• الرئيسية
  • أزمة البطاطس قضت على أحلام الفلاحين.. والزراعة "لا حس ولا خبر"

أزمة البطاطس قضت على أحلام الفلاحين.. والزراعة "لا حس ولا خبر"

  • 96
بطاطس

المزارعين: الطن بـ500 جنيه والخسارة بلغت 8 آلاف للفدان الواحد

نقابة الفلاحين: الحكومة تدعم المحاصيل الاستراتيجية دون غيرها.. ولابد من صندوق "دعم المحاصيل الزراعية"

الإصلاح الزراعي: لا توجد خطة لتسويق المحاصيل المصرية بالخارج ووزارات المجموعة الاقتصادية لا تقوم بدورها

تسببت أزمة البطاطس هذا الموسم فى ازدياد معاناة وألم الفلاح المصري الذي لم يكد يفيق من وجع محصول القطن المخزن لديه من العام الماضى، في الوقت الذي راهن معظمهم علي محصول هذا العام، واستدان علي حسه.. جاءت أيام الحصاد علي غير المتوقع ولم يكف ناتج الفدان إجمالي ما تم انفاقه عليه طوال العام .


وأرجع المزارعون سبب الخسارة الفادحة التي حدثت لأول مرة في تاريخ المحافظة إلي ارتفاع مستلزمات الإنتاج الزراعي، وعدم توفير الأسمدة اللازمة وصرفها لكبار ملاك الأراضي الزراعية دون المستأجر، حيث يبيع ملاك الأراضي حصصهم من الأسمدة المدعمة التي يتم استلامها من الجمعيات الزراعية إلي المستأجرين الذين يقومون بالزراعة فعليا، وبأسعار الأسواق السوداء.

كما أكد المزارعون أن مستوردي تقاوي البطاطس يحتكرون الأصناف ذات الإنتاجية الجيدة لرفع أسعارها، أما الأصناف الرديئة فيتم إغراق السوق بها ويقبل عليها المزراعون لأنها رخيصه، لافتين إلي أن كبار المستوردين يمارسون سياسة تعطيش السوق ببعض أصناف التقاوي المرغوبة لرفع أسعارها، فضلا عن إغراق السوق بتقاوي ذات إنتاجية ضعيفة تحقق مكاسب كبيرة لهم علي حساب الفلاح، إضافةً إلي توقف عملية التصدير لبعض الدول بالخارج التي تعد سوقا هامة للبطاطس ومنها ليبيا وسوريا، كما أن الممارسات الاحتكارية من جانب بعض المستوردين أضرت بالسوق المحلي ودفع الثمن الفلاح الفقير وحده .

يقول عبد الناصر الغندور، أحد مزارعي البطاطس بالبحيرة، إن الفلاح فى معاناة شديدة تارة لارتفاع أسعار الأسمدة والاحتياجات الزراعية، وتارة أخرى فى تدنى أسعار محصول البطاطس، مشيرا إلى أن الدولة غائبة تماما عن معاناة الفلاحين، كما أنها تعمل فى وادٍ والمزارع فى وادٍ آخر؛ نظرا لتجاهل مسئولى وزارة الزراعة.

أضاف الغندور، أنه يبيع طن البطاطس بـ500 جنيه فقط، فى حين أن تكلفة الفدان الواحد تصل إلى 12 ألف جنيه، حيث يتعرض الفلاح لشراء احتياجاته الزراعية بأسعار مرتفعة، منها الأسمدة والمبيدات وتجهيز الأرض، مضيفا: أزمة المحصول تسببت فى ضياع الفلاح والحكومة لا حس ولا خبر، كما أن الخسارة تصل إلى نحو 8 آلاف جنيه للفدان الواحد.

تساءل المزارع عبد الناصر الغندور: ماذا يفعل الفلاح فى ظل تدهور أوضاعه وبعد وعود كثيرة من وزارة الزراعة بحل مشاكله؟! إلا أن ما يحدث هو العكس، من ارتفاع فى أسعار الوقود؛ وهو ما يترتب عليه ارتفاع فى كافة الأسعار الأخرى، سواء الشحن أو النقل، ومع ذلك عند الحصاد لن نجد من ينظر إلينا بعين الرحمة من الحكومة!!

وأوضح الغندور، أن الفلاح ينتج من 10 - 14 طنا من محصول البطاطس، بواقع من 7 - 8 آلاف جنيه فقط، فى حين أن التكلفة أكثر من هذا؛ وهو ما يعرض الفلاح للاقتراض من بنك التنمية والائتمان الزراعي، وبعد ذلك تتم ملاحقته قضائيا من قبل البنك، مطالبا الحكومة بوضع صندوق لضبط الأسعار لرفع المعاناة عن كاهل الفلاح الذى يعانى جراء أزمة التسويق دون وقوف الدولة بجانبه.

قال رشدى أبو الوفا، نائب نقيب الفلاحين، الحكومة ملزمة بدعم المحاصيل الاستراتيجية فقط طبقا للدستور، مشيرا إلى أنها ترى أن المحاصيل الأخرى تزرع بنظام العرض والطلب، موضحا أن توقف التصدير خاصة إلى ليبيا وراء أزمة المحصول ومعاناة المزارعين.

وطالب نائب نقيب الفلاحين، رئيس جمعية "منتجى البطاطس" المهندس حمدى الطحان، أن يبحث عن حلول للمشكلة، كما أنه على الدولة إنشاء صندوق فى أسرع وقت لدعم المحاصيل الخاسرة والمنكوبة سواء بسبب الأحوال الجوية أو تدنى الأسعار.

ويقول محمد خضر أحد مزارعى البطاطس، لا توجد أي رقابه أو تفتيش من جانب الحجر الزراعي علي أصناف التقاوي المستوردة من الخارج؛ حيث اكتشف بعض المزراعين أن التقاوي كانت مصابة هذا العام بالعفن البني وعفن الجذور، والأوبئة التي أدت إلي ضعف إنتاجية الفدان بشكل غير مسبوق، رغم أن أسعارالتقاوي كانت مرتفعه جدا، فضلا عن ارتفاع أسعارالأسمدة التي يشتريها صغار المزراعين من التجار بالسوق السوداء لحين موعد الحصاد .

وطالب محمد خضر الدولة ممثلة في وزارة الزراعة بفرض رقابة قوية علي المستوردين، وألا تتجاوز كميات التقاوي المستوردة من الخارج 120 ألف طن حفاظا علي السوق المحلي، وحتي لا تنهار أسعار البطاطس في ظل زيادة العرض وضعف الطلب، بالإضافة إلي السيطرة علي أسعار التقاوي المستوردة من الخارج .

وأكد رشدى أبو الوفا، أن الحكومة ما زالت تتجاهل الفلاحين سواء فى أزمة البطاطس أو غيرها؛ مدللا على ذلك بأزمة محصول القصب، مؤكدا أن النقابة طالبت الحكومة ممثلة فى وزارة التموين بأن يكون سعر القصب من 360 إلى400 للطن، ومع ذلك لم يتم التنفيذ حتى الآن.

وحذر نائب نقيب الفلاحين في رسالة إلى رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، من قدوم أزمة مرتقبة فى صناعة السكر بسبب تعرض الفلاح لخسارة كبيرة وفادحة بسبب رفع السعر بنحو 40 جنيها فقط للطن، كما طالب بضرورة تطبيق صندوق موازنة للأسعار لتعويض الفلاح مثلما كان يحدث فى الماضى، من خلال جمع جنيهٍ أو اثنين عن كل فدان، بجانب جزء من الدولة لحل أزمة الفلاح فى أى محصول.

فيما انتقد مجدى الشراكي، رئيس الجمعية العامة للإصلاح الزراعي، السفراء والقنصليات المصرية فى تسويق المحاصيل المصرية بالخارج، مشيرا إلى أن هؤلاء السفراء يتقاضون ويكلفون الدولة أموالا طائلة دون عائد مادى على الأرض.

وأشار الشراكي إلى أنه لابد من تسويق المحصول بالخارج خاصة المطلوبة، ومنها محصول البطاطس، مشددا على ضرورة أن يكون لمصر سوق مصرية لمحاصيلها بالخارج.

وتابع: الفلاح دائما ما يتعرض لأزمة فى تسويق المحاصيل كل عام سواء أزمة مياه أو دولار، موضحا أن هذا ما يزيد مشكلة الرقعة الزراعية، كما أن الحكومة لم تتحرك خارجيا ممثلة فى وزارتي الخارجية والزراعية المنوطة بخدمة الفلاح.

وألمح رئيس الجمعية العامة للإصلاح الزراعي، إلى أن هناك مشكلة أخرى تتسبب فى عدم تسويق المحصول ومعاناة الفلاحين، وهى أن التعاونيات لا تستطيع مقابلة وزراء المجموعة الاقتصادية مثل التموين والاستثمار سوى وزير الزراعة فقط؛ وهو ما يعد تجاهلا متعمدا بشكل أو بآخر مع المزارعين، كما أن هناك أشخاصا يتحدثون عن الفلاحين فى حين أنهم يخدمون مصالحهم الشخصية فقط.

وأكد مجدي الشراكي، أن اتجاه الدولة مع الفلاح متخبط ولا توجد لديها رؤية، مضيفا: نفتقد للسياسة الواضحة والأهداف المحددة لوضع استراتيجية ترفع المعاناة عن كاهل الفلاح، فضلا عن عدم التخطيط الواضح من وزارة الزراعة.