صفقة أردوغان مع الأسد.. القضاء على أكراد سوريا مقابل بقاء بشار

  • 106
أرشيفية

كتب - صلاح عبدالرحمن وإسلام المنسي


كشف خبراء في العلاقات الدولية أن التدخل العسكري التركي في سوريا يُظهر إلى أي مدى أصبحت أنقرة أكثر قربًا من المحور الروسي الإيراني.


وأكدوا على أن التواجد العسكري التركي في الشمال السوري سيكون في مقابل ضغط أنقرة على المكون السوري الأكبر في المعارضة السياسية السورية "الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية" من أجل رأس النظام السوري بشار الأسد جزءًا من الحل السياسي.


وأكد "يافوز آجار" المحلل السياسي التركي أن التطورات الأخيرة وضعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مأزق كبير فهو يبحث عن طريق للخروج من خانة الاتهامات بدعم الجماعات الإرهابية بسوريا والاتهامات بالفساد التي تواجهه في تركيا، متهمًا الرئيس التركي بفبركة الانقلاب منتصف يوليو الماضي ليجعله أداة لتنفيذ خطته التي أعدها بشكل جيد وبدأ في تنفيذها بعد الانقلاب بيوم واحد، مضيفًا أن الكل كان يتوقع أن يصبح أردوغان أكثر قربًا من الولايات المتحدة بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية لكن التطورات التي أعقبت الحادث جاءت على العكس من ذلك .


وبيّن أجار في تصريحات لـ"الفتح" أن سبب ابتعاد الرئيس التركي عن المحور الأمريكي هو الالتزامات التي يفرضها عليه من ضرورة تحقيق الديمقراطية مما يتعارض مع ميوله الديكتاتورية، متهمًا إياه بالارتماء في أحضان روسيا وإيران.


وأضاف أن السياسة الروسية تجاه تركيا مازالت غير واضحة المعالم، فحينما التقى الرئيسان "الروسي والتركي"، ظن الجميع أنهم اتفقا على كل شيء بخصوص الملف السوري، بينما حين تدخلت تركيا في جرابلس أعربت روسيا عن قلقها من هذا التدخل، مشيرًا إلى أن الدول الكبرى لا تؤسس استراتيجياتها بناء على مواقف مؤقتة أو مصالح آنية، لافتًا إلى أن تقارب روسيا مع أردوغان قد ينتهي عندما تنتهي استفادتها منه، وعندئذ سوف تنقلب عليه.

 

وأوضح مصطفى زهران الباحث السياسي المتخصص بالشئون التركية، أن أنقرة ما بعد الانقلاب تختلف تمام الاختلاف عما كانت قبل وقوع الانقلاب، وبالتالي سوف تشهد الأيام القادمة مشهدًا مغايرًا، ستكون دوافعها فيه إعادة رسم السياسة الخارجية عن طريق رأب الصدع بينها وبين دول الإقليم المختلفة، وإعادة تموضعها لتلعب دورًا مؤثرًا وتعزز دورها في الإقليم.


وأضاف زهران في تصريحاته لـ"الفتح" أن تركيا في إطار خطتها الجديدة تسعى للإسراع في حسم الملف الكردي في سوريا إذ أن الخاصرة الجنوبية لتركيا باتت في يد الأكراد الراديكاليين.

 

وأوضح زهران أن تركيا الجديدة تسعى لبناء تحالفات قوية وعلاقات أفضل مع دول المنطقة مما يدعو للتفاؤل بتحسين العلاقات بين مصر، والبحث عن حلول للأزمة السورية وفق رؤية جديدة، والوقوف أمام تقسيم التراب السوري بأي شكل من الأشكال.


وأكد مصطفى عامر الباحث المتخصص في شئون الجماعات الإسلامية، على أن الحديث عن احتمالات تطبيع العلاقات بين   الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس السوري بشار الاسد يبقى حاليًا في طور التكهنات المستقبلية التي لا تخرج عن إطار الاحتمالية القابلة للتحقيق من عدمها على حسب المتغيرات التي سوف يحدثها التدخل التركي على الأرض في الشمال السوري. 

 

وأشار إلى أن المعطيات التي أحدثها التدخل التركي لم تصب في صالح النظام السوري عمليًا على الأرض، وأن دفع قوات الحماية الكردية إلى شرق الفرات وتحييدها عن منطقة غرب الفرات  يصب في صالح منطقة آمنة لتركيا داخل الحدود التركية. 


واعتبر أن احتمالية التعاون بين تركيا والنظام السوري مجرد تحصيل حاصل؛ لأن الأكراد في الشمال السوري وتحديدًا قوات الحماية الـ"byd" المهيمنة على المشهد الكردي السوري بشكل قمعي ليست من نفس درجة العداء مع الأسد، وأن الخلاف بينهما في الحسكة مجرد خلاف حول مناطق النفوذ تم احتوائه سريعا. 

 

واستطرد: ولكن من الممكن أن يأخذ التقارب التركي مع الأسد منحى آخرًا في إطار صفقة مع الروس يسمح فيها للأتراك ببعض التواجد العسكري في الشمال السوري مقابل ضغط أنقرة على  المكون السوري الأكبر في المعارضة السياسية السورية "الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية"، والذي يتواجد مقره الرئيسي في أنقرة ويتمتع بحماية تركيا؛ لجعل الأسد جزءًا من الحل السياسي في مفاوضات الحل السياسي في سوريا المستقبل. 


واختتم حديثه بالتأكيد على أن تركيا لن تضحى بسهولة برصيدها الواسع لدى المعارضة السورية بالتطبيع المباشر مع النظام السوري، وذلك لسببين: الأول: أنها تدرك أن الأسد ونظامه إلى زوال، وأن الحماية الروسية والإيرانية سرعان ما ستزول عنه، إما بصفقة مع القوى الكبرى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، أو بالهزيمة على الأرض من قبل الفصائل المسلحة، والسبب الثاني: أنها لن تجازف بتحويل مشاعر الحب لدى اللاجئين السوريين لها إلى كراهية قد تتحول إلى أعمال عنف ضد الأمن القومي التركي، خاصة وأن عددهم يزيد عن المليون لاجئ، ناهيك عن علاقة النظام التركي الوثيقة بجماعة الإخوان السورية التي لها دور فاعل في المشهد السياسي والعسكري السوري حاليًا ومستقبلًا.