"المجتمعات العمرانية" تجُرف محاصيل الفلاحين قبل حصادها بأيام

  • 97

متضرري عزبة خورشيد يشكلون جبهة من الفلاحين والأهالي ضد الهيئة

الفلاحون: ليس لدينا ما نخاف عليه بعد أن يفقدونا المأوى ومصدر رزقنا

الهيئة: تضم أراضي الفقراء المستصلحة، وتتفادى مساحات جرداء بسبب يفط اللواءات والمستشارين

الدولة: تحصل رسوم سنوية وفواتير الكهرياء والمياه، ثم تدعي إنهم متعدين!

تكشف قصة فلاحي وأهالي عزبة خورشيد، التابعة لقرية "طما فيوم" بإهناسيا بني سويف، عن حقيقة أن الفقراء والضعفاء هم دائماً الرقم الذي تضحي به الدولة، في عشوائية معادلاتها وقسوة مختطاتها، التي لا تهدف إلا لخدمة المستثمرين، أو صناعة مجد سياسي لهذا النظام أو ذاك المسئول، الحدث ليس الأول من نوعه؛ فما تعرض له فلاحي قرية "طما" وما يهدد أهالي عزبة خورشيد، من إزالة للزراعات وتشريد من المنازل وقطع الأرزاق، هو في سياق ممارسات فجة لا تترد الدولة في إتباعها كل يوم، في مواجهة فقراء المدن ومعدومي الريف.

يتسائل الفلاحون؛ كيف تدعي الدولة العمل علي مشاريع وهمية مثل إستصلاح مليون فدان، بينما تزيل ما بادر المواطنون من زراعته واستصلاحه، من مساحات صحراوية حولوها بشق الأنفس، وبرغم ضيق اليد إلى جنة خضراء، بعد أن تحولوا من قوة معطلة إلى قوة منتجة، بعد أن تخلت الدولة عن دورها في توفير فرص عمل، وأصبحت تلك المساحات هي مصدر رزقهم، والوسيلة الوحيدة لاستطاعتهم استكمال الحياة، والحائل بينهم وبين التشرد أو الإنجراف في طريق لا يحمد عقباه!!.

وعلى الرغم من أن القانون يعطي الحق، لمن قام باستصلاح مساحة من الأراضي الصحراوية بتقنين وضعه، وتملك الأرض، وهو الأمر الذي بنائاً عليه قامت هيئة أملأك الدولة بتحصيل رسوم سنوية من المزارعين، وطلبت منهم الاستمرار حتي إثبات الجدية وصدق نواياهم، ومن ناحية أخرى قامتا شركتي ومياه الشرب بتوصيل خدماتهما للمنازل، ويقومان بتحصيل فواتير شهرية منهم.

جمعت الدولة رسوم وأموال من الفلاحين والأهالي، ورغم إنهم لم يجنوا بعد ثمار مجهودهم وعرقهم، فوجئوا هؤلاء الكادحين بقرارات هيئة "التدمير والتشريد" التعمير والاسكان، الذي أقر تجريف أراضيهم بقتل زراعاتهم، وتدمير شبكة الري، وكذلك هدم منازلهم، بدعوى وجودها داخل كردون مشروعها المزعوم "مدينة الفيوم الجديدة"، على الرغم من أن المنطقة تقع ضمن كردون محافظة بني سويف، والمدينة الجديدة تخص محافظة الفيوم، ليس هذا وفقط؛ بل أيضاً هناك مساحات واسعة من الأراضي الجرداء تحد الكردون المزعوم من الاتجاهات الثلاثة الأخرى، وكل ما يمنعهم عنها هو يفطة تخص اللواء فُلان والمستشار علان! غير معلوم كيف حصلوا عليها، أو ما هو مصيرها؟! لم يقم أياً منهم بدقة فاس واحدة، ولا عمل أياً منهم على نبت ولا عود أخضر واحد، وفي الأغلب محتفظين بها يغرض تسقيعها، وإضافة الملأيين جراء بيعها بعد ذلك! إختارت الهيئة أفقر المزارعين بالمنطقة، وصاحب أصغر مساحة، وقامت بتجريف زراعته، غير مباليين بحق الفلاح يحصد نتيجة عرقه وعرق أبنائة على مدى دورة زراعية كاملة، رغم عدم بقاء سوى أيام قليلة على عملية جمع المحصول، دون سابق انذار وبأسلوب انتقامي فج، ولم ترحم لجنة التجريف توسلآت الفلاح، ومطالبته لهم بمنحه فرصة حتى جمع محصوله، حتى يتمكن من الوفاء بدفع بعض ديونه التي استدانها ليتمكن من زراعة الأرض.

ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بتدمير شبكة الري التي أنشائها بعرقه على مدى سنوات، وإدخر فيها حصيلة عمله لسنوات في إحدى دول الخليج، وكان من الواضح انهم كانوا يريدون أن يرسلوا لجميع المستفيدين من الأراضي أو المنازل رسالة رعب.

وكانت هجمة لجنة التدمير مباغتة لكأفة المزارعين، ولكنها لم تحقق ما رغبوا فيه، بل إنها كشفت لهم عن أهمية تضامنهم معاً، فعزموا على أن يقوموا مجتمعيين بزراعة المساحة المجرفة، في مشهد ببعث لهم برسالة قوية، تؤكد إنهم لن يسمحوا بحصول ذلك مرة أخرى، عازمين على عدم ترك أراضيهم ولا مساكنهم مهما كانت العواقب، موضحين إنهم لا يملكون مصدر للرزق ولا مأوى للمعيشة، سوى تلك الأراضي، وإن حياتهم ستنتهي بإنتهاء علاقتهم بهذه الأراضي، ولذلك ليس أمامهم سوى المقاومة، والوقوف في وجه من يحاول أن يفقدهم حياتهم. حيث قرر المزارعون وأهالي القرية المجاورة، التاكتف والوقوف يدا بيد وإستعمال كل الوسائل المشروعة، في الدفاع عن حقهم في الحياة والعمل اللائق، مطلقين حملتهم ضد هذا العبث وداعين كل أصحاب الضمائر للتضامن معهم.