"أبو الغيط": موارد المياه العذبة في العالم العربي ضمن الأقل في العالم

  • 74
الجامعة العربية

قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن هناك ما يُشبه الإجماع في الوسط العلمي على أن جفاف الأراضي الزراعية وفساد المحاصيل لعب دورًا في إشعال الحرب في سوريا.

جاء ذلك خلال كلمته أمام أعمال الدورة الثامنة للمجلس الوزاري العربي للمياه، التي عقدت اليوم "الأربعاء"، بمقر الأمانة العامة للجامعة، برئاسة المهندس معتز موسى عبدالله سالم وزير الموارد المائية والكهرباء بجمهورية السودان، وحضور وزراء المياه في الدول العربية أو ممثليهم، وممثلو المنظمات العربية والإقليمية والدولية.


وأوضح أن الجفاف دفع 1.5 مليون فلاح سوري للهجرة من الريف إلى المدن، مما أصاب البنية الاجتماعية باضطراب شديد، وهذا ليس سوى مجرد مثلٍ على ما يُمكن أن يتسبب فيه نقص المياه من قلاقل سياسية واجتماعية.


كما نبه من أن العاصمة اليمنية "صنعاء" وفق تقارير، يُمكن أن تصير بلا ماء في عام 2019.


ولفت إلى مكامن أخر للخطر في الأحواض النهرية، سواء في دجلة والفُرات (الذي يفقد ماء أكثر من أي مكان آخر في العالم، ربما باستثناء شمال الهند)، أو في نهر الأردن أو غيرها.


وعبر عن أمله أن يعتمد المجلس العربي للمياه الاتفاقية الإطارية الخاصة بالموارد المائية المُشتركة بين الدول العربية.


كما أكد أهمية تعزيز القدرات التفاوضية للدول العربية بشأن الموارد المائية المُشتركة مع دول غير عربية، في ضوء كون عدد من الدول العربية الرئيسية دول مصب وعبور للأنهار التي تقع منابعها خارج حدود العالم العربي.


 وأكد على أهمية حماية الحقوق المائية العربية، موجهًا الشكر والتحية للمجلس العربي للمياه الذي تبنى فكرة عقد مؤتمر دولي تحت عنوان "المياه العربية تحت الاحتلال".


 وأشار إلى أن الاتصال بين المياه والسياسة ليس جديدًا على منطقتنا، قائلا إن كل من قرأ التاريخ الحديث والمعاصر للشرق الأوسط يُدرك جيدًا أن المياه تُمثل وجهًا رئيسيًا من أوجه الصراع العربي- الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن مؤتمر القمة العربي الأول الذي عُقد بمقر الجامعة العربية  في عام 1964 جاء في الأساس ردًا على محاولات إسرائيلية لسرقة المياه العربية في نهر الأردن.


 وشدد على أن هذا التاريخ القريب لا ينبغي أن يُنسى ونحن نُعد العدة لمواجهة تحديات المُستقبل.


وقال إن قضية المياه تُمثل أولوية وطنية وقومية لدى كل الأمة العربية، منبهًا أن موارد المياه العذبة في العالم العربي تُعد ضمن الأقل في العالم.


وشدد أن مسألة نُدرة المياه لم تعد من قضايا المُستقبل فقط، وإنما من هموم الحاضر المُلحة والضاغطة، مشيرًا إلى أنه من بين 33 دولة تُمثل الدول الأكثر معاناة من الشُح المائي في العالم هناك 14 دولة عربية، قائلا إن توافر المياه تراجع بنسبة الثلثين خلال الأربعين عامًا الماضية، ومن المتوقع أن تنخفض بنسبة 50% أخرى بحلول عام 2015.


ولفت إلى أنه منذ انعقاد الدورة الأولى لهذا المجلس في الجزائر عام 2009، والوعي يزداد بخطورة المسألة المائية.


وأوضح أن أبعاد الأزمة لم تعد خافية على أحد، فالسُكان يتزايدون بمعدلاتٍ مُتسارعة في أغلب بلدان العالم العربي، والموارد المائية ثابتة، بل تتراجع في بعض الأحيان سواء في حجمها أو نوعيتها، مبينًا أن النتيجة هي أن نصيب الفرد من المياه يُدخل معظم بلدان المنطقة، إن لم يكن كلها في دائرة الفقر المائي، مستشهدًا بأن نصيب الفرد من المياه في مصر كان 2500 متر مكعب في عام 1947، واليوم هو 660 متر مكعب.


وأكد أن المسألة المائية صارت وثيقة الصلة بالاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي والاجتماعي في بلداننا، موضحًا أنه منذ عام 1998 تعرضت منطقة الشام لموجة حادة من الجفاف لم يكن لها سابقة منذ 900 عامًا تقريبًا.


وقال إن القادة العرب أقروا في القمة العادية التي عُقدت بالجمهورية الإسلامية الموريتانية في يوليو الماضي خطة تنفيذية لاستراتيجية الأمن المائي في المنطقة العربية، بهدف مواجهة تحديات ومتطلبات التنمية المُستدامة، داعيًا وزراء المياه، إلى العمل بكل سبيل على تنفيذ ما جاء بهذه الخطة بالتعاون مع المنظمات العربية المتخصصة والدول المانحة والمنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة.


 كما أؤكد ضرورة متابعة المشروعات الجاري تنفيذها بالفعل ضمن محاور هذه الخطة، ومنها  ـ على سبيل المثال لا الحصر- مشروع تقييم أثر التغييرات المناخية على الموارد المائية العربية (بالتعاون مع الإسكوا)، والمبادرة الإقليمية لندرة المياه بالتعاون مع الفاو.. وغيرها.


وأكد أن هناك "ثلاثية" تمثل عماد التنمية في القرن الحالي... الطاقة والماء والغذاء، موضحًا أنها ثلاثية مترابطة تحتاج إلى تعاطٍ حديث و رؤية مُستقبلية لا تأخذ في الاعتبار مصالح الأجيال الحالية، وإنما حياة الأجيال المُستقبلية ورفاهتها.


وذكر بوجود مُباردة إقليمية تسعى إلى الربط بين هذه العناصر الثلاثة، معتبرًا أن انخراط الدول العربية في هذه المبادرة سيهيئ لها التعاطي مع تحديات التنمية المُستدامة بصورة تستند إلى الأسلوب العلمي والتخطيط الدقيق.