مشروع بمليون و250 ألف جنيه لحل مشكلة موعد صلاة الفجر

  • 146
صورة ارشيفية

الفجر عبارة عن الضياء المنتشر في الأفق الشرقي الناشئ عن أشعة الشمس قبل طلوعها، بحيث تكون منحطة عن الأفق بـ19 درجة، ووقته هو المدة التي بين طلوع الفجر الصادق وطلوع الشمس، ويسمى بـ"الصادق" لأنه كالمخبر الصادق عن وجود النهار؛ إذ لا تعقبه ظلمة وهي عبارة عن ضوء حاجب الشمس إلا عند قرب طلوعها، وهو يطلع مستطيرا –أي: منتشرا- معترضا بنواحي الأفق، بخلاف الفجر الكاذب فإنه لا يمتد مع الأفق بل يطلع مستطيلا في وسط السماء، وتسميه العرب "المحلف" كأنه من اغتر به يحلف أنه الفجر، ومن عرف حقيقته يحلف لم يطلع، وهو يسبق الصادق في الطلوع ويسمى بـ"الكاذب" عن وجود النهار إذ تعقبه ظلمة.

مواقيت الصلاة وضعت على وقت الفجر الكاذب
المشكلة نشأت من أن معظم الفلكيين والخبراء الجغرافيين لا يفرقون بين الفجرين لأنهم يرون أن أول ضوء هو الفجر عندهم؛ لذلك وضعوا التقاويم بناءً على ذلك، وأما في الشرع: فالضوء الأول هو الفجر الكاذب؛ ومن هنا وقع الخطأ، وكان مقداره مقدار ما بين الفجرين، وهو 20 دقيقة، تزيد ثلاثة دقائق أو تنقص حسب طول الليل والنهار مع تعاقب فصول السنة.
وقد قامت عدة مشاهدات وتمت عدة دراسات تبين بالدليل العلمي والرؤية الواقعية، أن معظم التقاويم - ومنها تقويم أم القرى في المملكة السعودية- قد وقعت في هذا الخطأ؛ إذ وُقِّت الفجر فيها على الفجر الكاذب.
وهذا أمر بالغ الخطورة؛ حيث يصلي كثير من المسلمين ـ وبخاصة النساء في البيوت ـ والمتعجلون من الأئمة، يصلون بُعيد أذان الفجر الكاذب، أي: قبل طلوع الفجر الصادق؛ مما يترتب على ذلك فساد الصلاة على من علم ذلك، كما لا يخفى على كل مسلم.

قال الدكتور حاتم عودة رئيس المعهد القومي للعلوم الفلكية والجيوفيزيقية التابع لوزارة البحث العلمي المصرية، إن المعهد يشارك الآن مع دار الإفتاء في مشروع للتحقق من مواقيت صلاة الفجر على مستوى جميع محافظات الجمهورية.

وأضاف عودة: "أن المشروع كان مخططا له من قبل لكن وصول الجهاز الذي سوف يستخدم في الرصد هو الذي أخر البدء فيه، لافتا إلى أن هناك أبحاثا ودراسات أجراها باحثون وأساتذة بالمعهد، أكد بعضها أن التوقيت الحالي للصلاة صحيح، وأكد آخرون وجود اختلاف عن التوقيت الحالي بفارق وصل إلى 15 دقيقة".
وأشار رئيس المعهد القومي للعلوم الفلكية والجيوفيزيقية، إلى أن المعهد اشترى الجهاز بتكلفة مليون و250 ألف جنيه، ويتم تجهيزه الآن كي يستخدم في المشروع، لافتا إلى أنه يتم تجهيزه في الفترة الحالية، مشيرا إلى أن المعهد يفكر في شراء جهاز آخر أو تليسكوبات لتسهيل المهمة، مؤكدًا ضرورة إعادة القياسات مرة أخرى في الفترة الحالية.
وأوضح "عودة" أنه من المقرر أن يبدأ المشروع في شهر فبراير المقبل –أي: بعد إعداد الجهاز للعمل- وينتهي بعد عامين من تاريخ البدء، مؤكدا أن كل الاحتمالات موجودة من حيث إمكانية وجود فرق في التوقيت من عدمه، لافتا إلى أنه سيتم الرصد من بيئات مختلفة بمصر.
جدير بالذكر أن أحد الباحثين بالمعهد القومي للعلوم الفلكية والجيوفيزيقية أكد أنه أجرى أبحاثا أكدت أن مسلمي مصر يصلون الفجر في غير موعده الصحيح منذ 100 عام، وأن المسلمين اعتمدوا على باحث فلكي بريطاني لتحديد موعد الصلاة، وأنهم يصلون قبل الموعد الصحيح أو بعده بأكثر من نص ساعة؛ مما أثار بلبلة بين المصريين.
من جانبه، قال أشرف تادرس رئيس قسم الفلك في المعهد، إن الجهاز الجديد يقوم بما يشبه عملية فحص ضوئي للسماء وبيان أسباب أي بقعة ضوء، إن كان الضوء البروجي أم غيره؛ لتحديد بداية فترة الشفق الصباحي والغسق المسائي؛ ومن ثم معرفة موعد الصلوات بدقة متناهية، سواء الفجر أو العشاء.
وأضاف "تادرس" أن فروق التوقيت ربما تكون بسيطة، مؤكدا أن الجهاز الجديد سيدخل الخدمة خلال أسابيع قليلة، وسيقوم بمهمة تحديد مواعيد الصلاة وفق تحديد بدايات الشفق ونهايات الغسق، على أن يتم الرصد من أماكن بعيدة ونائية، مثل منطقة القطامية في القاهرة أو أبو سمبل في أسوان حتى يخرج الرصد صحيحا.

وقال صلى الله عليه وسلم: "الفجر فجران، فجر يحرم فيه الطعام، وتحل فيه الصلاة، وفجر تحرم فيه الصلاة –أي: صلاة الفجر- ويحل فيه الطعام" رواه الحاكم والبيهقي من حديث ابن عباس، وصححه الألباني في "صحيح الجامع 4279".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "الفجر فجران: فأما الفجر الذي يكون كذنب السرحان فلا يُحل الصلاة ولا يُحرم الطعام، وأما الفجر الذي يذهب مستطيلًا في الأفق فإنه يُحل الصلاة ويُحرم الطعام" رواه الحاكم والبيهقي من حديث جابر، وصححه الألباني في "صحيح الجامع 4278".
وفي رواية: "الفجر فجران، فجر يقال له: ذنب السرحان، وهو الكاذب يذهب طولا، ولا يذهب عرضا؛ والفجر الآخر يذهب عرضا، ولا يذهب طولا" صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة برقم 2002".
وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال، ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق) رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي برقم 568".
ومن هذا البيان النبوي يُعلم أن تحديد وقت الصلاة ينبني على المشاهدة، لا على الحساب الفلكي، ولا على التقاويم التي لا يُدرى حال واضعيها ومنزلتهم في الأمانة والعلم، خاصة مع ثبوت مخالفتها للوقت الصحيح.
وهذا الخطأ ليس في مصر وحدها، بل قد تبين أن معظم التقاويم الموجودة لم تضبط الفجر على وقته الصحيح، وإنما ضبطته على الفجر الكاذب، وفي هذا تعريض لصلاة المسلمين للبطلان، خاصة من يصلي في بيته بعد سماع الأذان مباشرة.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله: (وقد رأيت ذلك بنفسي مرارًا من داري في جبل هملان جنوب شرق عمان، ومكنني ذلك من التأكد من صحة ما ذكره بعض الغيورين على تصحيح عبادة المسلمين أن أذان الفجر في بعض البلاد العربية يُرفع قبل الفجر الصادق بزمن يتراوح بين العشرين والثلاثين دقيقة -أي: قبل الفجر الكاذب أيضا- وكثيرًا ما سمعت إقامة صلاة الفجر من بعض المساجد مع طلوع الفجر الصادق، وهم يؤذنون قبل وقتها، وقد يستعجلون بأداء الفريضة قبل وقتها في شهر رمضان) انتهى من "السلسلة الصحيحة" (5/52).