وول ستريت جورنال: جيش تركيا يحاول استعادة نفوذه وأردغان يهمش خصومه

  • 53
أرشيفية

بعد 13 عاما من التهميش الممنهج خلال فترة تواجد رجب طيب أردوغان على رأس السياسة التركية، يعمل الجيش التركى على استعادة نفوذه مجددا، فى وقت يهمش فيه الرئيس التركى دور خصومه السياسيين.

هذا ما طالعتنا به صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، فى مستهل تقرير أوردته على موقعها الإلكترونى اليوم الإثنين، والتى ذكرت خلاله أن الجيش التركى الذى أطاح بأربع حكومات مدنية من السلطة منذ عام 1960، يظهر من جديد كعامل محورى مهم جنبا إلى جنب مع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الذى لطالما نظر إلى الجيش كخصم خطير محتمل.

وأشارت الصحيفة إلى أن تحركات أردوغان لتهميش معارضيه السياسيين - وهو ما وضح فى إجباره لرئيس الوزراء التركى أحمد داود أوغلو على ترك منصبه هذا الشهر وسط صراع على السلطة - مهدت الطريق أمام جنرالات تركيا للعب دور كبير فى بلورة محاولات أردوغان الرامية إلى بسط نفوذه العالمى.

ولفتت إلى أن الجنرالات الأتراك يحاولون تهدئة إندفاع أردوغان نحو إرسال قوات إلى سوريا، وإدارة حملة عسكرية مثيرة للجدل ضد المتمردين الأكراد وحماية علاقات تركيا مع حلفائها الغربيين الذين ينظرون إلى الرئيس التركى بعين الريبة، فمن خلال الابتعاد عن السياسة، عاد الجنرالات الأتراك مجددا إلى الظهور كلاعب رئيسى فى القرارات الأمنية الوطنية.

ونقلت الصحيفة عن متين جوركان - وهو ضابط عسكرى تركى سابق ومحلل أمنى حالى - قوله "إن الجيش التركى هو العميل الوحيد الذى يريد الضغط على المكابح وعمل فحص ومراجعة ضد أردوغان".

وقال مسؤولون أتراك سابقون وحلفاء لأردوغان إنه حينما ناقش أردوغان العام الماضى إرسال قوات تركية إلى سوريا لإقامة منطقة آمنة للفارين من القتال، أعرب القادة العسكريون عن تحفظاتهم القوية، والتى ساعدت على وضع الفكرة على قائمة الانتظار.

وعاد النقاش مجددا الأسبوع الماضى حينما هدد أردوغان بإرسال قوات تركية إلى سوريا لإنهاء أسابيع من الهجمات الصاروخية لداعش على مدينة حدودية تركية.. وقال حلفاء لأردوغان ومسؤولون أمريكيون إن إرسال عدد كبير من القوات المقاتلة إلى سوريا لا يزال من الصعب تقبله لدى الجيش، فإذا كان على تركيا التصرف بدون دعم من الولايات المتحدة وحلفائها الآخرين من حلف شمال الأطلسى (ناتو)، فإن الجيش التركى يخشى على جنوده من تعرضهم لقصف طائرات روسية، كما يخشى من مواجهة إدانة دولية.

ووفقا لأشخاص مطلعين على الأمر، فإن استعادة الجيش التركى لنفوذه، أحيت مخاوف لدى القصر الرئاسى؛ بأن الجنرالات قد يحاولون الإطاحة بأردوغان - الذى يعد شخصية استقطابية والذى أثارت حملته واسعة النطاق ضد المعارضة المحلية قلقا لدى العواصم الغربية - حسبما ذكرت الصحيفة.

ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن وجود " تكهنات حول وجود انقلاب عسكرى ذروته فى أواخر شهر مارس الماضى عندما أشارت تقارير إعلامية تركية إلى أن إدارة أوباما كانت تسعى للإطاحة بأردوغان، وأدت هذه الشائعات إلى تبادل مقتضب فى وزارة الخارجية، حيث سأل مراسل تركى المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربى ما إذا كانت الولايات المتحدة تعمل على إسقاط أردوغان ؟". فكان جواب كيربي: "هل نحن فى محاولة لقلب نظام الحكم فى تركيا؟.. هل هذا سؤالك؟.. إنه ادعاء سخيف واتهام لن أشرّفه بالإجابة عليه".

وأوضحت الصحيفة أنه وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر، فإن رد كيربى لم يقدم شيئا يذكر لإخماد هذه التكهنات، وهو ما دفع حلفاء أردوغان للتساؤل بشكل خاص حول ما إذا كانت الولايات المتحدة لديها خطة سرية للإطاحة بالرئيس. وبعد ذلك بيومين - عندما كان أردوغان فى واشنطن - أصدر الجيش التركى بيانا غير عادى رفض تكهنات "لا أساس لها" عن انقلاب.

ورأى كثيرون البيان على أنه دليل واضح على أن جنرالات تركيا كانت تحاول تجنب الظهور كما لو أنها جيل جديد من المتآمرين لإحداث الانقلاب - وهى تهم أرسلت مئات من ضباط الجيش إلى السجن تحت حكم أردوغان. وألمحت الصحيفة إلى أنه لم يكن هذا هو الحال عندما حقق السيد أردوغان وحزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي، فوزا حاسما فى الانتخابات البرلمانية عام 2002، فصعوده وجه ضربة للنخبة العلمانية والعسكرية التى كانت تسيطر على الدولة ذات الأغلبية المسلمة.

وأعادت "وول ستريت جورنال" إلى الأذهان ما حدث فى عام 2007، حيث هدد الجيش بالتدخل فى نزاع سياسى حول تعيين المؤسس المشارك لحزب العدالة والتنمية عبد الله جول ليكون رئيسا، وبعد ذلك بعام، قال محققون أتراك إنهم كشفوا مؤامرة انقلاب تبلغ من العمر خمس سنوات قادها جنود وأكاديميون وسياسيون. وألقى القبض على المئات وتم إرسالهم إلى السجن.