السحابة السوداء تحرق صدور المواطنين.. والحكومة غائبة

  • 106
أرشيفية

انبعاثات 6ملايين طن تهدد بـ"حجب" آشعة الشمس  

السحابة السوداء تحرق صدور المواطنين.. والحكومة غائبة

عضو بمجلس النواب: نسعى لتجريم العقوبة وطلب إحاطة عاجل لوزيري البيئة والزراعة

رئيس قطاع الإرشاد الزراعي: البيئة هي المسئول الأول ودورنا التوعية فقط!


الشرقية- أحمد عمر


السحابة السوداء أزمة كل عام، تطل برأسها من جديد، الزراعة تتبرأ من المسئولية وتُلقي بالكرة في ملعب وزارة البيئة، التي فشلت هي الأخرى طوال السنوات الماضية في إيجاد حل نهائي لتلك الكارثة التي  باتت تهدد المواطنين وتتسبب في إصابة العديد منهم بالأمراض المختلفة.


أسئلة كثيرة تقدم بها العديد من الخبراء والمتخصصين إلى الحكومة والمسئولين بشأن السحابة السوداء التي تتزامن مع موسم حصاد الأرز؟


أجمع الخبراء أن قش الأرز يدخل في كثير من الصناعات من بينها الصناعات الورقية والخشب الحبيبي، كما يدخل في صناعة الدواء وكذا السماد، وفقًا للأبحاث والدراسات العلمية.


تقارير وإحصاءات تؤكد أن الناتج النهائي لموسم حرق قش الأرز، أراضي مغطاة بطبقة سوداء من الكربون، جراء حرق أكثر من ستة ملايين طن من قش الأرز سنويًا بحسب وزارة الزراعة.

في هذ السياق يقول المواطن علي القرام 35 سنة من كفر صقر: "في كل موسم نعاني من تراكم المخلفات الزراعية، من بينها "حطب محصولي الذرة، والقطن، والأهم من ذلك  قش الأرز الذي يسبب لنا الصداع المزمن كمزارعين".


وتابع أن معظم المزارعين يقومون بحرق قش الأرز، نظرًا لعدم اهتمام المسئولين بأعمالهم وإهالمهم في عدم توفير الآلات المتخصصة مثل الـ"مكبس"، متعللين بأن الآلات محجوزة لشهر قادم، متسائلاً ماذا نفعل؟.


طالب سيد سعيد "مزاراع" من مركز الحسينية، كافة الأجهزة المعنية في المحافظات ووزارات الزراعة والصحة والبيئة بصرف مكافأة لمن يقوم بعمليات الكبس، على سبيل التشجيع بدلًا من "ترك الحبل على الغارب".


وقال محمود أبو أحمد 62 سنة -من جزيرة سعود-: "يجب على الحكومة قبل أن تفرض غرامات، عليها أن توفر الحلول اللازمة"، وأضاف: "إحنا مش هناكل قش الأرز عشان نرضي المسئولين"!.


 في سياق متصل أكد المحاسب راشد .م: أن عمليات الحرق تتم في وضح النهار والزراعة تعلم وترى، ولا تفعل أي شيء تجاه الأزمة الموسمية، التي تعود بالسلب على المواطن في الصحة والبيئة.


أكد المهندس محمود هيبة عضو اللجنة الزراعية بمجلس النواب عن حزب النور،  أن هناك رؤية علمية متخصصة تتكون من عدة مقترحات، شراء وتجميع القش من الفلاحين بالتعاون مع وزارتي الزراعة والبيئة لسحب أكبر كمية يمكن الحصول عليها من المزارعين، وتوجيهها إلى مصانع الورق والأسماد، والأعلاف كذا الأخشاب حيث يتم معالجته باليوريا والنترات وبعض المواد الكيميائية للحصول على أعلاف للماشية، مما يساعد في حل نسبة كبيرة من مشكلة البطالة.


وأضاف هيبة لـ"الفتح" أن الحرق يكبد الدولة خسائر كبيرة جراء عمليات الحرق التي تفوق الستة ملايين طن، ناتج عن زراعة حوالي 2 مليون وثلاثمائة ألف فدان أرز تقريبًا لهذا العام، أي ما يعادل 2طن للفدان الواحد، وهذا يساهم في رفع الناتج القومي إذا ما أُحسن استغلاله.

 

وتعلق الدكتورة تاى السيد أستاذ الكيمياء الحيوية بكلية العلوم جامعة القاهرة، أن العاصمة تعد واحدة من أكبر مدن العالم تأثرًا بالتلوث لأسباب عديدة من أهمها وسائل المواصلات وتصاعد أبخرة المصانع، والأزمة الموسمية لقش الأرز التي تتسبب هي الأخرى في السحابة السوداء بما يزيد عن خمسة أضعاف المعدلات الطبيعية لباقي الملوثات.


وأضافت أستاذ الكيمياء بجامعة القاهرة لـ"الفتح" هناك من الدراسات التي توصلت لإدخال قش الأرز في مجالات الصناعة كالأدوية والسماد والورق، إضافة إلى الأخشاب، لافتة إلى أن تعرض كميات من القش لعمليات التخمر والتحليل بالبكتريا تؤدي في النهاية إلى تغيير الصفات الكيميائية ما يؤدي في النهاية لتكوين ما يسمى بـ"الكمبوست" أوالسماد الحيوي بجودة عالية، خاليًا من الكيماويات، ونتائجه عالية الجودة، إضافة إلى إنتاجه مواد أخرى مثل "السيليكا جيل" كما يدخل في صناعة غاز الميثان، الورق، والكربون، والحبال.

 

وحذر الدكتور أحمد الطحاوي -أستاذ بكلية الطب جامعة بنها، وعضو مجلس النواب عن دائرة الحسينية- من خطورة انبعاثات حرق قش الأرز على البيئة والصحة العامة للمواطنين، وخاصة على من يعانون النزلات الشعبية، والربو الشعبي، ومن لديهم ضيق في الشعب الهوائية، والأطفال خاصة في الفترات المتأخرة من الليل، إضافة لخطورة حجب آشعة الشمس عن الظهور مما يتسبب في غياب الرؤية أثناء النهار ويزيد من نسبة الحوادث على الطرقات السريعة.


وكشف لـ"الفتح" أنه سيتقدم بطلب إحاطة عاجل لوزيري البيئة والزراعة لاستبيان خطط الوزارتين في مواجهة حرق قش الأرز مع بداية موسم الحصاد لهذا العام، كما ستناقش لجنة البيئة بالمجلس تفعيل القوانين الخاصة بحرق قش الأرز، وتحرير المحاضر وتفعيلها بشكل فوري دون إغفال الحلول اللازمة حتى لا يضطر الفلاح للجوء للحرق.


كما أوضح الدور الذي بدأت به القوات المسلحة لتوفير المكابس اللازمة لكبس قش الأرز، والعمل على تفعيل دورها بالمجان، مضيفاً أنه سيخاطب جهاز البيئة برئاسة مركز الحسينية، للخروج في حملات وتفعيل العقوبة ضد المخالفين، وعقد بعض اللقاءات في القرى المختلفة للتوعية، وعرض الطرق المختلفة للطريقة الأمثل للتخلص من قش الأرز.


ومن جانبه قال الدكتور سيد خليفة رئيس قطاع الإرشاد الزراعي بوزارة الزراعة: "إن دور الوزارة بهذا الصدد هو التوعية وعرض نماذج مختلفة لطرق التخلص أو التحويل والتدوير".


وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الفتح"، يمكن استغلال هذه الكميات في الحصول منها على أسمدة، وأعلاف غير تقليدية، وأي دور يختص بتفعيل العقوبات من محاضر وغرامات، والذي يختص بالتدوير فهو مسئولية وزارة البيئة.