الخلاف بين الماضي والحاضر

  • 155

قال تعالى : " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ".
سنة الخلاف بين البشر هى سنة الله القدرية الكونية وخاصة فى الأمور الجسام والفتن العارمة .
أمة الاسلام مرت بأمور عظيمة لم يتفق فيها قادتها على رأى واحد:

1- فى وفاة النبى محمد صلى الله عليه وسلم كيف اختلفت ردود افعال الصحابة مع هذا الحدث الجلل بين ابى بكر وعمر وعلى وعثمان – رضي الله عنهم -.
2-وكذلك فى فتنة مانعى الزكاة كيف اختلف الشيخان فى هذه المسألة الجلل ، فأبو بكر – رضي الله عنه - يرى حتمية المجابهة وعمر – رضي الله عنه - ينكر عليه لأنهم يصلون ويثبت أبو بكر على رأيه لأنه صاحب الحق ويوفقه الله للقضاء على الفتنة .
3- فى مسألة اختيار الخليفة بعد وفاة النبى محمد – صلى الله عليه وسلم - وحدوث الخلاف الكبير بين المهاجرين والأنصار فى البداية حتى اتفقوا على رأى واحد وفقهم الله إليه.
4-فى الفتنة الكبرى التى ضربت الأمة بمقتل الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان – رضي الله عنه -، تجد أن الأمة فى هذه المسألة لم تتفق على رأى واحد فى التعامل مع الازمة
أ- فريق رأى تأجيل الأخذ لثأر عثمان رضى الله عنه لحين استقرار أمور الدولة، ومثّل هذا الفريق على بن ابى طالب وعمار بن ياسر والحسن والحسين – رضي الله عنهم - .
ب- فريق رأى حتمية الإسراع بأخذ الثأر من قتلة عثمان ومثّل هذا الفريق طلحة والزبير وعائشة ومعاوية وعمروبن العاص رضى الله عنهم اجمعين .
ج - فريق لم تضح لديه رؤية صحيحة للأحداث أى الفريقين على صواب فاعتزلوا وبمرور الوقت اتضحت للفريق الثالث أن على رضى الله عنه كان أولى بالحق ولكن بعد مرور زمان طويل.
ما أريد أن أخلص إليه من ضرب تلك الأمثلة: أن الامه على مر تاريخها اختلفت خاصة فى الأمور السياسية فهو أمر تقديرى يختلف حسب المعطيات وتقدير المصالح والمفاسد ومعرفة أولويات المرحلة فهذه الأمور ليست من المسلمات .
أما فى الفتنة التى نعيشها الان اختلف التيار الاسلامى فى التعامل مع الازمة:
أ‌- فريق قرر الصدام مع الدولة وهم قاده الاخوان المسلمون ومن سار على دربهم وما أطلق عليه بعد ذلك بتحالف دعم الشرعية .
ب- فريق قرر التعامل مع الواقع محاولا تقليل الخسائر والمحافظة على وجود قدم للتيار الإسلامى فى المشهد وقاد هذا الفريق الدعوة السلفية ممثله فى ذراعها السياسى حزب النور .
ج - وفريق آخر اعتزل المشهد ومثله فضيلة الشيخ الحوينى وفضيلة الشيخ محمد حسان والشيخ محمد إسماعيل المقدم.
ثم بعد مرور الزمن وبروز المستقبل وانكشاف غيوم الفتنة وانحسار غبارها يفاجأ الجميع بمبادرات للخروج من الأزمة والدعوة للمصالحة مع الدولة والاعتراف بالواقع الجديد كمبادرة العمدة وغيره.
قد اختلف جيل الصحابة الكرام، ومع ما حدث بينهم من خلاف فى المواقف السياسية لم يكفر بعضهم بعضا ولم يفسق بعضهم بعضا حتى فى حال احتدام الخلاف ووصوله ذروته كما يفعل بعض الجهلاء الآن الذى فسقوا وكفروا الأمة على المواقف السياسية وهذا ناجم على فهمهم السقيم لفقه الخلاف .
والله ولى التوفيق،،،