• الرئيسية
  • مؤسس منظمة حقوق الإنسان في ليبيا لـ«الفتح»: التنسيق مع القاهرة ضرورة مُلِحَّة لمحاربة الإرهاب

مؤسس منظمة حقوق الإنسان في ليبيا لـ«الفتح»: التنسيق مع القاهرة ضرورة مُلِحَّة لمحاربة الإرهاب

  • 183
جانب من الحوار

وأحمد فوزي

في ظل الأحداث التي تعصف بليبيا الشقيقة، وضياع المؤسَّسية وانتشار التطرُّف والإرهاب، كانت ليبيا محل اهتمام؛ حيث تعاني من اختلاط الأوراق وتدخُّل عدد من الأطراف الإقليمية؛ مما أسهم في زيادة تعقيد الوضع فى البلاد، فكان لـ«الفتح» لقاء مع ناصر الهواري، الناشط الحقوقي ومؤسس منظمة حقوق الإنسان بليبيا، ورئيس مجلس إدارة منظمة «ضحايا» في ليبيا؛ لاستعراض أهم القضايا وإلقاء الضوء على دور كل طرف من أطراف الصراع.

· بداية .. التوافق المصري الليبي إلى أين؟

لا شك أن ما يُؤرِّق ليبيا يُؤرِّق مصر، وأمن مصر من أمن ليبيا، ومصر الآن بها توافق داخلي تحت قيادة الرئيس السيسي، لكن ليبيا ليس فيها مثل هذا التوافق الداخلي؛ وهذا ما يُعَرْقِل التوافق بين البلدين، والمشاريع التي يتوافق فيها الطرفان هي محاربة التطرف والإرهاب، وعملية السلم في المنطقة.
وفي حالة انتهاء دولة الميليشيات والتطرف سنجد توافقًا أكبر وتعاونًا ممتازًا، والتاريخ خير دليل؛ ففي حرب إيطاليا كانت مصر داعمةً لنا، وفي ثورة 17 فبراير كانت الداعم الخفي، لكن كانت هناك فترة واحدة لم تكن مصر مع ليبيا، وهي فترة د. مرسي، فقد دعم نظامه الميليشيات، وخير دليل على ذلك زيارة خيرت الشاطر إلى الميليشيات، بل قدموا الدعم الكامل لها، والدليل على ذلك صفقة أحمد قذاف الدم، وهناك أخبار عن وصول 2 مليار دولار وقتها كمساعدات إلى مصر مِن قِبَل الميليشيات، وكان إخوان مصر يُساعِدون إخوان ليبيا ولا يُقِرُّون بمصلحة الأوطان ولا البلاد، وإنما مصلحة الإخوان، ونحن كنا نرى كيف كان إخوان ليبيا يدخلون ويخرجون بسهولة، والدليل على ذلك تحرُّكات الدكتور علي الصلابي، لكن الآن لا يستطيع دخول مصر.

· لم يعد التحكم في الحدود بين مصر وليبيا كما هو، ما رؤيتك في ذلك؟

من المعلوم أن مساحة ليبيا مليون و400 ألف كيلو متر مربع، أي ما يُقارب ضِعْف مساحة مصر، ولها حدود مع 6 دول، وأيام القذافي كانت هناك دولة وجيش، وكانت المسألة محكومة في الحدود، ولم تحدث الانتهاكات الموجودة الآن، ولم يحدث هذا التأثير الموجود الآن، حتى أن قضية الهجرة غير الشرعية التي كانت تمر من ليبيا إلى أوروبا لم تكن بهذه الكارثية الموجودة الآن، لكن ليبيا الآن تُعاني من عدم قدرتها على ضبط الحدود والسيطرة عليها.

ولا شك أن مصر تُعانِي مما يحدث في ليبيا، على سبيل المثال الأسلحة المُهرَّبَة التي تدخل إليها عن طريق ليبيا، وتتم بها العمليات الإجرامية في سيناء والواحات والفرافرة وغيرهم، وهناك فرق بين أن تقوم كل دولة بحماية حدودها، وأن يكون هناك تنسيق مشترك لحماية الحدود.

· لماذا يُفكِّر الليبيون في تغيير العاصمة؟

ليبيا تُعانِي مما يُسمَّى بـ«المركزية المقيتة»، وكل الإدارات توجد في طرابلس، وما بين طرابلس وبنغازي 1000 كيلو متر بمقدار ما بين القاهرة والإسكندرية 5 مرات، والليبيون يجدون صعوبات في استخراج ورقة حكومية.
العصر الحديث أصبح يواكبه تقسيم العواصم، وأن تكون هناك عاصمة سياسية، وأخرى إدارية، وثالثة اقتصادية، وهكذا تعمل الدول المتقدمة؛ فليس هناك ضرر فى أن تكون هناك أكثر من عاصمة تقع تحت نظام واحد وجيش واحد، خاصةً في دولة مثل ليبيا السائد فيها القبلية.

هناك من يرى أن جيش القبائل سيطر على مُدنٍ عِدَّة، وله نفوذ كبير .. ما حقيقة الأمر؟

بالنسبة لخريطة الصراع في ليبيا، نحن لدينا جيش في بنغازي قائده اللواء خليفة حفتر، وهناك بعض الجماعات، وهناك ما يُسمَّى بـ«جيش القبائل»، وما يظهر من أقاويل هنا وهناك كلام تهويل من الدرجة الأولى، والبعض يريد أن يُبيِّن للناس أن هناك جيشًا للقبائل حتى يُسقِط الجيش الرسمي لليبيا وتظل في صراعات.
وأؤكد أن جيش القبائل لا يُحارِب الإرهاب، جيش القبائل يُحارِب من أجل الثأر، وهو عبارة عن مجموعات صغيرة تُقاتِل في مدنها.

· ما تقييمك للأوضاع في ليبيا؟

يوجد ما أُسمِّيه بـ«توازن الضعف»، وهو أن هناك حربًا حقيقية وليست حربًا نظامية، هي حرب شوارع بحتة، وليست هناك مجموعة تستطيع حسم الأمر لصالحها حتى الآن.
والوضع السياسي يشهد تقدُّمًا لكنه متدهور للغاية، وهناك جلسات تُعقَد لكن توجد عراقيل يختلقها التيار المتطرف؛ فهو يخشى من تنحيته جانبًا أو قتله.

· «حفتر» لا يُعارِض عملية مثل «عاصفة الحزم» في ليبيا .. ما رأي الشارع الليبي بخصوص ذلك؟

«عاصفة الحزم» مطلب كل ليبي لإنهاء الأزمة وحماية ما تبقى من ليبيا، وانتشالها من أحضان التطرُّف وشرذمة الإرهاب؛ فالجيش غير قادر بمفرده على محاربة ميليشيات الشوارع، وإن استطاع فسيكلف ذلك الكثير من الوقت والدماء.

· هل يرى الشعب الليبي أن وسام بن حميد ومحمد الزهاوي يُمثِّلان الدين؟

هذان شخصان أعلنا تكفير المجتمع، فكيف للمجتمع أن يرى فيهما أنهما يُمثِّلان الإسلام؟! لقد كفَّروا الأشخاص والشرطة والجيش، وقتلوا العديد وعذبوهم، والدليل حملة «ادخلوا عليهم الباب» في رمضان الماضي، وكان قائدها وسام بن حميد ومحمد الزهاوي، وكانت تتضمَّن الدخول على الناس في بيوتهم وقتلهم بتهمة أنهم ينضمون إلى الجيش أو يُخالِفونهم في الرأي!

· هناك صور تؤكد قوة العلاقة بين هؤلاء و«حفتر»، فلماذا ينقلبون على بعضهم؟

هذه الصور موجودة بالفعل لكنها كانت في ثورة 17 فبراير، وكانوا ثوارًا ضِمْن الثوار، وكرَّموا اللواء حفتر، لكن اتضح أنهم يسعون وراء مصالح ومكاسب شخصية، فانقلب عليهم حفتر؛ ومن هذا المنطلق أصبح العداء واضحًا للجميع.

· أعلن «عبد القيوم» أن «بيرناردينو ليون» هدد بتجميد الحوار إذا استمرت الخروقات الموجودة، ما رأيك في ذلك؟

الأمم المتحدة تعمل بما أُسَمِّيه «العدالة العوراء»، ولا ترى سوى مصالحها، أما الشعوب فهي آخر شيء، فإذا تقدَّم الجيش علت أصواتهم، وحينما تتقدم الميليشيات لا نسمع لهم صوتًا.

الأمم المتحدة بدأت معنا الأزمة بقرار 70/19 و 73/19 وتدخلت قوات حلف الناتو وأُنْهي نظام القذافي، وكانت بداية عهد جديد لليبيا، لكن القرار جاء في نصه حماية المدنيين، ولم تفِ بالقرار وتحمي المدنيين، ولماذا لم تُجرِّم المجموعات الإرهابية الموجودة مثلما حدث مع «أنصار الشريعة»؟!
ومجلس النواب يسير في المصالحة حيث قدم مسودة فيها نحو472 مادة في 19 صفحة، لكن المصالحة تعرقلت مِن قِبَل الميليشيات.
· في ظل هذه التهديدات ظهر رئيس حزب العمال المُعارِض في بريطانيا وصرَّح بأن المجتمع الدولي تخاذل مع الوضع الليبي، ما تعليقك؟
هناك في ليبيا قراءتان: صحيحة وخاطئة. القراءة الصحيحة أن هناك جيشًا وشعبًا يُحاربان الإرهاب، وبالعودة إلى الوراء قليلًا نجد أنه في يوليو 2014 انتُخب برلمان شرعي وفق القانون، وأشرف المؤتمر الوطني العام على هذه الانتخابات، و لم يحصل المتطرفون على أغلبية؛ فكانت النتائج هي اللجوء للعنف، وما صرَّح به زعيم حزب العمال أوافقه فيه، وأقول: إن ليبيا استعمرت استعمارًا فكريًّا عن طريق التطرُّف السائد لدى بعض الجماعات، والانتهاكات تجري على أشدها، ومن يرى أن الصراع في ليبيا بين طرفين سياسيين فهو مُخطِئ، فالأزمة في ليبيا بين «الشرعية واللاشرعية»، بين ليبيا والخارجين عليها؛ ولماذا لم يُتَّخَذ قرار ضد تنظيم القاعدة في ليبيا حتى الآن؟!

ليبيا مطمع للقوى الغربية، هل يعي الشعب الليبي ذلك؟

الشعب الليبي يعي ذلك جيدًا، لكن المطامع أصبحت شرعية سائدة لدى الدول العظمى، وسنقف بقوة لمثل ذلك، ونعلم أن ثرواتنا مطمع والنفط وراء كل ذلك، والعراق خير دليل.

ما دور مصر بخصوص الشأن الليبي؟

ضعيف جدًّا حتى الآن، ونتمنى أن يكون لها دور كبير في حل النزاعات الموجودة في ليبيا، ونشكر القيادة المصرية لاستضافتها المؤتمر الاقتصادي القادم لإعمار ليبيا.

بما أنك سياسي وحقوقي، حدثنا عن حقوق الإنسان في ليبيا بعد هذا الخراب والدمار؟

ليبيا تمر بمحنة شديدة، وحقوق الإنسان كل يوم تُنتَهك بشدة، ونرى التفنن في ذلك، والانتهاكات أكثر مما كانت في عهد معمر القذافي؛ فعلى سبيل المثال سجون المعتقلات أصبحت مقابر للتعذيب، كل كتيبة وكل ميليشيا لها سجنها الخاص، ولها طريـقـتها الخاصة في التعذيب، والسجون الليبية بها أكثر من 100 ألف معتقل يُمارَس معهم شتَّى أنواع التعذيب.

أين المجتمع الدولي من هذه الانتهاكات؟

المجتمع الدولي يرى ولا يُحرِّك ساكنًا، والتقارير تُرْفَع إليه وإلى المحاكم الجنائية، لكنهم يرون مصالحهم فقط، ومُؤخَّرًا أصدر قرار إرسال بعثة حقوقية لليبيا لتقصي الحقائق بعدما أوشك الليبيون على الفناء.

كثرت الهجرة غير الشرعية حاليًا في ليبيا، مَن المستفيد مِن هذه التجارة؟

التهجير موجود قديمًا، والناس تُهاجِر من الشمال إلى الغرب، لكن الآن مع ضعف حرس الحدود وضعف القوة الليبية الموجودة زادت هذه العمليات، ولا نريد أن نتهم طرفًا بعينه، لكن الجماعات والميليشيات كلها مشاركة في هذه العمليات، والدليل على ذلك أن السواحل التي تسيطر عليها الميليشيات هي التي يخرج منها المهاجرون غير الشرعيين.