أخيرًا .. "الدولة" في مواجهة "التوك توك"

  • 96
التوك توك

وناجح مصطفى

قرر مجلس الوزراء، تكليف وزارة المالية بمنع استيراد الدراجات البخارية كاملة الصنع والتوك توك لمدة عام، بالإضافة إلى منع استيراد المكونات الإنتاجية لمدة ثلاثة أشهر للدراسة، ووضع ضوابط صارمة من قبل وزارة الداخلية تطبق عند شراء وترخيص أي دراجات بخارية جديدة، مع السماح بمهلة مؤقتة لمدة أسبوعين للمالكين الحاليين للدراجات البخارية والتوك توك لتوفيق أوضاعهم فيما يتعلق بالترخيص.

وكانت هيئة المفوضين بمجلس الدولة قد أوصت بوقف استيراد" التوك توك" نهائيا ومنع دخوله مصر؛ لما له من سلبيات تتعلق بالأمن العام وتعدد الجرائم التى يرتكبها بعض سائقيه؛ لعدم وجود لوحات أو تراخيص يتم التعرف من خلالها على هوية من يقوده.

وحسب التقديرات الإحصائية، فقد تجاوزت أعداد مركبات "التوك توك" فى الشوارع 2 مليون مركبة تتقافز على الطرقات السريعة والداخلية دون إجراءات تنظم حركة سيرها ودون ترخيص من الجهات المختصة.

ورأى بعض خبراء أمنيون، أن الدولة تعيش حالة من الفوضى والاضطراب الأمني وغياب القانون، وقد ساهم "التوك توك" بشكل كبير في زيادة معدل الجريمة والسرقة والاغتصاب.

بينما يرى خبراء الاقتصاد، أن "التوك توك" عاون الدولة في الفترة السابقة، وأصبح كمسكن لمشكلة البطالة، لكن هذا لا يمنع من إسهامه في نشر الفوضى المرورية وارتفاع معدل الجريمة.

قال المستشار رفعت السيد، رئيس نادى قضاة أسيوط سابقًا، إن قرار وقف استيراد "التوتوك" قد تأخر كثيرا، وإن هذا القرار صارم 100 %، مشيرا إلى أن سلبياته أكثر من إيجابياته، وأن الدولة تركت الأمر دون النظر إلى أضراره السيئة التى تعود على المواطن.
أضاف "السيد"، أن قيادة هذه المركبة منذ دخولها إلى مصر تخالف القانون؛ بسبب أن هذه الوسيلة غير مرخصة، مطالبا بتعميم هذا الحكم على وسائل النقل الصغيرة كـ "الموتوسيكل" وغيره غير المرخص، حيث يتم استغلالها في ارتكاب العديد من الجرائم الإنسانية والإجتماعية دون الوصول إلى الجانى.

وتساءل قائلا: "كيف لطفل أن يقود مركبة "التوك توك "وعمره لا يتجاوز العاشرة، وإذا كانت المركبة ضرورية للحد من البطالة، فلماذا لا تقنن أو يتم ترخيصها أو يقودها سائق درجة ثالثة، وهى تحمل مواطنين من الكبار والصغار؟!".

وأكد "رفعت السيد"، أن القرار جاء حازم بعدما انتشرت الفوضى وأحداث النهب والسلب والسرقة لبعض المواطنين بالإكراه سواء رجال أو من النساء، فضلا عن حالات الاغتصاب، والتى غالبا لا يتم التوصل إلى مرتكبيها.

وأوضحت الدكتورة سهير عبد القادر، أستاذ علم الجريمة بمركز البحوث، أن هناك سلبيات كثيرة وحوادث وقعت بسبب هذه المركبة، كجرائم القتل والاغتصاب، فضلا عن العادم التى تسخدمه نتيجة خلط البنزين بالسولار.

وأكدت "عبد القادر"، أن ما أوصلنا لذلك هى الحكومات المتعاقبة وسوء الإدارة قبل وبعد الثورة، مشيرة إلى أنه بهذه الطريقة يمثل عائقا للدولة، وأن الحكومة لا تقوم بتحصيل ضريبة أو تجديد رخصة له مثل باقى وسائل النقل.
كما أنه يسلك دائما الطريق المعاكس؛ وهذا ما يسبب دائما الكثير من الحوادث، وعدم وجود خط سير، وهذا ما يتسبب فى التأثير السلبى على الأمن العام وحياة المواطنين، لعدم وجود رؤية من المسئولين فى كيفية التعامل مع هذا المشروع.

أشارت سهير عبد القادر، إلى أن هناك سلبيات عديدة لمركبة "التوك توك" ، إلا أن هناك إيجابيات حيث فتح العديد من البيوت والمنازل وقضى بشكل كبير على البطالة أو الحد منها، كما أنه سلك طرقا ضيقة وصعبة لا تستطيع السيارات أن تسلكها، فضلا عن وجود أماكن ريفية عديدة بعيدة عن وسائل المواصلات، وبالتالى يكون "التوك توك" فيها ضروريا وذا أهمية.

وشددت أستاذ علم الجريمة على عدم وقفه الآن دون وجود بديل آخر حتى لا يجعل الجرائم مضاعفة؛ مما يدفع بالمزيد من السرقة بالإكراه، خاصة فى ظل هذه الأوضاع المتريدة والسيئة التى يعانى منها المواطن.

وطالبت بإقرار قانون لتنظيم سير هذا المشروع؛ لما يحتويه من العديد من العمالة خاصة وسط الشباب العاطل، وفتح باب الترخيص، على أن تتم مصادرة أى مركبة غير مرخصة فورا، وعمل مواقف له مثل أى مشروع نقل آخر، وتحصيل الضرائب من المستفيدين منه، وتحديد الطرق وخط السير له وتقنينه بما يتوافق مع استيعاب الطرق له؛ لعدم ترك الباب مفتوحا أمام الصغار للقيادة دون هذه القوانين التى ستحجم من يقودها لمنع انتشار المزيد من هذه الفوضى.

بينما يرى الدكتور محسن خضيري الخبير الاقتصادى، أن قرار وقف هذا المشروع سوف يزيد من أعداد البطالة، مشيرا إلى أن المسئولين غير مدركين لمثل هذا الاتجاه الذي يريدون تطبيقه، معتبرا أن مثل هذا القرار كان ولا بد من أن يسبقه حل، لكن الحكومة عجزت عن وضع الحل قبل أن تصدر القرارات.

وأوضح أن استمرار عمل "التوك توك" بهذه الطريقة يعد همجية وغطرسة من المسئولين، واختفاء لدولة القانون بسبب علمها بخطورة ما يعانيه المواطن من ظروف معيشية صعبة.

وفي السياق ذاته، قال حامد محمود المرسي، أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد وعميد كليه التجاره بجامعة السويس، إن "التوك توك" مأساة حقيقية.
وأبدى المرسي إعجابه بهذا القرار؛ نظرا لانتشار "التوك توك" بطريقة ضخمة، وتسببه في ارتكاب العديد من جرائم السرقة والاغتصاب والخطف والقتل.

وأكد رئيس قسم الاقتصاد بجامعة السويس، أنه لا شك أن "التوك توك" ساهم بشكل كبير في حل مشكلة البطالة، بالإضافة إلى التيسير على بعض المواطنين من كبار السن في المواصلات، لكن تسبب في مشاكل كبيرة أخرى، مشيرا إلى أنه زاد عن الحد في الفترة الماضية، وكان لا بد من وقفاستيراده، وما يوجد في الدولة يكفي لأداء الغرض.

ولفت المرسي، إلى أنه في حالة الموافقة على الدستور القادم، فمصر مقبلة على طفرة اقتصادية هائلة في جميع الجوانب، وهناك مشروع توليد الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية على مساحة 100 فدان، فهذا يكفى ليسع أبناء الوطن العربي كله ليس أبناء مصر فقط، مشيرا إلى أن مشكلة البطالة تكمن في الشباب المصري، حيث يوجد هناك العديد من المصانع لم تجد من يحركها، بل يلجأ الشباب إلى استيراد أردأ أنواع السلع الصينية وبيعها في مصر؛ مما يساعد على تدمير الاقتصاد المصري لصالح الاقتصاد الصيني.

أضاف، على الرغم مما قدمه "التوك توك" كعلاج مسكن لمشكلة البطالة، إلا أنه استخدم في عمليات إجرامية كثيرة، وبالتالي أصبح ضرره أكبر من نفعه، مشيرا إلى قول الله تعالى: " يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما". وهذا يعني من كان ضرره أكبر من نفعه، فيجب منعه.

ومن جانبه، قال اللواء أحمد هشام الدين مدير الإدارة العامة لمرور القاهرة، إن القرر سليم 100%؛ حيث أنه غير مرخص ومعظم السائقين صغار السن لم يتجاوزوا السن القانوني 18 عام، كذلك لا يحمل رخصة للقيادة، مضيفا أن هناك عيوب تقنية في صناعة "التوك توك" مما يجعله وسيلة مواصلات غير آمنة، وقوة الدفع ضعيفة، ويسير في الشوارع بطريقة غير منتظمة.

أوضح هشام الدين، أن هذا القرار تأخر كثيرا، مشيرا إلى أن الدولة كانت تنظر إلى عدة مآلات في هذا الأمر، منها وضع رخصة لـ"التوك توك"، بالإضافة إلى أن الدولة رأت أنه ساعد كثيرا في الحد من أزمة البطالة، مضيفا أن الدولة نجحت في البداية لعمل تراخيص لـ"التوك" بالتعاون بين المحافظ والمرور، لكنها فشلت في النهاية في السيطرة على ذلك.

أضاف، أن "التوك توك" أصبح في الفترة الأخيرة أداة في يد المجرمين والخارجين عن القانون؛ لتنفيذ أغراضهم الإجرامية عن طريق حمل آلات حادة كالسكين والمطواه، وتهديد المواطنين، فضلا عن دوره في حالات الاغتصاب.

وأكد مدير الإدارة العامة بمرور القاهرة، أن الدولة ستسعى في الفترة القادمة لتنفيذ هذا القرار ووقف استيراده، وتحديد خط سيره، من خلال منعه من السير على الطرق العامة والشوارع الرئيسية وأعلى الكباري، ويظل عمله مقتصرا على الحارات والمناطق النائية، ثم بعد ذلك وقف استيراد قطع غيار "التوك توك" لمنع وجوده بالتدريج.

وأكد هشام الدين، أن هذا القرار سيساعد بشكل كبير في حل مشكلة الازحام المروري، وتحقيق سيولة مرورية.