بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى ، وسلام على عباده
الذين اصطفى ، لا سيما عبده المصطفى ، وآله المستكملين الشرفا ، ثم أما بعد ؛
{قُلْ هَ?ذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى
اللَّهِ ? عَلَى? بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ? وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا
أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}..
أمر في وقت شدة ، وبيان في وقت محنة ،
ولئن بدئ التوجيه بـ ( قل ) ، فلقد
ثني ببيان السبيل ؛ ( هــــذه ســــــبيلي ) ! ،
هذه سبيلي ، واحدة فقط ، لا تشعب فيها
إلى آراء وأهواء ، بل هي دين رب الأرض والسماء ،
هذه سبيلي ، صراط مستقيم ، لا اعوجاج
فيها ، لا تخبط ولا تلون ،
هذه سبيلي ، بينة صافية ، لا خفاء
فيها ولا التباس ، بل إن وضوحها أصل وأساس ،
هذه سبيلي ، لا حدس فيها ولا خرص ولا
تخمين ، بل مطلق الجزم بالعلم واليقين ،
هذه سبيلي ، أعرفها جيدا ، " على
بصيرة " ، لا أتخبط فيها ولا أتحسس خطى المسير ، بل أمضي فيها دوما على هدى
من الله ونور .
هذه سبيلي ، لا أذكرها فقط في وقت
النعمة والرخاء ، بل أيضا في وقت الشدة واللأواء ،
هذه سبيلي ، مقتضى البلاء ؛ أن أثبت
على عتمة – طارئة – حلت عليها وقت المحنة ، كما أفرح ببهائها وزهاء معالمها زمن
المنة.
هذه سبيلي ، وأنا فيها إلى الله سائر
، فمن شاء تابع ، ومن شاء تراجع ،
ويا لها من روعة ، حين يستشعر كل منا
في نفسه هذا المقام ، ويتيه زهوا بما ألحق بها من ياء الملكية ، حيث قال : "
سبيلي " ! ، - إذ ليست هي للنبي صلى الله عليه وسلم وحده ، بل له ولكل فرد من
أمته " أنا ومن اتبعني " ، - فيقول بقلبه وحسه وروحه ونفسه : " هذه
سبيلي " ، سبيلي أنا !!
كما استشعرها أبو بكر رضي الله عنه
يوما فقال : " أينقص الدين و ( أنا ) حي " ، رغم أن صحابة رسول الله –
وهم خير البشر – أحياء !!! ، بل شرع يقول : والله ، لو لم يبق في القرى غيري
تتخطفني الكلاب وأمهات المؤمنين ؛ لقاتلتهم..
هذه سبيلي ، سأعمل فيها كما لو كنت في
الدنى وحدي مع علمي بأن هناك آخرون ؛ أحادية البذل والعطاء مع جماعية السير
والأداء ،
هذه سبيلي ، ليست سبيل نصرتها – فقط –
للقادة المسئولين والرموز المتبوعين ، بل يقع علي – وكأنني – وحدي عبء نصرة الدين
،
هذه سبيلي ، أعتز بها ، وأنصهر فيها ،
وألتصق بها ،
هذه سبيلي ، هي مني وأنا منها ،
وسأقضي حياتي في تجسيدها ،
هذه سبيلي ، لن أكل ولن أمل من قطعها
بالجد والاجتهاد ، بل ستكون شغلي الشاغل ، وعلى الله وحده الاتكال والاعتماد.
فيا عبد الله ؛ هلا استشعرت معنى
" قل هذه سبيلي " ، وحددت - من الآن - كم سيبلغ حجم السبيل في ساعات
يومك !
اللهم اهدنا سبل الرشاد ، واسلك بنا
إليك يا رب العباد.