هل تفقدون من أحد

  • 178
ارشيفية

هل تَفْقِدُونَ مِنْ أحَدٍ؟

بقلم- نجلاء جبروني


مرَّتِ الأيَّامُ، وَلَا أُزَالُ فِي اِنْتِظَار.

أَذْكُرُ تِلْكَ اللَّحَظَاتِ،كَمْ كَانَتْ سَعِيدَة.

حعَنْدَمَا أَنظرُ إِلَى تِلْكَ الْوُجُوهِ الْمُشْرِقَة.

اُشْعُرُ أَنَّ هَذِهِ الْاِبْتِسَامَاتِ الْمُنِيرَةِ تَتَدَفَّقُ دَاخِلِى.

تَبْعَثُ فِي نَفْسِي رَوْحًا جَديدَة، مَلِيئة بِالتَّفَاؤُلِ وَالْأَمَلِ.

تُشْعِرُنِي بِالرَّاحَةِ وَالْأُمَّانِ.

تَخَبَّرَنِي أَنِّيٌّ لَسْتُ فِي هَذَاالْعَالَمِ وَحْدِي.

وَإِنْ تَخَلَّى عَنِّي الْجَمِيعِ،وَمَلُّوا مُحَادَثَتِي، وَسَئِمُوا مُسَاعَدَتِي.

تَذَكَّرَتُ أَنَّهُمْ مَعِي، يَكْفِينِي حُبَّهُمْ، يُؤَنِّسُنِي وُجُودُهُمْ،أَنَعَمُ بِقُرْبِهِمْ.

أَنْتَظِرُ سُؤَالَهُمْ، تُرَى لِمَاذَا تَأَخَّرُوا عَنِّي وَلَمْ يُشْعُرُوا بِغِيَابِي؟

مَاذَا شَغَلَكُمْ إِخْوَتَي عَنْ تَفَقُّدِ أَحْوَالِي؟

أَنَسِيتُم تلك الرَّابِطَةَ الَّتِي بَيْنَنَا؟

أَنَسِيتُم أَنَّ رَابِطَةَ الدِّينِ أَقْوَى مِنْ كُلِّ الرَّوَابِطِ؟ وَأُولَى بِالْحِفْظِ وَالصِّيَانَةِ وَالرِّعَايَةِ؟

وَأَنَّ أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ أَقُوَى حَتَّى مِنْ أُخُوَّةِ النَّسَبِ.

إِنَّهَا الْمَحَبَّةُ فِي اللهِ؛ ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ الْإيمَانِ، تُقْوَى بِقُوَّتِهِ، وَتُضْعُفُ بِضِعْفِهِ.

كُلَّمَا كَنَّا أَكْثَرَ إيمَانًا كَنَّا أَكْثَرَ مَحَبَّة لِإِخْوَانِنَا، وَرَحْمَةً بِهُمْ، وَنُصْحًا لَهُمْ، وَاِهْتِمَامًا بِشَأْنِهِمْ، وَحِرْصًا عَلَى نُصْرَتِهِمْ وَمُوَاسَاتِهِمْ، وَمُعَايَشَةً لِآلَاَمِهِمْ وَآمَالِهِمْ.

قال الحسن: (إخواننا أَحبُّ إلينا من أهلينا؛ لأنَّ أهلينا يُذَكِّرُونَنَا بالدُّنيا، وإخوانُنا يُذَكِّرُونَنَا بالآخرة).

 مِنْ حُقوقِ الْأُخُوَّةِ تَفْقِدُ الْإِخْوَان:

خَرَجَ رَسُولُ اللهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وّسُلَّم- فِي غَزْوَةٍ لَهُ،فَلَمَّا أَفَاءَ اللهَ عَلَيْهِ،سَأَلَ أَصْحَابَهُ: "هل تَفْقِدُونَ مِنْ أحَدٍ؟" قالوا: نعم، فلانًا وفلانًا وفلانًا، فيقول: "لَكِنِّي أفْقِدُ جُليْبِيبًا".

وَقَالَ عَطَاءُ:‏ "تَفَقَّدُوا إِخْوَانَكُمْ بَعْدَ ثَلاث فَإِنْ كَانُوا مَرْضَى فَعُودُوهُمْ أَوْ مشَاغيلُ فَأَعِينُوهُمْ أَوْ كَانُوا نَسُوا فَذَكِّرُوهُمْ‏".‏

- كان -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يقولُ: "قال اللهُ تبارك وتعالَى "وجبت محبَّتي للمتحابِّين فيَّ وللمُتجالِسين فيَّ وللمتزاورين فيَّ وللمتباذلين فيَّ".

وَقَالَ أَبُو سَلِيمَانِ الدَّارَانِيَّ‏:‏ "لَوْ أَنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا لِي لِجُعَلَتَهَا فِي فَمِ أَخِ مِنْ إِخْوَانِي لِاِسْتَقْلَلْتُهَا لَهُ"‏.

أَرَأَيْتُم كَيْفَ تَكُونُ الْأُخُوَّةِ؟ وَمَا هِي حُقوقُهَا؟

فَلَا تَنْسُونِي إِخْوَتِي، وَلَا تُحْرِمُونِي اِهْتِمَامَكُمْ وَسُؤَالَكُمْ.

فَمَا طَابَ الْعَيْشُ وَلَا ازدانتِ الْحَيَاةُ إِلَّا بِكُمْ.

قِيلَ لِمُحَمَّدِ بْن الْمُنْكَدِر:"مَا بَقِي مِنْ لَذَّتِكَ؟قَالَ: لِقَاءُالْإِخْوَانِ وَإدْخَالُ السُّرُورِ عَلَيْهُمْ".

فَسُبْحَانَ مَنْ أَلَّفَ بَيْنَ قَلُوبِنَا وَرَزَقَنَا هَذِهِ اللَّذَّةُ.

‏ إِنَّهَا لَذَّةُ الْأُخُوَّةِ، لَا يُعَرِّفُ مَذَاقُهَا إِلَّا مَنْ ذَاقَ طَعْمَ الْإيمَانِ.