المؤتمر الـ20 لمنتدى البحوث الاقتصادية يناقش العدالة الاجتماعية

  • 119
صورة أرشيفية

منذ الأيام الأولى لاندلاع ثورات الربيع العربى قبل ثلاث سنوات تصدرت "العدالة الاجتماعية" المطالبات الشعبية، مثلها مثل الخبز والحرية.
ولكن تعريف العدالة الإجتماعية يختلف من شخص لآخر.

البعض يعتقد أن العدالة الاجتماعية هى المساواة المطلقة، بينما آخرون ينظرون لها على أنها تضييق للفوارق بين الأغنياء والفقراء.
ولكن، رغم اختلاف المفاهيم، إلا أن العدالة الاجتماعية تبقى مطلباً ملحاً.
وحول محاولة فهم ماهية العدالة الاجتماعية، ودراسة كيف أمكن تحقيقها فى بعض البلدان لاستخلاص الدروس المستفادة للمنطقة، قام منتدى البحوث الاقتصادية بدعوة أكبر الخبراء العالميين فى مجال تكافؤ الفرص من خلال مؤتمره السنوى العشرون الذى أقيم بالقاهرة من22-24 مارس 2014 فى فندق ماريوت، القاهرة.

بالإضافة إلى ذلك ، فعلى مدار الأيام الثلاثة للمؤتمر ، تم عرض أكثر من 50 ورقة عمل خلال ست جلسات متوازية حول الاقتصاد الكلي، والمالية، والعمل، والتنمية البشرية، والاقتصاد الدولي، الاقتصاد الجزئي، والاقتصاد المؤسسي ويُعد المؤتمر السنوى هذا العام مناسبة خاصة، حيث يقوم المنتدى بالإحتفال بمرور 20 عاماً على تأسيسه.


فعلى مدى السنوات الـ 20 الماضية ، تطور المؤتمر السنوي لمنتدى البحوث الاقتصادية ليصبح أحد أهم الملتقيات الإقليمية بالنسبة للاقتصاديين في المنطقة لمناقشة آخر مستجدات التنمية الاقتصادية.

وقد تأسس منتدى البحوث الإقتصادية عام 1993 كمركز إقليمي يهدف لتعزيز البحث الإقتصادى عالى الجودة للمساهمة فى التنمية المستدامة فى المنطقة.

يعد من أهدافه الأساسية بناء قدرات بحثية قوية فى المنطقة، المبادرة ودعم إنتاج بحوث إقتصادية عالية الجودة، وكذلك نشر نتائج هذه البحوث ويقع المركز الرئيسى للمنتدى فى القاهرة، جمهورية مصر العربية، وهو مؤسسة غير هادفة للربح مدعمة من قبل مانحيين إقليميين ودوليين.
ان الخطاب حول العدالة الاجتماعية خطاب ليس بجديد ،يُعرِف الإقتصاديون العدالة الاجتماعية على أنها اتاحة فرص متساوية للنجاح فى الحياة ولكن لا يوجد اتفاق واحد على ما هى على وجه التحديد "العدالة الاجتماعية".

ومن جانبه قال الدكتور أحمد جلال، المدير التنفيذي لمنتدى البحوث الاقتصادية ووزير المالية السابق أنه فى السنوات الاخيرة تم اختصار العدالة الاجتماعية فى قضية الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور ولكن العدالة الاجتماعية أكثر من ذلك بكثير.
وأشار جلال إلى أنه "يمكن الحكم على ما إذا كانت الحكومات عادلة أم لا عن طريق قياس نجاحها فى تحييد الظروف التى لا يملك الفرد تغييرها"ويمكن تحقيق ذلك من خلال مجموعة من الاجراءات. على سبيل المثال "أن سياسات التعليم والخدمات الصحية أحد الطرق التى يمكن للحكومات من خلالها العمل على توفير فرص متساوية."

وأضاف جلال إن تجربتة في العمل الحكومي كوزير للمالية كانت تجربة خاصة وغنية أستفدت منها الكثير وأرجو أن أكون قد أفت مؤكد أنه يتعين كل من يذهب للعمل الحكومي أن يكون مدركا لما يريد .
وأوضح جلال انه كان يعرف الملف الأقتصادي المصري جيدا وعلي إطلاع واسع بما دار من مفاوضات مع صندوق النقد الدولي قبل 30 يونيو 2013 و أنه أستخدم تلك المعرفة مع دراسته وتجاربة في أستخلاص سياسة إقتصادية تناسب الحالة التي كان عليها الاقتصاد المصري من تباطء شديد وفجوة كبيرة بين الاغنياء والفقراء وذلك لتحقيق توسع إقتصادي مع إنضباط مالي وقدر من العدالة الاجتماعية .

وحول الدور الفعال الذي يلعبة الدين الاسلامي في تحقيق العدالة الاجتماعية قال الدكتور محمود الجمال من جامعة رايس ان غالبية المسلمين يعتبرون ان الإسلام يؤيد فكرة اعادة التوزيع كشكل من اشكال العدالة الاجتماعية. "ان العدالة فى قلب التعاليم الاسلامية" .

وأضاف الجمال ان الفكر الاسلامى به مكونات من جميع الاتجاهات الاقتصادية فيما يخص كيفية تحقيق العدالة الاجتماعية.

وأوضح الجمال ان متوسطى الدخل هم من قاموا باشعال الثورات وليس الفقراء وذلك لانخفاض دخولهم فى العقدين الماضيين وتدهور احوالهم المادية.
وقال الدكتور جودة عبد الخالق من جامعة القاهرة ووزير التضامن السابق ان تحقيق العدالة الاجتماعية فى وقت الاضطرابات السياسية مهمة ليست بسهلة.

متحدثا عن التجربة المصرية، أنه حتى الآن المجهودات الرامية لتحقيق مطالب الثورة من عيش، حرية وعدالة اجتماعية، ما زالت محدودة وان مشكلات ما قبل ثورة 25 يناير ما زالت قائمة. تلك المشاكل تضمنت انخفاض حصة الاجور فى الناتج المحلي الاجمالى، ارتفاع نسب البطالة، خاصا بطالة الشباب التى تصل الى 30 % ، ارتفاع معدلات الفقر، زيادة الفجوة بين الحضر والريف وانعدام القدرة على الحراك الاجتماعى.

وأشار عبد الخالق الى ان تصاعد الاحتجاجات قبل وبعد 2011 يكشف الصلة بين الاضطرابات الاجتماعية و ضعف آداء الاقتصاد المصرى.
إن ارتفاع الظلم الاجتماعى، بحسب عبد الخالق، يرجع لعدة أسباب من ضمنها اهتمام صانعى السياسة الاقتصادية بالنمو مهملين اعادة التوزيع. قال كذلك ان رأسمالية المحاسيب كان لها دور فى تفشى الفساد، فضلا عن ارتفاع معدلات التضخم.

ولتحقيق العدالة الاجتماعية شدد عبد الخالق على ضرورة إجراء اصلاحات واسعة النطاق تتضمن دعم المنتجين الزراعيين، زيادة الضرائب على عمليات المضاربة فى البورصة وتطبيق ضرائب تصاعدية.

وأشار عبد الخالق ايضا لمشكلة التحيز للحضر مشددا على ضرورة اعتبار الصعيد منطقة خاصة نظرا لانخفاض مستوى التنمية بها وارتفاع معدلات الفقر.

وقال شانتايانان دفرجان كبير الاقتصاديين بالبنك الدولى أنه على الرغم من أن الدساتير تكفل حق الحصول على خدمات مثل التعليم والرعاية الصحية والمياه النظيفة من اجل حماية حقوق الفقراء، الا ان الاغنياء هم الاكثر استفادة من تلك الخدمات. وضرب مثال بمالى فى افريقيا حيث تشير الاحصائيات الى انه على الرغم من أن الغالبية من الاطفال يدخلون التعليم الاساسى الا ان الاغنياء فقط هم الذين يستمرون بينما يتسرب الفقراء.

وأضاف دفرجان ان توفير تلك الخدمات الى تحمل الحكومات تكاليف باهظة وعلى الرغم من ذلك فأن من تحاول الحكومات حمايتهم لايحصلون على تلك الخدمات مشيرا الى انه على سبيل المثال من يلتحقون بالتعليم الجامعى هم الطلبة من الاسر الايسر حالا لقدرتهم على الحاق اولادهم بتعليم ثانوى اكثر جودة مما يمكن هؤلاء الطلبة من تحقيق اشتراطات دخول الجامعات مشددا على ان المستفيدون من النظام الحالى سيقاومون اى محاولات للتغيير.

واقترح دفرجان ان يتم منح الجميع دعم نقدى ولو محدود وذلك لتمكينهم من الاختيار بدلا من اجبارهم على الاستعانة بخدمات هم لا يتحصلون عليها.
وقال جون رومر، دكتور العلوم السياسية والاقتصاد فى جامعة يال ان قياس التنمية الاقتصادية ليس بقياس نصيب الفرد فى الدخل القومى ولكن بمدى قدرة البلاد على تحييد الظروف واتاحة الخدمات لكل مواطنيها.

وأضاف رومر ان الاسرة التى ينشئ فيها الافراد هى عامل خارج ارادتهم ولكن لا يجب ان يمنع حق المواطن فى الحصول على فرص متساوية. ولكن كما هو الوضع حاليا فان من ينشاء فى بيئة فقيرة فرصته ضئيلة فى تحسين ظروفة بينما الفرص سانحة لمن نشاء فى أسر ميسورة، وهو الامر الذى يزيد من فجوة عدم المساواة, ولتعويض ذلك يجب فرض ضرائب على الاغنياء حيث يمكن توجية العائد من تلك الضرائب لتحسين الخدمات العامة مثل التعليم الاساسى والرعاية الصحية خاصة للمحرومين والاكثر فقرا.