مرضى "الهيموفيليا" يواجهون شبح الموت

  • 77

38 ألف مريض في مصر طبقا لآخر إحصائية رسمية.. وتكاليف علاج الفرد قد تصل إلى 250 ألف جنيه
خبراء: يندرج ضمن الأمراض الوراثية.. ويجب على الحكومة إعطاء أولوية الإنفاق للدواء



تحقيق - عماد إسماعيل وعلاء أبورية

يبدو أن أبعاد وآثار تصاعد أزمة الدولار السلبية لن تقف عند الجانب الاقتصادي وحسب، بل امتدت إلى القطاع الصحي، فقد أكدت تقارير صحية أن هناك أزمة حادة يتعرض لها مرضى "الهيموفيليا" أو "الناعور" على خلفية عجز الحكومة عن توفير الاعتمادات الدولارية اللازمة لاستيراد الأدوية الخاصة بهذا المرض.

طالب بعض خبراء الصحة الأثرياء بتحمل مسئولياتهم الاجتماعية بمساعدة هؤلاء المرضى عبر توفير الأموال اللازمة لاستيراد الأدوية المناسبة، كما طالبوا بتوجيه أموال الزكاة لنفس الهدف. وشددوا علي ضرورة التحرك السريع من قبل الحكومة لتوفير العلاج اللازم لهذه الشريحة، مؤكدين أن الحق في الحياة وتلقي الدواء يأتي على رأس الأولويات، محذرين من أن الإهمال فى علاج هذا المرض يؤدى للإصابة بأمراض أخرى.

قال الدكتور علاء غنام -مدير برنامج الحق فى الصحة فى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية-: إن "الهيموفيليا" أو "الناعور" مرض وراثى يعنى نقص عامل تخثر "تجلط" الدم، مما يعطل التوقف التلقائى للنزيف الداخلى أو الظاهرى حال إصابة حامل ذلك المرض بجرح؛ الأمر الذي يؤدي إلى تعرضه لنزيف شديد، لذلك فإن مرض الهيموفيليا من أخطر الأمراض التي يتعرض لها الإنسان خاصة الأطفال، ومن ثم يجب أن يحصل المرضى على رعاية واهتمام فائقين من الدولة لصعوبة توفر أكياس الدم من ناحية، ولارتفاع تكاليف العلاج التي قد تصل إلى 250 ألف جنيه لكل مريض من ناحية أخرى، علاوة على أن الأسرة التي يوجد بها مريض بالهيموفيليا تعاني رحلة عذاب تبدأ من طفولة المريض؛ فيعامل معاملة حساسة خاصة أن أي حركة للطفل المصاب تصيبه بنزيف حاد، وبالتالي يكون الطفل محروم من ممارسة حياته الطبيعية حتي يبلغ مراحل متقدمة من العمر باتخاذ نفس الاحتياطات، مضيفا أن هذا المرض له 3 أنواع هي: "A وB وC" ويعتبر النوعان " AوB" الأكثر شيوعا بين مرضى الهيموفيليا فى مصر.

وأضاف: أن آلية تخثر الدم "تجلطه" ترتبط بـ13 عامل تجلط توجد فى جينات الإنسان العادى، وعند تغيب العاملين "8 و9" يصبح حامل المجموعة الجينية الناقصة مريضا بمرض النزيف "الهيموفيليا"، ولذلك يندرج هذا المرض ضمن الأمراض الوراثية، حيث يصاب به الابن عن طريق أمه الحاملة للمرض الذى ترثه عن أبيها، دون أن تظهر عليها هى أعراض، مشيرا إلى أن 50% من الإناث فقط تحمل الجينات المسببة لهذا المرض، لذلك لا تظهر عليهن أعراضه، وإنما تظهر على أبنائهن الذكور.

وشدد غنام على ضرورة تحمل الأثرياء في مصر الذين كونوا ثرواتهم من خيرات هذا البلد على حسب وصفه بتحمل مسئولياتهم الاجتماعية تجاه هؤلاء المرضى؛ في ظل عجز الدولة عن توفير الأموال اللازمة لاستيراد الأدوية المناسبة لهذا المرض؛ في ظل الظروف الراهنة بتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لاستيراد الأدوية المتعلقة بهذا المرض.

واختتم كلامه مطالبا باستخدام أموال الزكاة في توفير احتياجات المرضى من الأدوية المناسبة لهذا المرض، كأحد مصارف هذه الأموال.
وأكد محمد البهي -نائب رئيس غرفة الدواء باتحاد الصناعات- أن رئيسي الاتحاد والغرفة طالبا البنك المركزي المصري بتوفير الاعتمادات الدولارية اللازمة لاستيراد الأدوية، خاصة المتعلقة بمرض "الهيموفيليا" حتى لو وصل سعر الدولار في السوق المصري إلى 100 جنيه، مضيفا أن هناك أولويات تقدم على أخرى، موضحا أن الحق في الحياة وتلقي الدواء يقدم على ما سواه من الأولويات.

وأضاف الدكتور محمد عز العرب -رئيس وحدة أورام الكبد بمعهد الكبد والمستشار الطبى للمركز المصرى للحق فى الدواء- أن مرضى الهيموفيليا يحتاجون إلى جرعات متكررة من عقار "الفاكتور" غير المتوافر نظرا لتوقف البنوك عن توفير اعتمادات لصرف الدولار؛ فالعلاج يستورد من الخارج ، ومن ثم توقفت الشركات عن الاستيراد بسبب عدم فتح اعتمادات بالصرف لها، ولم تقم الحكومة بالتصرف نحو ذلك، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى تعرض هؤلاء المرضى لكارثة قد تودي بحياة الكثير منهم لعدم توافر "الفاكتو"، الخاص بالعلاج وحقن "الهيمجلوبين"، مؤكدا اختفاء الأدوية الخاصة بعلاج هذا المرض خاصة داخل التأمين الصحى؛ الباب الوحيد أمام توفير الدواء لهؤلاء المرضي، فهيئة التأمين الصحى وحدها المختصة بعلاج "الهيموفيليا "، وهي التي تصرف حقن فاكسون 8 عبر هذه الهيئة، مشيرا إلى أن تكلفة علاج "فاكتور" تصل شهريا إلى أكثر من 5000 جنيه. وحذر من الإهمال فى علاج هذا المرض يؤدى لإصابة مريض الهيموفيليا بأمراض أخرى مما يضاعف معاناته، منها التشوهات والإعاقة، فضلا عن الوفاة، مطالبا المسئولين بسرعة التحرك لانقاذ آلاف المرضى الذين يصل عددهم طبقا لآخر إحصائية رسمية إلى 38 ألف مريض.

وأوضح تامر محمد -نائب رئيس جمعية أصدقاء مرضى النزف- أن مرضى الهيموفيليا فى مصر يعانون من زيادة معدل الإصابة بالإعاقات المختلفة، نتيجة عدم توافر العلاج اللازم لديهم بصورة عاجلة، مضيفا أن نقص العلاج أدى إلى إصابة نحو 20% من المرضى بإعاقة شديدة تحول المريض إلى شخص قعيد، أما النسبة للباقية منهم فيصابون بإعاقات متنوعة فى أنحاء الجسد، فضلا عن إصابة نحو 80% من المرضى بفيروس C وB نتيجة نقل مشتقات الدم الملوثة من بنوك الدم الحكومية لعدم توفير حقن معاملات التجلط المباشرة المعروفة باسم "فاكتور 8 و 9"، وهو العرف المتبع في علاج هذا المرض المزمن في أغلب دول العالم الآن، ومن ثم فإن بعض المرضى يحجمون عن العلاج بالبلازما أو الكرايو خوفا من تعرضهم للإصابة بالأمراض الفيروسية التي قد تنتقل عن طريق الدم وخاصة الفيروس الكبدي سي.

وطالب نائب رئيس جمعية أصدقاء مرضى النزف، المسئولين بتوفير حقن المعاملات الناقصة للتجلط الفاكتور 8 و 9 لدرجة أمانها العالية جدا والمفلترة فلترة عالية، كما طالبهم بتسهيل إجراءات الإفراج عن الأدوية الواردة كمعونة من خلال برامج الدعم الدولية.