قانون "محاربة الفساد" يعود إلى دهاليز البرلمان "تقرير"

  • 100
أرشيفية


صاحب المشروع: الهيئة تضع استراتيجية وطنية شاملة بمشاركة مجتمعية

خبراء: نصه يتعارض مع السلطة القضائية.. ولا بد من مراجعة قوانين كل جهاز وتفعيلها


 

أعاد محمد عبد الله زين الدين نائب حزب "مستقبل وطن" الأسبوع الماضي تقديم اقتراحه بقانون لإنشاء "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد"، بعد 6 أشهر من سحبه من لجنة المقترحات والشكاوى في نهاية الدورة الماضية للمجلس، بعدما قوبل باعتراض أماني بغدادي ممثلة وزارة العدل التي أكدت أن الدستور لم يتضمن إنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد، وأن الصيغة المقدمة من النائب غير منضبطة والمشروع المقدم يتضمن عقوبات، وهذا الأمر غير مقبول قانونًا في مشروع إنشاء الهيئات.


ومع بداية هذه الدورة يعيد النائب الجدل إلى دائرة الضوء بتقديمه تصور جديد للمشروع في الوقت الذي توجد في مصر العديد من الهيئات الرقابية بجيوشها من الموظفين والإداريين والمراقبين، منها الجهاز المركزي للمحاسبات، والنيابة العامة، والنيابة الإدارية، والرقابة الإدارية، وجهاز الكسب غير المشروع، وغيرها من الأجهزة التي تعمل جميعها وفق قوانين سابقة على محاربة الفساد سواء داخل الجهاز الإداري للدولة أو خارجه، سواء أقامت بدورها على أكمل وجه أم قصرت في ذلك، فما الجديد الذي يضيفه مشروع نائب "مستقبل وطن"؟ وهل يكون إنشاء الجهاز الجديد بديلًا عن هذه الأجهزة أم مكملًا لعملها؟ وما الذي يمنع ألا يكون الجهاز تكرارًا لنفس الدور الرقابي لتلك الأجهزة؟ وكيف سيتلاشى القانون المنظم التضارب في الاختصاصات؟ وأخيرًا ما هدف النائب من تقديمه بمثل هذا المشروع؟


وينص الاقتراح الذي تقدم به النائب على أن تنشأ هيئة مستقلة تسمى "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد"، تتمتع الهيئة بالشخصية الاعتبارية ويكون لها استقلال مالي وإداري، ويكون مقرها الرئيسي في القاهرة، ويجوز إنشاء فروع لها في بقية المحافظات؛ وتختص الهيئة بوضع استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الفساد وإعداد الخطط والبرامج المنفذة لها والآليات اللازمة لذلك، بمشاركة منظمات المجتمع المدني، وتلقي البلاغات والشكاوى المتعلقة بجرائم الفساد المقدمة إليها ودراستها، وتقييم التشريعات المتعلقة بمكافحة الفساد، والتحقيق مع مرتكبي جرائم الفساد وإحالتهم للقضاء، وجمع المعلومات المتعلقة بجميع صور وأشكال الفساد.


وأقر مقترح القانون تشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد من 9 أعضاء ممن تتوفر فيهم الخبرة والنزاهة والكفاءة، على أن تمثل في الهيئة منظمات المجتمع المدني، ويعين أعضاء الهيئة بقرار من رئيس الجمهورية بناءً على اقتراح مجلس الوزراء.


وللهيئة -وفق مشروع زين الدين- الحق في مخاطبة واستدعاء المعنيين من الموظفين العموميين أو موظفي القطاع الخاص أو أي شخص له علاقة للاستفسار والتحري حول واقعة تتعلق بالفساد وفقًا للتشريعات النافذة.


قال النائب همام العادلي رئيس لجنة المقترحات والشكاوى، إن مشروع القانون أرسل إلى المجلس الأعلى للقضاء لمراجعته وإبداء الرأي فيه قبل مناقشته في اللجنة؛ لأنه الجهة المختصة بالقانون.


وأوضح العادلي لـ"الفتح" أن رفض مقترح القانون في نهاية الدورة الماضية كان بسبب اعتراض وزارة العدل على نص المادة الخامسة من المقترح والخاصة بإجراء التحقيقات التي تعد مادة غير دستورية حيث إنها تتعارض مع اختصاصات السلطة القضائية، كما أن الهيئة المقترحة تتشابه في اختصاصها باللجنة التنسيقية لمكافحة الفساد التي تتبع وزارة العدل، وهو ما يعد ازدواجًا في الاختصاص؛ مضيفًا أنه فور ورود رد المجلس الأعلى للقضاء سيتم مناقشة القانون داخل لجنة المقترحات واللجنة التشريعية، وأنه من السابق أن يبدي رأيه في القانون قبل عرضه على الأعضاء.


وأكد أحمد طنطاوي عوض عضو اللجنة التشريعية للبرلمان، أنه من المطلوب قبل وجود جهاز جديد لمكافة الفساد أن تكون هناك خطة وطنية شاملة ورؤية واضحة لكيفية مواجهة الفساد الإداري والمالي الذي يدفع تكلفته المواطن، والذي ما يزال يستنزف موارد الدولة.


وأشار طنطاوي خلال تصريحه لـ"الفتح" إلى أن الدولة بها العديد من الأجهزة الرقابية التي من مهامها الرقابة المالية والإدارية، ومن أهمها البرلمان؛ لذا فقبل الحديث عن جهاز جديد لمحاربة الفساد تجب مراجعة القوانين والتشريعات التي تنظم عمل كل هذه الأجهزة، وتفعيل دورها وفق خطة موحدة، منوهًا بأنه رغم ذلك فإنه يساند كل جهاز أو قانون أو سياسة تحارب الفساد؛ مطالبًا بتغليظ العقوبات في القوانين القائمة وتشديد الدور الرقابي للأجهزة قبل الحديث عن جهاز جديد، شريطة أن يتم ذلك وفق رؤية واضحة وخطة متكاملة بين جميع الأجهزة ذات الصلة بمحاربة الفساد.