"الاختلاط الإلكتروني" يهدد كيان المجتمع.. ويهدم الأسر

  • 478
أرشيفية

"الاختلاط الإلكتروني" يهدد كيان المجتمع.. ويهدم الأسر

عبد المنعم: مواقع التواصل الاجتماعي رفعت نسب الطلاق بين الأزواج

مجلس الوزراء: حالة طلاق كل 4 دقائق.. و250 حالة تشهدها مصر يوميًا

زارع: إشاعات الـ "فيس بوك" كفيلة بهدم المجتمعات

الأزهري: الآباء مشغولون بالماديات.. والبنات يشبعن جوعهن العاطفي خارج الأسرة 



طفَت على السطح ظاهرة خطيرة، وباتت تهدد سلامة وأمن الأسرة المسلمة، ألا وهي "الاختلاط الإلكتروني"، الذي ما ترك منزلاً إلا ودخله عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ فقد استشرت في جسد المجتمعات والمجتمع المصري خاصة، والمشكلات المجتمعية المرتبطة بالأسرة عندما تطرح نفسها على ساحة فمن الصعب إيجاد الحلول السريعة والجذرية لها؛ بسبب قوة آثارها السلبية وتأثيرها على المجتمع والأسرة.


قال الدكتور محمود عبد المنعم، أستاذ التفسير بجامعة الأزهر، إن الاختلاط في حد ذاته وبكل أنواعه كارثة وباب كبير من أبواب الشيطان التي يلبس بها على عباد الله، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَا تركْتُ بعْدِي فِتْنَةً أَضَرُّ عَلَى الرِّجالِ مِنَ النِّسَاءِ"، وأن فتنة النساء عظيمة ومهلكة ومضيعة للدين؛ وفي هذا الصدد وضعت المحاذير والضوابط بين الرجال والنساء في أمور الاختلاط، وعند تأملها نجدها صارمة، وإن دلّ ذلك فإنه يدل على أن هذا الأمر جلل.


وأضاف أستاذ التفسير بجامعة الأزهر، أنه يجوز للنساء التحدث مع الرجال لكن الكلام له ضوابط وحدود، والمرأة إذا تكلمت مع رجل أجنبي كان ذلك في إطار الحاجة الملحة والضرورية؛ وعندها لا تخضع بالقول كما أمرها الله -سبحانه وتعالى- حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض، مستدلًا بأن سيدنا موسى -عليه السلام- عندما وجد الأختين تحتاجان إلى مساعدة قال لهما: "مَا خَطْبُكُما"؟ كلمتين لا أكثر من ذلك، مشيرًا إلى أن "الاختلاط الإلكتروني" المتمثل في مواقع التواصل الحديثة باب شَرٍّ عظيم، ويعطي الإمكانية للتواصل عبر الخاص، ومن ثم الوقوع في المعاصي والمحرمات، ومشاكل الطلاق بين الزوجين.


وتابع:  أن من الأمور المهمة أيضًا فتنة نشر الصور الشخصية على صفحات النساء وحساباتهن، وكشف الوجه، وما إلى ذلك من محرمات نهى الله ورسوله عنها؛ لذا يجب أن تكون هناك حدود لضبط هذا الأمر، متابعًا: أنني بنفسي تدخلت في أكثر من مشكلة أُسَرية بين الزوجين أكثر من مرة لمحاولة الحل بينهما، وكانت من ضمن هذه المشاكل، فكم من مشكلة تحدث في البيوت والمنازل وتتسبب في حوادث مؤسفة، وقد يكون ارتفاع نسب الطلاق بسبب هذه الأشياء "البغيضة".


من جهته، قال محمد سعد الأزهري، الداعية الإسلامي، إن الإشكال الكبير في هذا الأمر يأتي من الأسرة ومن الجو العائلي المتوفر داخل كل أسرة، فهناك آباء لا ينظرون إلى إمداد بناتهم وأبنائهم من الناحية العاطفية، فيضطروهم إلى البحث عن إشباع هذا الجوع العاطفي خارج البيت، ومن الأسباب التي تجعل الأبوين يعزفون عن هذا الأمر (وهو الإمداد العاطفي) الظروف والضغوط الاقتصادية الصعبة، وأصبحت مواقع التواصل الحديثة هي الطريق الأسهل والأقرب لعامة الناس.


ولفت الأزهري انتباه "الفتح"، إلى أن النساء دائمًا ما يبحثن عن الاهتمام من الرجال؛ فالزوجة تبحث عن الاهتمام من زوجها، والابنة تبحث عنه مع والدها، ولو وجدت الزوجة أو الابنة هذا الاهتمام في الخارج فمن المحتمل أن تألف هذا الأمر وتعجب به؛ فالنساء إذا سمعن من الكلمات ما هو معسول من الرجال الأجانب من الممكن أن ترى فيه فارس الأحلام، وغالبًا ما يكون هذا الكلام مصطنعًا وليست مشاعر الشخص الحقيقية بل هو ينصب لها الفخ ليوقعها فيه، مبينًا أن مواقع التواصل الإلكتروني تتيح كل هذه الأمور للطرفين بكل سهولة.


وأردف الداعية الإسلامي، أن من ضمن مشكلات استخدام وسائل التواصل الحديثة وجود بعض النساء اللاتي يعقدن المقارنات بين أزواجهن وبين رجال آخرين، ويتسللن إلى الصفحات الخاصة بهؤلاء الرجال لينظرن إلى منشوراتهم وصورهم وما دون ذلك من الأمور المتعلقة بهم، وأيضًا من الرجال مَن يفعلون ذلك؛ مما يزيد الأمر تعقيدًا ويقربه للخيانات والعياذ بالله.


واختتم محمد سعد الأزهري كلامه بحلول يراها من وجهة نظره للحد من المخاطر الناجمة ظاهرة "الاختلاط الإلكتروني"، منها الشفافية والمراقبة، وقبلهما مراعاة الحدود التي نص عليها القرآن والسنة النبوية المطهرّة، ولو أن المنع بالكلية سيترتب عليه مفاسد أعظم فتكون المراقبة هي الحل؛ فلا يسمح الزوج لزوجته بأن تختلي بكيان خاص لها، أو يكون له اطلاع عليه؛ فإن العلاقات المحرمة تتكون بعد الاستخدام لأوقات طويلة مع الأمان من عدم المراقبة.


واستكمالًا لهذا السياق، قال الدكتور أحمد زارع أستاذ الإعلام الدولي والمتحدث الرسمي لجامعة الأزهر، إننا وللأسف في مجتمعنا المصري معظمنا يقبل على هذه المواقع ليسيئ استخدامها، والمجتمعات الغربية تُسخّر هذه المواقع لخدمتها، لكننا نقضي الكثير من الأوقات في أشياء بلا أهمية وغير هادفة مثل الترويج لانتشار الأكاذيب والإشاعات التي تضر بأمن المجتمع المصري، وغير ذلك من المشكلات الأُسَرية العديدة، والمتسبب فيها أيضًا كثرة الخلطة بين الجنسين واقترابهم من بعضهم البعض على ساحات "السوشيال ميديا".


وطرح زارع عددًا من الحلول المهمة بخصوص وسائل التواصل الاجتماعي، منها تكثيف دور العلماء والمختصين في نشر التوعية بين الناس، وأيضًا هناك دور لمؤسسات الدولة في محاربة تلك المخاطر، ووضع قوانين وضوابط لاستخدام تلك الوسائل الحديثة، ووضع قوانين صارمة لمحاسبة "الجريمة الإلكترونية".

وبحسب مركز المعلومات التابع لمجلس  الوزراء المصري الذي أصدر خلال تقرير له منذ بضعة أيام، إحصاء مثيرًا حول نسب الانفصال الزوجي "الطلاق" في مصر، يؤكد أنها الأعلى عالميًا، ووفقًا للإحصاءات والبيانات الرسمية التي حصرت في مستهل العام الجاري، فإن حالة طلاق واحدة تحدث كل 4 دقائق، ومجمل حالات الطلاق على مستوى اليوم الواحد تتجاوز 250 حالة، لا تتجاوز فيها بعض حالات الزواج أكثر من عدة ساعات بعد عقد الزفاف، وتستمر أخرى إلى نحو 3 سنوات لا أكثر. 


ووصلت حالات "الخلع" عبر المحاكم أو الطلاق خلال العام الماضي إلى أكثر من ربع مليون حالة انفصال؛ مسجلةً زيادة تقدر بـ 89 ألف حالة عن العام الذي سبقه، وهذه التقارير رصدت أن السبب المباشر في ارتفاع هذه النسب هو وسائل التواصل والمواقع المجتمعية الحديثة.