بناء على رغبات السوشيال ميديا.. 4 تحولات مهمة في الصحافة الإلكترونية

  • 87
أرشيفية

يجتمع شيوخ الصحافة، وأساتذة الإعلام على مبادئ محددة يجب علي الصحف والعاملين بها إتباعها، ومراعاة دقتها حتى لا تخرج عن عباءة المهنية. 


ولكن هذه المبادئ بدأت في التغير مع تغير شكل الوسيلة التي تقدم بها الصحافة، فالنقلة التي شهدتها الصحافة في القرن الواحد والعشرين، لتتحول من ورقية إلي إلكترونية كانت سلاحا ذا حدين حيث تراجعت الدقة والمهنية إلى حد كبير في مقابل السرعة في نقل الخبر وأصبحت الاستجابة لرغبات الجمهور أولوية دون مراعاة لتحقيق التوعية كدور هام من أدوار الصحافة.


وفي هذا التقرير نستعرض مجموعة من التغيرات التي طرأت علي شكل الصحافة الإلكترونية، وإلى أي مدى تأثرت بالتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي كالتالي:


١_ تحويل قضايا هامشية لمحط اهتمام الرأي العام 


المانشيت الصحفى هو العنوان الرئيسى التى تعتمد عليه

الجريدة الورقية فى جذب جمهورها، وعادة ما يمثل أهم الموضوعات التى تهم المجتمع، وغالبًا تختار الجرائد الموضوعات التي تسلط الضوء عليها بناءًا على اهتمامات القارئ، مع مراعاة الدقة، والموضوعية، ملتزمة في ذلك بالأصول المهنية، والمواثيق الصحفية، وجدية الموضوعات.


لكن مع تطور الشكل الصحفي وانتقاله من الورقي التقليدي إلى الإلكتروني، أصبح المتحكم في شكل الموضوعات التي تسلط عليها الصحافة اهتماماتها هو نشطاء السوشيال ميديا وتحول الأمر من المانشيت للتريند.

‏ومع تغير اهتمامات القارئ المصري، تغيرت اهتمامات المواقع الإخبارية ليكون هدفها الأساسي هو مجاراة التريند، حتي وإن كان هذا الموضوع ليس له ثقل أو جدية.

و‏على سبيل المثال سلطت المواقع الضوء علي بعض الشخصيات مؤخرا واعتبرتهم نجوم لمجرد أن هناك اهتمام بالحديث عنهم على مستوى السوشيال ميديا مثل مجدي شطة وحمو بيكا واعتبرت الخلافات بينهم موضوعا صحفيا، وحاول أكثر من صحفي إجراء حوارات معهما باعتباره سبق، حتى أن أحد البرامج التلفزيونية الشهيرة استضافت أحدهما.


٢ _ الكتابة الصحفية وتأثرها بتريند جوجل


تعتمد الجرائد الورقية علي الإعلانات لتوفير عائد مادي لها وتعتبر الإعلانات مصدر دخلها الرئيسي لكي تستمر في إصدار مطبوعاتها بشكل دوري، نظرًا لأن تكلفة طباعتها أكثر بكثير من ثمن بيعها للجمهور، وهو الأمر نفسه في المواقع الإخبارية والقنوات التليفزيونية.


ولكن الفارق بين الجرائد والمواقع الإلكترونية في طريقة الوصول للجمهور فالجرائد الورقية تعتمد علي الباعة ومؤسسات التوزيع في الترويج لنفسها، أما في المواقع الإخبارية فالأمر أكثر تعقيدا فالتسويق هنا مرتبط بمدي رضا محرك البحث العالمي جوجل عن طريقة عرضك للأخبار، ومدي تماشيها مع التريند مهما كان نوعية هذا التريند، فجوجل لا يعرف المهنية الصحفية التي تعودنا عليها في الصحف الورقية، وإنما يهتم بإهتمامات القارئ مهما كانت سيئة، وهو الأمر الذي جعل جميع المواقع الإخبارية لها هدف وحيد هو إرضاء جوجل حتي يحقق لهم الانتشار المرغوب ومن ثم تزيد فرصتهم في تلقي الإعلانات وزيادة العائد المادي، وهو ما عاد علي الصحافة الإلكترونية بتغيير شامل في شكل الكتابة سواء للعنوان أو للمحتوى.


فنجد على سبيل المثال أن المواقع الإلكترونية تلجأ لكتابة إحدى الكلمات دون همزات لأن الجمهور يبحث عنها بهذا الشكل.


٣ _ السبق في نشر الصور والفيديوهات المتعلقة بالحوادث الكبرى 


وهو الأمر الذي يؤكد حقيقة أن السوشيال ميديا سلاح ذو حدين فقد يسهم نقل صور أو فيديوهات دون اعتبارات مهنية ودون دقيق في إثارة جدل و أزمات في أحيان كثيرة، وهو ما يجبر الإعلام بشكل عام والإلكتروني بشكل خاص على السرعة والدقة والتوازن في نقل الأحداث وعدم تجاهلها بحيث لا يلجأ المواطن لمصادر أخرى للحصول على معلومات قد لا تكون دقيقة.


على سبيل المثال صورة المواطن الستيني الذي نشرت له وهو يؤدي صلاة العيد على دراجة مما تسبب في كم كبير من السخرية تجاهه وعرضه لأزمة صحية، وفي واقعة أخرى نشرت إحدى السيدات صورة لرقم سيارة شخصية عامة ونائب بالبرلمان وأكدت أن سائق السيارة اعتدى على مواطن بالضرب مما عرضه لهجوم على نطاق واسع، واتضح فيما بعد أن هناك الكثير من التفاصيل غير الدقيقة في هذه الأزمة وخرج الشخص محل الاتهامات لينفي كل ما تردد.


وعلى الرغم من أن السوشيال ميديا كان لها السبق في نقل صور وفيديوهات حوادث خطيرة إلى الرأي العام مثل حادث انفجار معهد الأورام وحادث محطة مصر إلا أنها كان لها بالغ الأثر أيضا في إثارة الذعر والقلق لدى الرأي العام نتيجة لعدم وضوح حجم وحقيقة ما يجري وأسبابه.


وفي محاولة لتنظيم هذا الوضع، أصدر المجلس اﻷعلى لتنظيم اﻹعلام، خلال مارس من العام الجاري لائحة الجزاءات والتدابير التي يجوز توقيعها على الجهات الخاضعة ﻷحكام قانون تنظيم الصحافة واﻹعلام، والتي كان من بينها المادة 22 التي تنص علي ضرورة الالتزام بقواعد التغطية الصحفية أو الإعلامية للعمليات الحربية أو اﻷمنية أو الحوادث الإرهابية، ولكن رغم ذلك هناك العديد من صفحات السوشيال التي من الصعب السيطرة عليها.



٤_ شائعات السوشيال ميديا 


السوشيال ميديا عالم إخباري حر مفتوح دون رقيب، ويستطيع كل من يملك صفحة نشر أخبار وترويجها وفقًا لرأيه الشخصي، وهو ما استغله عدد كبير من الإرهابيين ومروجي الشائعات في تسويق أخبارهم، والضرب بشكل إحترافي منظم في كل ما تقدمه الدولة للمواطن.


ومع كثرة إنتشار الشائعة تحولت بعض المواقع الإخبارية لمنصات لنقل تلك الشائعات تحت عنوان " تداول نشطاء السوشيال ميديا"، الأمر الذي زاد من قلق خبراء الإعلام محذرين من تلك الأزمة وخطورتها، وهو ما قابلته الحكومة المصرية ممثلة في مركز معلومات مجلس الوزراء بإصدار تقريرا دوريا للرد علي تلك الشائعات.