المجاميع العالية تربك المشهد.. خبراء يكشفون لـ "الفتح" أسباب حصول 36% من الطلاب الثانوية على 90%

  • 274
طارق شوقي

المجاميع العالية تربك المشهد

 حصول 36% من الطلاب على أكثر من 90%.. والتربية والتعليم: مؤشر سلبي وخطير

خبراء: نتيجة طبيعية لهوس الدروس الخصوصية والحل في عودة الـ 4%

انتابت حالة من القلق مسئولي وزارة التربية والتعليم بعد تفاجئهم بنتائج الثانوية العامة المرتفعة هذا العام؛ حيث أعرب الوزير طارق شوقي عن قلقه من حصول أكثر من 36% من الطلاب على درجات أكثر من 90%، مؤكدًا أن هذا يعد مؤشرًا خطيرًا وسلبيًا، ويضر بالطلاب والدولة على حد سواء.

وأعلنت وزارة التعليم العالي عن فتح باب تسجيل الرغبات "المرحلة الأولى" لطلاب الثانوية العامة، في الفترة من يوم الأحد الموافق 21/7/2019 وحتى يوم الخميس الموافق 25/7/2019، وذلك بناء على درجات الحد الأدنى الخاص بكل شعبة، حيث جاء الحد الأدنى للشعبة العلمية بـ 398 درجة فأكثر وبنسبة مئوية 97.07%، أما الحد الأدنى للشعبة الهندسية فهو 389.5 درجة فأكثر، وبنسبة مئوية 95%، وجاء الحد الأدنى للشعبة الأدبية بـ 328 درجة فأكثر، وبنسبة مئوية 80%.

ويرى كمال مغيث، الخبير التربوي، أن تخوفات وزارة التربية والتعليم من ارتفاع عدد الطلاب الحاصلين على مجموع أعلى من 90% حقيقية وفي موضعها، موضحًا أن زيادة عدد الطلاب الحاصلين على هذه النسبة يكشف لنا أن التقييم غير حقيقي، وأن نتيجة الامتحانات لا تعبر عن القدرات الحقيقية للطلاب، مؤكدًا أن ذلك أحدث خللًا في المنحنى الجرسي لنتيجة الثانوية.

وقال في تصريح لـ "الفتح": إن حصول قرابة الـ 40% من طلاب الثانوية العامة على أكثر من 90%، له تداعياته الخطيرة والكارثية، موضحًا أن ذلك أدعى للتشكيك في مصداقية الامتحانات وقدرتها على كشف مستوى الطلاب الحقيقي، وأن الامتحانات غير حقيقية، وأصبحت تتأثر بعمليات الغش في المقام الأول، كما تحولت إلى آليات للحفظ والتذكر والتلقين والتوجيهات.

وأكد الخبير التربوي أن هذا يعد خللًا واضحًا في منظومة التعليم ونسق الامتحانات، أسفر عن هذه النتيجة الكارثية، مؤكدًا أن ارتفاع عدد أصحاب المجاميع الكبيرة مؤشر خطير؛ لأن الكليات سوف تمتلئ أو تكتفي بالمجاميع العالية، والباقي ليس له مكان، بل إن الطلاب الحاصلين على 98% قد لا يجدون لهم مكانًا في كلية الطب أو كليات القمة، وهذه كارثة كبيرة، (بحسب رأيه).

وأعرب عن تعجبه من تصريحات وزير التربية والتعليم وتخوفاته من هذه النتيجة، موضحًا أنه من الغريب أن الوزير يتحدث ويعرب عن تخوفه وكأنه فرد من أفراد خارج المنظومة، مع أنه يمتلك الميزانية، ويمتلك القرارات والثواب والعقاب، لكنه لم يستخدم أيًا من هذه الأدوات في حل الأزمة.

وأوضح مغيث أن الحل لمواجهة هذه الأزمة هو تغيير نظام الامتحانات، لكن لا يصح أن يتم تغيير نظام الامتحان فقط، بل إن منظومة التعليم متشابكة ومترابطة، وكل مرحلة تترتب على الأخرى؛ فتغيير نظام الامتحان يحتاج إلى تغيير نسق التدريس، وهذا يحتاج إلى تغيير المقررات الدراسية؛ وذلك لن يكتمل دون تغيير المناهج والأنشطة، ومن ثم تأهيل المعلم ليصبح معلمًا مكتفيًا ماديًا ولديه فهم للمنظومة الجديدة.

وأشار إلى أن مصر بحاجة إلى نهضة قومية شاملة للتعليم بدايتها إعادة الـ 4% من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق على التعليم، وهو ما يقدر تقريبًا بما يعادل 180 مليار جنيه، فيما لا ينفق على التعليم في الوقت الحالي أكثر من 90 مليار على أقصى تقدير.

من جانبها، ترى بثينة عبد الرؤوف، الخبير التربوي، وجود عدة أسباب أدت إلى ارتفاع نسبة الحاصلين على مجاميع عالية، وفي مقدمتها هوس الأهالي وأولياء الأمور بالدروس الخصوصية، حيث باتت لمدرسي ومراكز الدروس الخصوصية خبرة بارعة في توقعات أسئلة الامتحانات، وكذلك تلقين الطلاب المواد الدراسية وتحفيظهم، فضلًا عن هوس أولياء الأمور كذلك بحصول الأبناء على الدرجات المرتفعة من أجل دخول كليات القمة.

وأوضحت "عبد الرؤوف" في تصريحات لـ "الفتح": أن حصول أكثر من 36% على مجموع درجات أكبر من 90% كان من المفترض أن يعبر عن جودة التعليم، ويكون مؤشرًا على تطور منظومة التعليم، لكن هذا غير حقيقي، وهو ما يمثل ضررًا بالغًا بالدولة والطلاب على حد سواء، مشيرة إلى أن ارتفاع المجاميع مع ثقافة المجتمع في التركيز على كليات القمة سوف يؤدي إلى ارتفاع  الأعداد المتقدمة لهذه الكليات.