مسئول بشركة الدقهلية للسكر: رئيس وزراء أسبق ووزير تموين سابق اتفقا على تدمير صناعة السكر المصرية "حوار"

  • 327
المهندس عصام النجريدي مدير خط الإنتاج بشركة الدقهلية للسكر

رئيس اللجنة النقابية بشركة الدقهلية للسكر يكشف لـ"الفتح"  :

رئيس وزراء أسبق ووزير تموين سابق اتفقا على تدمير صناعة السكر المصرية

عصام شرف حرَّر السعر وكبَّد الشركات الحكومية خسائر فادحة

خالد حنفي خفَّض إنتاج الشركات الحكومية لصالح المستوردين


حوار- صلاح عبدالرحمن


كشف المهندس عصام النجريدي مدير خط الإنتاج بشركة الدقهلية للسكر ورئيس اللجنة النقابية بها، عن دور رئيس وزراء مصر الأسبق عصام شرف، ووزير التموين السابق خالد حنفي في تدمير صناعة السكر المصرية، وتمهيد الطريق للشركات المحتكرة للاستيراد للسيطرة عليها.

وأكد في حواره مع "الفتح" أن مصر مقبلة على أزمة كبرى في السكر، لن تنتهي قريبًا بسبب ارتفاع السعر العالمي، وارتفاع أسعار محاصيل البنجر وقصب السكر وانخفاض الإنتاج العالمي.

 

·        بداية.. حدثنا عن صناعة السكر في مصر والشركات العاملة فيه؟

صناعة السكر عريقة منذ عام 1881، وهي صناعة استراتيجية لا غنى عنها للفرد، وقد نشأت في الصعيد على قصب السكر، وجاري افتتاح العديد من المصانع، مثل النوبارية لصناعة السكر، والدقهلية وشركة الدلتا لصناعة السكر، ودخل القطاع الخاص في مجال هذه الصناعة، وكان منها على سبيل المثال شركة النيل التي تمتلكها عائلة ساويرس.

·        ما حجم استهلاك المصريين من السكر، ومتى بدأت بواكير الأزمة في هذه الصناعة؟

 كان الفرد يستهلك في السابق أقل من الآن، فقد وصل استهلاك الفرد إلى 32 كيلو في السنة، ولم تكن هناك فجوة بين الإنتاج والاستهلاك حتى نهاية التسعينيات مع الزيادة السكانية، ثم حدثت لها انتكاسة آخرًا لعدم تقدير المسئولين خطورة المشكلة.

·        متى تفاقمت الأزمة تحديدًا؟

 تفاقمت الأزمة في 2012 وكانت صناعة السكر في الأعوام الماضية تكسب عامًا وتخسر آخرًا، ويوجد في مصر عدة شركات، هي شركة السكر للصناعات التكاملية وتضم 8 مصانع، وهي الشركة الأم وإنتاجها يذهب للتموين، وهي في الحوامدية وحتى إدفو في أسوان، وتنتج 1.1 مليون طن سنويًا؛ وشركة الدقهلية بها خطان ومصنعان، وشركة الدلتا لصناعة السكر وبها خطان، وشركة النوبارية بها مصنع واحد؛ وهي شركات مساهمة مصرية مملوكة للدولة، وينتج فيها ما يقرب من 800 ألف طن سنويًا، والإحصاءات الأخيرة تشير إلى أن إنتاج الدقهلية للسكر 320 ألف طن، والدلتا 310 ألف طن، والاستهلاك المصري 3.2 مليون طن، والفجوة بين الإنتاج والاستهلاك يتم استيرادها وهي نسبة تقدر بين 850 ألف ومليون طن.

·        إذن المشكلة كانت بسبب الاستيراد؟

الأزمة بدأت عام  2012 بصورة غير عادية؛ بسبب الفجوة بين المحلي والمستورد، وكانت البرازيل من أكبر الدول في الإنتاج، وأغرق المستوردون في 2012 البلاد بالسكر المستورد، ففي هذا العام كانت البلاد تحتاج إلى 750 ألف طن، واستوردت الشركات الخاصة نحو مليون ونصف طن، أي أن البلاد دخلها 750 ألف طن زائد عن الحد، وأصبح المستورد أرخص من المحلي.

·        هل صنعت الشركات المستوردة للسكر هذه الأزمة؟

نعم، الشركات الخاصة المستوردة أصبحت شركات محتكرة، وهذه الشركات لا تمتلك خط إنتاج، بل تأخد سكر المصانع الحكومية إضافة إلى ما تستورده ثم تضخه في السوق المحلي، وهذه الشركات المحتكرة عددها 7، وأدى زيادة السكر المستورد إلى بقاء سكر الشركات الحكومية في مخازنها دون بيع؛ لذا سحبت الشركات الحكومية من البنوك على المكشوف لتغطية نفقاتها ودفع أموال لمزارعي السكر والبنجر، الذين اشترت منهم الشركات  المحصول قبل الإنتاج، ثم جاء قرار تحرير سعر السكر في عهد رئيس الحكومة الأسبق عصام شرف، وكان السبب في ذلك أحمد الوكيل رئيس الغرف التجارية ما أدى إلى رفع الجمارك الحكومية عن السكر.

·        ما الفارق بين سعر سكر الطن المحلي والمستورد؟

الفارق كبير الآن لصالح المحلي، فعالميًا سعر طن السكر 600 دولار، وهي في ازدياد، في حين نجد أن المحلي يقل عنه فسعره 7 جنيهات للكليو، لكن الشركات الحكومية لا تستفيد بالسعر العالي الذي وصل فى القطاع الخاص لـ 12 جنيهًا؛ لأن كل الشركات الحكومية تبيع السكر 4.5 جنيهات للكيلو وهذا السعر كان مقبولًا ويحقق أرباحًا للشركات في السنوات السابقة.

·        كيف أثر تعويم الجنيه وما سبقه من ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه في السوق السوداء على السكر؟

زيادة الدولار أمام الجنيه أدت إلى إحجام المستوردين عن الاستيراد، بسبب ارتفاع السكر العالمي، لذا اشترت الشركات المحتكرة السكر المحلي من الشركات الحكومية بدلًا من الاستيراد، والحكومات المتعاقبة لم تتنبه للسكر كسلعة استراتيجية قبل ظهور الأزمة الأخيرة، فمثلا شركة الدقهلية للسكر أنتجت 112 ألف طن العام الماضي، لأنها لم تجد من يشتري السكر، فخفضت إنتاجها رغم أنها تستطيع إنتاج أكثر من 300 ألف طن، وكانت صناعة السكر على وشك الانهيار مثلما حدث مع صناعة النسيج، وحدثت مشاكل في إنتاج السكر العالمي أسهم في تنبيه الحكومة لمشكلة السكر مع ارتفاع أسعار الدولار .

·        هل تمكنت الدولة من تفعيل آليات ولو مرحلية لمواجهة الأزمة؟

انتبهت الدولة آخرًا لنقص المخزون من السكر، فوضعت يدها على باقي الإنتاج لدى الشركات بسبب ارتفاع سعر السكر عالميًا، وحاليًا الإنتاج متوقف في الشركات الحكومية، فشركات إنتاج السكر عبر القصب ستبدأ الإنتاج في شهر ديسمبر الجاري؛ بعد حصاد محصول القصب، وكذلك بعد حصاد البنجر في فبراير المقبل، لكن لا بد أن يكون لدى شركات السكر سيولة مالية لشراء الإنتاج من المزارعين، أما مدخلات الإنتاج التي تستورد من الخارج فلا تمثل رقمًا ضخمًا في المعادلة، لكن الحكومة رفعت أسعار الغاز عن المصانع مما أدى إلى ارتفاع تكلفة الطن .

·        هل رفع سعر السكر حكوميًا لـ 7 جنيهات يعد سعرًا عادلًا؟

سعر 7 جنيهات للكيلو يعد رخيصًا، أما هامش الربح فيخضع للعرض والطلب، وعلى الدولة الحفاظ على صناعة السكر التي تربح، والحكومة تحصل على ضرائب من الشركات، وضرائب على كسب العمل ولديها كنز من مكاسب شركات السكر، خاصة أنها تحقق المخزون الاستراتيجي من سلعة مهمة وتدخل في كل الصناعات.

·        ما توقعك لمستقبل صناعة السكر؟

هناك كوارث مستقبلية في إنتاج السكر، والتقارير الدولية تشير إلى أن هناك مشكلة في إنتاج السكر العالمي، ستؤدي إلى نقصه بسبب التغيرات البيئية سواء البنجر أو القصب، لكن في مصر لا توجد أزمة عاجلة من تراجع المياه أو قلتها، أما المصانع فهي على أعلى مستوي من الخبرة، والمشكلة العاجلة في أنه على مستوى العالم ستقل المحاصيل، والدولار يرتفع الآن، وإنتاج مصر من السكر 2.2 مليون طن.

·        ما دور وزير التموين السابق في علاج سعر السكر محليًا؟

خالد حنفي حرر سعر السكر التمويني وأدخل شركة السكر والصناعات التكاملية مثل بقية الشركات في توريد السكر للحكومة، وكان لابد على الدولة أن تستمر في الحصول على السكر من شركات الحكومة لصالح التموين، لكن الوزير السابق أدخل الشركة الحكومية في منافسة ومناقصة مع الشركات الخاصة في توريد السكر التمويني، وكان السكر المستورد رخيصًا في مارس العام الماضي، واشترى السكر الرخيص من الخارج، وتراجع ربح الشركات الحكومية والاستثمارية؛ لأنها خفضت إنتاجها من السكر، وزادت أرباح الشركات الخاصة المستوردة وخفضت شركة الدقهلية للسكر إنتاجها إلى 100 ألف طن رغم أن لديها إمكانيات لإنتاج 300 ألف طن .

·        ماذا عن سيطرة شركات الاستيراد المحتكرة على مخزون الشركات الاستثمارية من السكر؟

شركات الاستيراد المحتكرة اشترت من بعض شركات السكر دون دفع ثمنه، مثل شركة "النوران" -تحت التأسيس- التي اشترت سكر بـ 60 مليون جنيه، ولم تدفع ثمنه، وصاحبها نجل وزير مالية سابق، وباعت الشركة السكر للقطاع الخاص بسعر مرتفع، لكن فوجئت الحكومة بالأزمة في الوقت الضائع ولحقت آخر مخزون لدى الشركات الاستثمارية التي لم تدفع ثمنه الشركات الخاصة المحتكرة.

·        هل يجب التراجع عن تحرير سعر السكر؟

الحكومة ليس أمامها إلا وقف تحرير السكر، وعليها الاعتماد على شركة الصناعات التكاملية في التوريد؛ بسبب ارتفاع السكر عالميًا وارتفاع الدولار، والبلاد تحتاج لمليون طن بسعر الدولار 18 جنيهًا، والسعر العالمي 600 دولار، وقد يصل السكر إلى 10 جنيهات، ويزيد في ظل ارتفاع السكر عالميًا، وارتفاع الدولار، والمستوردون أحجموا حينما ارتفع السعر العالمي، وعملوا على احتكار السكر المحلي، وكانت الحكومة تساعد الشركات المحتكرة عبر منحهم غطاء ائتماني.

·        ماذا عن سعر السكر المحلي الذي زاد تأثيره على أرباح الشركات؟

الحكومة تشتري منا بـ 4.5 جنيهات، وتبيع بـ 7 جنيهات، والفارق تدعم به فرق البيع للمستورد، وهنا يجب على الحكومة إلغاء ممارسات الاحتكار وتستورد بنفسها؛ لأنها هي الراعية للسلم الاجتماعي .

·        هل كان لدى المحتكرين مخزون من السكر؟

نعم كان لديهم وباعوه بـ 12 جنيهًا، وهذه الشركات كانت لها اتصالات وتوقعات دولية، لذا انتظروا وخزنوا السكر بعد ارتفاع سعره عالميًا، ولم يكن لدى الحكومة استراتيجية.

·        ماذا حدث في الـ3 أشهر الأخيرة وأدى إلى ظهور قضايا الاحتكار واتهام شركات حكومية في الأزمة؟

رؤساء بعض الشركات الحكومية دخلوا في تفاهمات مع الشركات المحتكرة، وتم الضغط عليهم بورقة السحب على المكشوف، و"باعوا السكر برخص التراب للمحتكر"، حتى يدفعوا الأموال للمزارعين والرواتب والضرائب، وباعوا السكر الرخيص للمحتكرين، ثم باعت الشركات الاستثمارية السكر بـ 12 جنيهًا ولم تستفد شركات الحكومة من فارق السعر .

·        سُربت آخرًا قضية شركة "النوران" للسكر الخاصة ودورها في الاحتكار مع شركة الدقهلية.. ما هي التفاصيل؟

شركة "النوران" اشترت من شركة الدقهلية 55 ألف طن، وتعثرت في الدفع، وأصدرت شيكات ليس لها رصيد، وأبلغت مباحث الأموال العامة ومنعوا من السفر، والآن أسسوا شركة أخرى كي تشتري وتبيع السكر في الداخل.

·        ماذا تقترح من حلول؟

يجب فتح شركات جديدة وخطوط إنتاج؛ لزيادة حجم التصنيع المحلي، لكن هذا يحتاج إلى التوسع في زراعة القصب والبنجر والاستثمار في زراعة البنجر، والعمل على تطوير الزراعة، والتوسع الرأسي، وإلزام المزارع بدورة زراعية معينة، حتى تكون هناك سياسة زراعية محددة، وتنافس بين الشركات المنتجة على شراء البنجر من المزارعين، و"الدقهلية" للسكر تشتري البنجر من محافظات الجمهورية حسب السعر، واليوم الإنتاج وتكلفته ستزيد بسبب النقل على سبيل المثال؛ بسبب ارتفاع البترول، أما مدخلات الإنتاج فتمثل الـ 5% التي تستورد من الخارج، ومصر تنتج 50% ويزيد من القصب، وعلى الحكومة التوسع في زراعة البنجر؛ لأن دورته كل 6 أشهر، ولا بد من العمل على تطوير البذور من أجل زيادة الإنتاج .

·        هل يمكن تقليل الاستيراد؟

الحكومة رفعت الجمارك عن السكر، لكن الشركات لن تستورد؛ بسبب ارتفاع سعره عالميًا ووصوله لـ10 آلاف جنيه للطن، والحكومة استوردت 206 ألف طن، وشركتنا ستكرر 50 ألف طن، لكن ارتفاع الدولار أسهم في الإحجام عن استيراد السكر من الخارج .

·        ماذا عن دور الوسطاء في زيادة سعر السكر المستورد؟

الحكومة تعطي السكر للشركة المصرية لتجارة الجملة والشركة العامة، حيث يوزع السكر في المجمعات الاستهلاكية، وعلى الحكومة أن تمنح حصة لشركات التجزئة، ولا بد أن تكسب شركات الإنتاج وشركات البيع من أجل الاستمرار لكل منها.