عاشوراء وتسييس العاطفة

  • 169

بعد أيام يأتي علينا عاشوراء وهو يوم ندب الشرع لصيامه شكرًا لله تعالي علي إهلاك فرعون وإنجاء موسي عليه السلام ، بينما يستغل الشيعة هذا الحدث للترويج للمظلومية التاريخية المتعلقة بمقتل الحسين ، الذي استشهد مظلوما في معركة غير متكافئة أمام جيش كبير مجهز بأقوى العتاد بينما لم يكن مع الحسين - رضي الله عنه- سوى تسعين رجلا من أهل بيته وبعض أنصاره بعد أن تخلى عنه عامة أنصاره من رجال الكوفة الذين غرروا به ودفعوه لمواجهة غير محسوبة العواقب !!

لا شك أن الحسين قتل مظلوما وأن من قتلوه استحقوا وصف الفجور والظلم علي مدار التاريخ ( مع العلم أن أهل السنة لا يكفرونهم رغم قتلهم سيد شباب أهل الجنة ! ) ، ولكن يتحمل دماءه الزكية من قتله ظلما وكان بإمكانه أن يتعامل مع الموقف بطريقة سلمية ويقبل المبادرة التي اتفق عليها الحسين مع عمر بن سعد ، وكانت تقضي بالخروج الآمن للحسين عليه السلام إما برجوعه لمكة أو في أي ثغر من الثغور أو يذهب ليزيد في دمشق للقاءه ، ولكن عبيد الله بن زياد أبى ذلك مستشعرا فرق القوة الذي أدركه الحسين أيضاً وجعله يقبل بالحل السلمي، ويتحمل مسؤولية الدماء التي سالت كذلك أهل الكوفة الذين غرروا بالحسين وأوهموه أنهم قادرون علي مواجهة يزيد ثم تخلوا عنه حينما كشر يزيد عن أنيابه وأحكم قبضته على الكوفة!

يعظم الشيعة من شأن هذه المظلومية والملفت للنظر أنهم لا يهتمون بمقتل علي رضي الله عنه مع أنه قتل مظلوما شهيدا ، وذلك أن من قتل عليا هو من الخوارج الذين يتبرأ منهم أهل السنة بينما قتلة الحسين من بني أمية الذين ينتسبون لأهل السنة وإن كان عند بعض ولاتهم شئ من الظلم ، لذا فالشيعة يهتمون بذكر تفاصيل الواقعة وتكرارها بطريقة مثيرة لا تخلو من الأكاذيب والاعتماد علي اللطم والبكاء ودغدغة العواطف ، وهم في كل ذلك يوجهون هذا الكم من الحقد الذي يتولد في النفوس ضد أهل السنة باعتبارهم امتداد لبني أمية ومشاركين في مقتل الحسين ، ولكي تنجو من تبعة هذه ( الخطية) الموروثة فلا بد من الاعتراف بما حدث ولعن المخالفين ولا تتوقف المطالب عند هذا الحد بل تمتد لمطالب سياسية من الاعتراف بإمامة الحسين وأنه صاحب الشرعية وأن هذه الشرعية قد ورثها أبناؤه وآخرهم( العسكري) الذي اختبأ في السرداب ، فهو صاحب الشرعية وإن كان لا يملك من مقوماتها وأدواتها شئ مما جعله يضطر للاختباء في سرداب سامراء خوفا علي نفسه ومع ذلك هو صاحب الشرعية!، وما لم تكن مؤمنا بهذه المنظومة الخرافية فأنت تتحمل وزر دماء الحسين وأهل البيت عليهم السلام !وتستحق وصف ( النواصب) مهما رفعت عقيرتك بمحبة آلِ البيت!

هكذا يروج الشيعة لمذهبهم الذي يقترن انتشاره بنفوذ سياسي كخطوة أملا في الوصول لامبراطورية فارسية صفوية تنتصر لمذهب أهل البيت وتقتص لهم ممن ظلمهم! وقد اجتاح ابن العلقمي بغداد تحت حجة الثأر للحسين ، وقطعت رؤوس وعقرت بطون وحرقت أشلاء وذبح الآلاف في العراق علي أيدي الحرس الثوري الإيراني وجيش المهدي بحجة الثأر للحسين ! ودخلت كتائب حزب الله وأبو الفضل العباس والحرس الثوري سوريا لكي تذبح أبناء الشعب السوري وهي تهتف بالثأر للحسين ! وهكذا يفعل الحقد المتولد من الشحن العاطفي وخطاب المظلومية حتي يتحول متلقوا هذا الخطاب لبارود يوشك أن ينفجر في كل من حوله، فهل يسعي البعض لتحويل رابعة إلي كربلاء جديدة؟ هذا للأسف ما نراه .