الانتفاضة لفظ يستحق التأمل

  • 121

من الواضح اليوم أن أكثر ما يستحوذ على الحوارات و المناقشات التي تدور في مصر بل و خارجها هو الحديث عما يسمى بانتفاضة الشباب المسلم و في هذا الشأن نطالب بعدة توضيحات:

ضد من سينتفض الشباب المسلم و ما حكم من لم ينتفض؟

لماذا لفظ الانتفاضة والذي لم يستخدم في كل الفاعليات التي تمت في مصر منذ قيام ثورة يناير؟

هل استخدام لفظ الانتفاضة يحمل مدلولا عند من يستخدمونه ويروجون له ولا سيما وأن الأمر بين مسلمين كمدلوله حال استخدامه لدى المسلمين ضد غيرهم في دول أخرى؟

ماذا بعد الانتفاضة وما هو المتوقع منها؟

من الخطورة بمكان أن يصبح العنف هو لغة التفاهم بين أبناء الوطن الواحد بل من الأخطر أن يصلوا إلى مرحلة لا يجيدون لغة غيرها.

من سمات المجتمع الاسلامي و الذي ينشده الجميع مجتمع يحل مشكلاته عن طريق التفاهم فالناس في الجاهلية كانوا يعدون القوة و العنف اقرب الوسائل تناولا لحل مشكلاتهم وربما لم يكتشفوا وسيلة أخرى للوصول إلى الحقوق أو دفع المظالم فما أسهل ان تقوم الحرب بينهم من أجل ناقة أو كلمة نابية.

حين جاء الاسلام اختلف كل شئ إذ لم يعد المهم لدى المسلم تحقيق مصالحه أو سلامته الشخصية وإنما يسيطر عليه هم براءة ذمته من دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم حيث غرس الإسلام في نفوسهم الخوف الشديد من جرم العدوان على الآخرين.

إن الأصوات الداعية إلى الجهاد المزعوم والعنف الآن ومن قبل لم نجن من ورائها سوى الخراب و الدمار وإزهاق العديد من الأرواح، وجديرا بالذكر أن بعض الإحصائيات تذكر أن قتلى المسلمين والمشركين في زمان النبي صلى الله عليه و سلم لم يتجاوزوا ألفا ومئتي شخص!! وهذا رقم متواضع جدا في عمل ضخم أدى إلى إخضاع ما يشبه القارة لسلطان حكومة واحدة ولا سيما أن ذلك تم في بيئة شرعتها القتال وسفك الدماء فأين من يطالبون بآلاف القتلى من المسلمين من أجل لا شئ من حياة النبي صلى الله عليه و سلم وسيرته.

إن أصحاب الموقف المتطابق مع الحق والعدل يجدون في الحوار والتفاهم والحلول السلمية السلاح الأمضى لتدعيم موقفهم وعلى مقدار بعد الدول والجماعات والأفراد عن الحق يكون احتياجها لاستخدام القوة والبطش والانغلاق.

إن العنف هو الذي يملأ الفجوة بين الناس والحق، ومن خلال هذا الميزان يستطيع أن يميز بين أهل الحق وأهل الباطل، كما يستطيع أن يميز بين المجتمع المتحضر والمجتمع المتوحش.

فعلى الكل أن يراجع نفسه بعيدا عن استخدام ألفاظ براقة المعنى دموية في حقيقتها لا نجني من ورائها سوى مزيد من السقوط و الدمار.

حكّموا عقولكم و احفظوا و طنكم و اجعلوا امامكم "إن مصر إن تضع...ضاع في الدنيا تراث المسلمين".