بعد هذه الجولة الجهادية الموفَّقَة تم توحيد المغرب الأقصى بجميع نواحيه بعد عمل جادٍّ مستمرٍّ، وأصبحت الدولة المرابطية قُوَّة لا يُستهان بها،
و كان الوضع في الأندلس على اسوأ مما يكون من التفرق والتشرذم، حيث قامت للمسلمين دويلات تناحرت فيما بينها، وعُرف حكامها بـ"ملوك الطوائف" أعمل ملك الصليبين فيها ألفونسو السادس سيفه وسنانه، حتى أصبح ملوك الطوائف يبعثون بالجزية إليه كل عام.
فضج ملوك الطوائف من تجبره وغطرسته، وقتل المعتمد رسل ألفونسو التي جاءت لتحصيل الجزية، فأعد ذلك الصليبي العدة لإفناء المعتمد وباقي ملوك الطوائف.

كان المعتمد بن عباد حاكم الأندلس، أضعف من أن يرد غارات النصارى، فاستنجد ببطل الإسلام في المغرب الإفريقي يوسف بن تاشفين، ولكن بعض ملوك الطوائف في الأندلس وجه اللوم إلى المعتمد لأنه استنجد بابن تاشفين، فقال قولته الشهيرة:
رعي الجمال خير من رعي الخنازير.

ومِن هنا أرسل ألفونسو برسالة إلى الأمير يوسف بن تاشفين يهزأ منه قائلاً: "فإن كنت لا تستطيع الجواز فابعث إليَّ ما عندك من المراكب نجوز إليك، أناظرك في أحب البقاع إليك؛ فإن غلبتني فتلك نعمة جُلِبت إليك، ونعمة شملت بين يديك، وإن غلبتك كانت ليَّ اليد العليا عليك، واستكملت الإمارة، والله يتم الإرادة".

فكان رد الأسد المرابط يوسف بن تاشفين مدويًّا، يقطر عزة وإباءً مع قلة حروفه، فكتب على ظهر الرسالة: "الجواب ما ترى لا ما تسمع".
وبعث به إلى ألفونسو، فلما وصله، وترجم له، اهتزت الأرض من تحته وارتعدت فرائصه وأوصاله وقال: هذا رجل لا كالرجال.

استعد كل فريق إلى لقاء خصمه، وكان اللقاء في منطقة سميت الزلاقة.
فكان لا يُسمع إلا تكبير المسلمين، وإلا صراخ الصليبيين يستغيثون بالعذراء والقسيسين، فانكشف الطاغية ألفونسو، ومر هارباً مهزوماً وقد طعن في إحدى ركبتيه طعنة بقي يشكو منها طيلة حياته ،فكان نصراً عزيزاً مؤزراً للمسلمين .
لكن أمراء الطوائف لا صبر لهم ولا جلد! فملوا، وظهرت معادنهم الحقيقية وما جبلوا عليه من فتن ومشاحنات!واتصل بعضهم بالنصارى!
فاستاء الأندلسيون من حكامهم، وصاروا يطالبون بقيادة كقيادة المرابطين، بل صاروا يتمنون الوحدة مع المرابطين وأن يضم ابن تاشفين الأندلس لدولته!

رغم هذا كله فلا زال ابن تاشفين يتردد في خلعهم ويتورع عنه، حتى صدرت فتاوى العلماء بعدم شرعية استمرار رؤساء الطوائف بالحكم وعدم صلاحيتهم لقيادة المسلمين،

فعزل بعضهم وامتنع البعض وقاتلهم، ودخل بعض حكام الطوائف في حكم المرابطين كحاكم مملكة سرقسطة، وصار عونا لهم.
وبهذا أحكم المرابطون سيطرتهم على الأندلس وأرهبوا نصارى أوروبا،
وامتدت رقعة دولتهم شمالا حتى أقاصي الأندلس وجنوبا حتى "مالي" في أفريقيا!
في غرة محرم سنة 500هـ أي وهو في المائة من العمر، رحل موحِّد الأمة بعد أن أتم أمير المرابطين عمله الذي عاش وجاهد من أجله، ووحد بلاد المغرب والأندلس تحت راية واحدة، وأعاد الإسلام الصحيح بربوع المغرب، وأزال الظلمة والطواغيت والمتسلطين على رقاب العباد، وصدَّ الصليبيين عن مسلمي الأندلس، وأوقف حرب الاسترداد الإسبانية فترة من الزمان،
فرحمة الله عليه.