ترشيد الاستهلاك الحكومي واقع أم خيال؟!

  • 102
صورة أرشيفية

وشريف ربيع

محمد فريد: لا بد من إعادة تقييم وهيكلة المؤسسات الحكومية لوقف نزيف الخسائر
حامد موسى: الفساد يعشش في الهيئات الاقتصادية .. ولا بد من إخضاعها للموازنة العامة للدولة والجهاز المركزي للمحاسبات
عارف: ليس هناك ترشيد حقيقي للإنفاق

لا يكاد يشك أحد ممن يعرف مجتمعنا جيدا أن ثقافة الاستهلاك طاغية علينا بشكل مزعج، حتى أصبحت من عاداتنا الراسخة التي نمارسها يوميا بلا شعور، على مستوى الحكومة والشعب، ويزداد تفاقمها مع الزمن؛ إن ثقافة الاستهلاك، بل الإسراف، أصبحت ظاهرة طاغية في مجتمعنا؛ فما زال الفساد راسخا في أروقة الدولة، ويزداد يوما بعد يوم؛ والعجيب أن الحكومة تقطع الكهرباء عن المواطنين في جميع محافظات الجمهورية بحجة ترشيد الاستهلاك وتوفير الطاقة، بينما نري بعض الهيئات الاقتصادية تطالب باستراد ما يزيد على 30 جهاز تكييف!

قواعد الإنفاق الحكومي
يرجع موضوع ترشيد الإنفاق وتفعيله عمليا منذ تولي الدكتور حازم الببلاوي رئاسة الحكومة السابق، حيث أصدر قرارا في أكتوبر الماضي يتضمن قواعد ترشيد الإنفاق الحكومي، وتشجيع الشراء من الإنتاج المحلي، وتقضي القواعد بأنه في حالة ثبوت مخالفة ممثلي الجهات الإدارية للقوانين واللوائح والتعليمات، يتم مراجعتهم ومحاسبتهم، كما تقع عليهم مسئولية تأديبية وجنائية إذا ثبت نية القصد في إهدار المال العام أو التربح.

وألزمت القواعد عند إسناد المشروعات الاستثمارية للشركات المحلية أو العالمية بألا تقل نسبة إسهام التصنيع المحلي لهذه المشروعات عن 40% أيا كان مصدر التمويل، ويجيز الاستثناء أو تخفيض هذه النسبة بالتنسيق بين وزارات التخطيط والصناعة والتجارة الخارجية والمالية.

وتحظر القواعد على الوزارات والمصالح الحكومية ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة، وهيئات وشركات القطاع العام والأجهزة التي لها موازنات خاصة وقطاع الأعمال العام - شراء المركبات الصالون، المجهزة بتجهيزات خاصة لاستخدامات معينة أيا كان الغرض منها.

وسمحت القواعد لمصانع تشغيل المعادن باستخدام أنابيب البوتاجاز التجارية لحين توصيل الغاز الطبيعي؛ عن طريق إبرام التعاقدات مع الشركات المختصة بوزارة البترول.

وألزمت القواعد الجهات الإدارية بالنشر الإلكتروني عن المناقصات والمزايدات الحكومية في الجهات المختلفة؛ تحقيقا لمبادئ الشفافية والمنافسة وتوسيع قاعدة المتعاقدين مع الجهات من موردين ومقاولين ومقدمي الخدمات، مع الالتزام بأحكام قانون المناقصات والمزايدات.

وطالبت القواعد بإعداد دراسات الجدوى الاقتصادية للمشروعات الاستثمارية بالدقة المطلوبة، وإزالة جميع العقبات والأسباب التي تواجه التنفيذ؛ حيث إن التأخير في تنفيذ المشروعات يؤدي إلي زيادة تكلفتها، وتأخر الاستفادة من الأموال التي أنفقت عليها من خلال الموازنة.

وأكدت القواعد أنه تشجيعا للصناعة المحلية والمنتج المحلي يكون الشراء من الإنتاج المحلي، وفي حدود الاعتمادات المخصصة بموافقة الوزير المختص، ولا يسمح بالشراء من الإنتاج غير المحلي إلا في حالة عدم توافر الإنتاج الوطني، ووفقا للقوائم التي يعتمدها المختصون كل في وزارته.

وألزمت القواعد جميع الوزراء والمحافظين باتخاذ الإجراءات اللازمة للاقتصاد في مأموريات السفر في الخارج، سواء علي مستواهم أو العاملين بالدولة، وقصر السفر فقط علي حالات الضرورة القصوي والحتمية وتقليل أعداد المرافقين، وترشيد مكاتب التمثيل المصري في الخارج بالمجالات المختلفة.

ونصت القواعد علي أنه لا يصرح بعقد المؤتمرات المحلية إلا بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء بناء علي عرض من وزير المالية، بشرط أن يكون ذلك في حدود الاعتمادات المخصصة لذلك بموازنة الجهة.

وفي هذا الصدد، طالب المهندس محمد فريد نائب رئيس اللجنة الاقتصادية وعضو الهيئة العليا بحزب المصريين الأحرار، بضرورة الإسراع في إعادة تقييم وهيكلة المؤسسات الحكومية لوقف نزيف الخسائر، خاصة مع ازدياد أعباء الموازنة الناتج عن زيادات الأجور ومخصصات الدعم.


فساد بالجملة

وصرح الدكتور حامد موسي عميد كلية التجارة السويس، بأن الهيئات الاقتصادية التابعة للحكومة تحتوي علي نسبة فساد كبيرة للغاية وسط غياب رقابة حقيقة من الحكومة والجهاز المركزي للمحاسبات، مشيرا إلى أن الدكتور يوسف بطرس غالي أخرج في عام 2006 ميزانية الهيئات الاقتصادية خارج الموازنة العامة للدولة، وجعل رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات رقابة ضعيفة للغاية؛ مما جعل تلك الهيئات كأنها عزب خاصة لأصحابها.
تعويض عجز الموازنة العامة.

وأكد "موسى" أن نسبة العجز في الموازنة العامة للدولة يمكن تعويضها من خلال ضم تلك الهيئات الاقتصادية إلي الدولة؛ حيث تبلغ ميزانية تلك الهيئات حوالي 350 مليار جنيه، أي ما يعادل العجز الموجود في الموازنة مرة ونصف؛ مضيفا أن الدولة الكبيرة لا يمكن أن يحدث فيها ما يتم في مصر من جعل بعض ميزانية بعض الهيئات الاقتصادية ميزانية خاصة.
وأوضح عميد كلية التجارة السويس، أن الهيئات الاقتصادية التي تورد التكييفات وسط تشديد الحكومة علي ترشيد الإنفاق أمر عادي في ظل حالة الفساد التي تعيشها تلك الهيئات، مؤكدا أن بعض الهيئات الاقتصادية يصل مرتب الفراش فيها إلي 13 ألف جنيه، أي ما يزيد على مرتب عميد كلية التجارة، ولا بد من إخضاعها للموازنة العامة للدولة ورقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.

فيما قال السيد عارف، عضو مجلس الشورى السابق، إنه تم ضخ 29 مليار للبنية التحتية في المشروعات الخدمية والبنية التحتية بالمحافظات، بينما ما نراه بخلاف ذلك هو أشياء سطحية كرصف طرق وتجليد حوائط وغيره، ولم نرَ مشروعات حقيقة كمشروع الصرف الصحي، مؤكدا أن ذلك إهدار للمال العام حيث إن هناك ترتيب أولويات كالسولار والبنزين ومواد الطاقة لتشغيل محطات الكهرباء التي نعاني من انقطاعها، ودعم المواد البترولية لمواجهة أزمة المحروقات، وهذا أولى من رصف الطرق المرصوفة من الأساس.

لا يوجد ترشيد حقيقي


وأضاف "عارف": "ليس هناك ترشيد حقيقي للإنفاق، وما نراه هو تجديد للحوائط والطرق والأرضيات والشوارع وتحسين مظهر دولة منهارة اقتصاديا.

وأكد نائب مجلس الشورى السابق، أن الحل يكمن في التعجيل بإنهاء المرحلة الانتقالية، ومن ثم السير نحو المجالس الرقابية والتشريعة بداية بمجلس الشعب وانتهاء بالمجالس المحلية.

وأوضح أشرف عبد العاطي وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات، أن سلوك بعض الوزارات المالي ينافي تماما ما تحدث عنه رئيس الوزراء من ترشيد الإنفاق، ومن المفترض من يثبت عليه هذه المخالفات يتم تحويله للتحقيق.