• الرئيسية
  • الأخبار
  • بيان مِن «الدعوة السلفية» بشأن نقل «السفارة الأمريكية» إلى «القدس»، والعدوان «الصهيوني» على الفلسطينيين المحتجين على ذلك!

بيان مِن «الدعوة السلفية» بشأن نقل «السفارة الأمريكية» إلى «القدس»، والعدوان «الصهيوني» على الفلسطينيين المحتجين على ذلك!

  • 226
الدعوة السلفية


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛


فقد جاء «ترامب» لرئاسة أمريكا ليدشِّن لتجربةٍ جديدةٍ قائمة على إرهاب الجميع في آنٍ واحدٍ مِن أجل أخذ النصيب الأكبر مِن المكاسب في كل الصفقات، وعلى كل الجبهات!


ومِن هذا المنطلق: انتشتْ إسرائيل، وأظهرتِ الأخلاق اليهودية الذميمة عبْر التاريخ، والتي حكى الله -عز وجل- طرفًا منها في قوله -تعالى-: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا) (الإسراء:4).


لقد صار الثنائي «ترامب ونتياهو» يتباهيان أمام العالَم بالضرب بقرارات الأمم المتحدة عرض الحائط، والسعي الحثيث لفرض أمرٍ واقعٍ جديدٍ في «القدس» بالتصديق على قرار الكونجرس بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس بعد سنواتٍ مِن تسويف الرؤساء الأمريكيين لهذا التوقيع، ثم الشروع في التنفيذ العملي لهذا القرار رغم اعتراض الأمم المتحدة عليه بأغلبيةٍ ساحقةٍ!


لقد آن الأوان لكي يفيق العرب مِن توهم أن إرضاء «ترامب» على حساب هوية الأمة أو قضاياها؛ سوف يجعله ينحاز للعرب ضد إيران فضلًا أن ينحاز لها ضد إسرائيل!


وستظل إيران تستمتع بتخويف أمريكا للعرب بها، بينما أمريكا تقطع وتمزق في العالم الإسلامي، وبمساعدة إيران أحيانًا، وإسرائيل تجني مِن وراء هذا كله مزيدًا مِن المكاسب على الأرض!


وبيْن كل هذه الحسابات السياسية يخرج الشعب الفلسطيني ليعلن أن أرضه ليست ملكًا لـ»نتنياهو» ولا لـ»ترامب»، ولكنها حق شَعْبٍ صَبَرَ وجَاهَدَ، وتَحمَّلَ محنة طوال سبعين عامًا، وها هو يخرج احتجاجًا على بدء التنفيذ الفعلي لنقل السفارة الأمريكية إلى «القدس» لتواجهه قوات الاحتلال بإرهابٍ غاشمٍ سقط مِن جرائه نحوًا مِن خمسة وخمسين قتيلًا -نسأل الله أن يتقبلهم عنده في الشهداء؛ فضلًا عن آلاف الجرحى!-.


إن هذه الدماء الزكية التي سقطت، تضرب جرسَ إنذارٍ لكل الحكومات والمنظمات العربية والإسلامية؛ لكي تفيق وتنهض، وتتصدى لهذا الإرهاب الصهيوني بكل الوسائل المتاحة.


وان عجزت الدول الإسلامية عن إعلان الجهاد؛ فلا أقل مِن دعم جهاد الشعب الفلسطيني، وهو مِن جهاد الدفع الوارد في قوله -تعالى-: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)(الحج:39)، وهو بالمعايير الدولية حق دفاع عن النفس كَفَلتْه لهم المواثيق الدولية.


فيجب فتح قنوات جمع التبرعات وإيصالها لكل طوائف الشعب الفلسطيني؛ لكي يساهِم من خلالها كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها في نصرة إخوانهم في فلسطين، مع اجتهادهم -بالإضافة إلى ذلك- في الدعاء؛ ولا سيما ونحن على أبواب شهر رمضان، شهر الصيام، والصائم لا ترد دعوته كما بيَّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال -تعالى-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة:186).


إن قضية كيد الأعداء لا تزيدنا إلا يقينا في ديننا؛ لأن الله بيَّن لنا ذلك، فقال: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) (البقرة:120)، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أخبرنا عن مثل هذه التحالفات، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (وشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني).


ومع هذه الأخبار بوقوع هذا البلاء كانت الإرشادات القرآنية، والمواعظ النبوية تصف طريق التغلب عليه، فقال الله -تعالى-: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)(النور:55).


وفي الآية بيان للطريق ووعد لمَن سلكه أن يمكِّن الله له، وجاءت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بشاراتٍ بأن هذا سيكون -بإذن الله- حتى بعد أزمنة الانكسار، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا) (رواه مسلم).


ولا ينبغي لكل واحدٍ أن يسال نفسه: أيدرك تلك اللحظات أم لا؟!


وإنما الصواب أن يسأل نفسه: هل ساهم في وضع الأمة على هذا الطريق بقوله وعمله؟! أم كانت أقواله وأعماله حجر عثرة في هذا الطريق؟!


نسأل الله -تعالى- أن يستعملنا في نصرة دينه، ونسأله -عز وجل- أن يربط على قلوب إخواننا في فلسطين، وأن يثبِّت أقدامهم، وأن ينصرهم على عدوهم، وأن يرد المسجد الأقصى إلى المسلمين ردًّا جميلًا.


الدعوة السلفية بجمهورية مصر العربية


الثلاثاء 29 شعبان 1439هـ


15 مايو 2018م