"الصحة" تعطي الضوء الأخضر ليزداد ملوك الأدوية ثراءً والفقراء مرضًا

  • 77


لم تستجب الحكومة المصرية لمطالب التدخل لمحاولة ضبط سوق الأدوية التي لا ينتهي الحديث عن المشاكل التي تملؤها في مصر، وعندما آن للمسؤولين وقف نزيف دماء المصريين لتصب في جيوب أصحاب شركات الأدوية؛ قرروا زيادة ما في جرح "الغلابة" من دماء وما في جيب الأثرياء من أموال؛ فقد قرر وزير الصحة الدكتور أحمد عماد زيادة أسعار الدواء تحت 30 جنيهًا بنسبة 20%، ثم ما لبثت الوزارة أن تراجعت عن جزء من قراراها نتيجة السخط الكبير الذي جلبه القرار، فقررت استثناء أدوية الأورام ومشتقات الدم.


تأتي قرارات الوزير رغم أن سوق الدواء يشهد اختفاء العديد من العقاقير المهمة التي تعالج أمراض خطيرة على رأسها "إندوكسان" الذي يستخدم علاجا أساسيا لمرضى الأورام، بالإضافة إلى حقن الصبغات، بجانب عقارات القلب والضغط.


ووصف الدكتور على عوف، رئيس شعبة تجارة الأدوية، قرار وزير الصحة بتحريك أسعار الدواء بالخاطئ، وعلى الوزارة التراجع عنه لأن المرضى الفقراء وحدهم يتحملون تبعات القرار المجحف - بحسب وصفه - وأنه رغم ثبات أسعار الأدوية وعدم تحريكها منذ فترة طويلة، لكن هذا لا يبرر الزيادة الكبيرة التي أعلن عنها وزير الصحة، فالدولة تنعش اقتصادها على حساب الطبقات الكادحة.


وأشار إلى أنه رغم أن الوزارة قررت استثناء أدوية الأورام ومشتقات الدم لكن أدوية أخرى لا تزال في قائمة الارتفاع لا تقل أهمية عن هذين الصنفين، وهما حقنة "آر إتش" مثلًا التي تعطى للمرأة بعد الولادة لتفادي حصول تشوهات لها ولجنينها، وغيرها من الأدية المهمة جدا.
مضيفًا" ما يجب أن ندركه الآن هو أزمة الأدوية بشكل عام، وتعود أزمة اختفاء بعض الأدوية من السوق لأسباب عدة أبرزها ارتفاع سعر الدولار الذي تجاوز 12 جنيها؛ ما ضاعف أسعار المادة الخام التي نستورد نحو 95% منها، بالإضافة إلى انتشار مافيا الأدوية وانتعاش السوق السوداء، ليفاجأ المريض بكارثة زيادة أسعار الأدوية بنسبة تجاوزت المعلن 20%، لتصل في بعض الأدوية إلى 200%، بحجة أن شركات الأدوية تخسر، لكن في النهاية من يتحمل تبعات الأمر، المرضى الفقراء بالطبع".


وقال الدكتور محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، إنهم فوجئوا بأن الأصناف التي سترفع سعرها بنسبة 20% تمس شرائح أصحاب المعاشات والأمراض المزمنة الذين سيدفعون أضعاف ثمن الأدوية التي يستخدمونها، موضحا أن 72% من الـ 13 ألف نوع دواء مسجل بالصيدليات سيزيد سعرهم.


ووصف فؤاد – في بيان مهم له - قرار رفع أسعار الأدوية بـ "الحكومة تضع يدها في جيب المواطن"، مؤكدا أن القرار جاء تلبية لرغبات شركات الأدوية من أجل حل أزماتها، لكنه يرى أن الحل يبدأ من إقرار قانون التأمين الصحي، وإعادة هيكلة الشركات القابضة، ومحاسبة الشركات التي ترفض إنتاج الأدوية، لافتا إلى وجود نحو 600 مليون نوع من الأدوية منتهية الصلاحية بالصيدليات، يجب على الحكومة أن تلزم الشركات التي رفعت الأسعار بإزالة هذه الأدوية بدلا من فرض زيادات على الأسعار، حفاظا على حياة المواطنين.


وأشار إلى أن زيادة أسعار الدواء على الإطلاق دون التفرقة بين أنواع الأدوية، يرجع لسياسة الجزر المنعزلة التي تسير عليها الحكومة دون أخذ آراء المتخصصين حول تبعات القرار.


متابعا: أن رفع أسعار الدواء مطلقا سيحدث خللا الفترة المقبلة؛ باحتكار الشركات للدواء انتظارا لرفع أسعاره من أجل تحقيق مكاسب.
يذكر أن جريدة "الفتح" تناولت في أكثر من مرة وبفنون صحفية عدة (حوار، وتقرير، وتحقيق) قضية الأدوية ومشاكل الشركات وتعامل الدولة مع الأزمة منذ بدايتها.